بغض النظر عن الخلافات المصرية - الإسرائيلية في شأن ملف عملية السلام، تخضع العلاقة بين الطرفين لتجربة جديدة الأربعاء المقبل، موعد مطالعة النيابة العامة المصرية في قضية تجسس لمصلحة الدولة العبرية، متهم فيها مصري وروسي يحاكمان أمام محكمة أمن الدولة. ويتوقع أن تكشف النيابة معلومات تتعلق بنشاط جهاز الاستخبارات الاسرائيلي موساد في اوروبا. أفادت مصادر مصرية مطلعة أن نيابة امن الدولة ستكشف في مطالعتها في قضية "التجسس لحساب إسرائيل" المتهم فيها المصري شريف فوزي الفيلالي الذي يحاكم حضورياً والروسي غريغوري جينفنسي غيابيا تفاصيل عن نشاطات إسرائيلية معادية لمصر ومعلومات عن جهود جهاز الاستخبارات الإسرائيلي موساد لتجنيد عملاء مصريين من المقيمين والمترددين على الدول الاوروبية. وتعقد محكمة امن الدولة العليا جلسة الأربعاء المقبل تخصص للاستماع الى مطالعة النيابة في القضية. وستكون الجلسة أول محك في ملف التجسس بين البلدين بعد تسلم ارييل شارون رئاسة الحكومة في إسرائيل. وقالت المصادر ل"الحياة" ان النيابة تعكف حالياً على اعداد المرافعات ودرس تقارير مهمة وردت اليها من جهاز الاستخبارات العامة عن القضية، بعدما رفضت المحكمة طلباً قدمه الدفاع لسماع شهادة مسؤولي الاستخبارات. واشارت المصادر الى أن بعض التقارير تتعلق بنشاط "موساد" في اسبانيا وألمانيا حيث تم تجنيد المتهم المصري وتتضمن معلومات عن محاولات لتجنيد مصريين آخرين. ووجهت النيابة الى المتهم االمصري تهمة "التخابر مع دولة اجنبية بقصد الاضرار بالمصالح القومية للبلاد"، والى الروسي تهمة "الاشتراك بطريق الاتفاق مع المتهم الاول في ارتكاب جريمة التخابر". وشمل قرار الاتهام الذي اعده المستشار هشام بدوي المحامي العام لنيابة امن الدولة العليا قيام الفيلالي "بالتخابر مع من يعملون لمصلحة دولة اجنبية بقصد الاضرار بالمصالح القومية للبلاد بأن اتفق مع المتهم الثاني غريغوري جينفسي واخرين في الخارج على التعاون معهم لصالح المخابرات الإسرائيلية موساد. كما قام بمد المتهم الثاني بمعلومات سياسية واقتصادية وعسكرية بقصد الاضرار بمصالح البلاد القومية. وقد حصل المتهم الاول في سبيل ذلك على خمسة الاف دولار اميركي بقصد ارتكاب اعمال ضارة بالمصالح القومية للبلاد لصالح المخابرات الإسرائيلية". ووجهت النيابة الى المتهم الثاني "الاشتراك بطريق الاتفاق مع المتهم الاول في جريمة التخابر وتقديم مبلغ الرشوة الدولية له بقصد ارتكاب عمل ضار للمصالح القومية للبلاد". وكان توقيت الاعلان عن القضية ملفتاً، إذ اعتادت السلطات المصرية اخضاع اعلان مثل هذه القضايا لاعتبارات سياسية. إذ كُشفت وقائع القضية بعد ايام قليلة من قرار اصدره الرئيس حسني مبارك بسحب السفير المصري لدى إسرائيل محمد بسيوني احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة. وكانت القاهرة اعلنت عشية المؤتمر الاقتصادي الثالث للشرق الاوسط وشمال افريقيا الذي عقد في القاهرة العام 1996 قضية تجسس اخرى اتهم فيها المصري عماد اسماعيل والإسرائيلي عزام عزام، وصدرت فيها الاحكام في العام التالي بالاشغال الشاقة المؤبدة للمتهم الاول والاشغال الشاقة لمدة 10 سنوات للثاني. وفشلت إسرائيل في اطلاق عزام، على رغم تدخل دول عدة في مقدمها الولاياتالمتحدة. وكانت قوات الامن المصرية اقتحمت منزل الفيلالي في 27 ايلول سبتمبر الماضي وعثر رجال الامن داخل المنزل على اجهزة ومعدات تستخدم في التخابر واعمال التجسس. واتضح ان المتهم المصري كان غادر البلاد الى اسبانيا العام 1990 بهدف الدراسة. وتعرف على سيدة المانية تدعى ارينا، عرفته لاحقاً على عميل في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي موساد. وتم تجنيده وتدريبه وتعليمه اللغة العبربة. ووفقاً لملف القضية، حاول الفيلالي الحصول على معلومات عن مناطق عسكرية مصرية وتصويرها ومعرفة طرق تدريب الوحدات المصرية ونوعية الاسلحة المستخدمة فيها وتوزيعها في البلاد، وعن مشاريع اقتصادية، بينها مشروع توشكى. كما قدم المتهم الاول معلومات وتقارير للمتهم الثاني تتعلق بالنشاط السياحي خصوصاً في سيناء والغردقة ومرسى علم وعدد الافواج المترددة على هذه المناطق والمناطق السياحية المزمع فتحها أمام المستثمرين. وذكرت المصادر أن النيابة ستكشف ملابسات اقدام المتهم على الاتصال بالسفارة المصرية في مدريد للسؤال عن مدى قانونية اقدامه على الاتجار بالاسلحة، مشيرة الي ان هدفه كان التعاون مع جهاز استخبارات لدولة اخرى وامداده بمعلومات تؤثر على الامن القومي المصري.