يثير ما انجزه ادوارد سعيد في حقل تفكيك الاستشراق، وما كتبه الغرب عن الشرق والعالم الثالث بعامة، الكثير من النقاش في المؤسسة الأكاديمية الأوروبية والأميركية، وكذلك في الصحافة والإعلام، وذلك بسبب ما حققه نقد سعيد لخطاب الغرب عن نفسه، وعن الآخرين، من تشققات في طبيعة نظرة الغرب الى نفسه وكذلك الى الآخر، بغض النظر عمن يكون هذا الآخر. وعلى رغم ان كتاب "الاستشراق" يوصف بأنه عمل "خارق" مهد السبيل لظهور عدد كبير من الكتب التي تبعته وركزت على تفحص أشكال الخطاب الغربي وتقنيات هذا الخطاب وطبيعة عمله وتصوره لشعوب العالم الثالث، إلا ان تأثير ادوارد سعيد يتجاوز كثيراً هذا الإطار الحصري لعمل "الاستشراق" الى حقول أبعد ومن ضمنها: علم الجغرافيا، والدراسات الأنثروبولوجية، وتاريخ الفن، ونظرية ما بعد الاستعمار، ودراسات خطاب ما بعد الاستعمار، والنظرية الثقافية. لعل هذا التأثير المتعدد الذي يمارسه عمل ادوارد سعيد هو السبب الفعلي الذي يجعله خلال السنوات الأخيرة هدفاً للتحليل والقراءة في الصحافة والإعلام وفي الكتابات الأكاديمية. وهو الذي يدفع دور النشر الكبرى الى اصدار الكتب عنه في قرابة كتاب في الشهر خلال العامين الأخيرين. لكن هذه الكتب التي تتناول سيرة سعيد الفكرية والثقافية، وكذلك الذاتية والسياسية، لا تحمل في معظمها نظرة "تبجيلية" الى عمله، بل انها في الحقيقة تتضمن موقفاً نقدياً يحاول ان يفكك رؤية ادوارد سعيد النقدية ويحيل التعارضات التي تسكن عمله الى سيرته الشخصية وموقعه في المؤسسة الأكاديمية الأميركية وطبيعة نظرته كمثقف الى نفسه ودوره ورسالته. في هذا السياق يمكن النظر الى كتاب فاليري كنيدي "ادوارد سعيد: مقدمة نقدية"، الصادر أخيراً عن دار نشر بوليتي برس Polity Press، والذي يقرأ منجز سعيد في حقل تحليل الخطاب والنظرية النقدية وخطاب ما بعد الاستعمار بعين موضوعية لا تغفل الطبيعة الاستثنائية لكتاباته لكنها في الوقت نفسه تحاول ان تشير الى النقص الذي يعتري عمله والتعميمات التي يطلقها وقوعه أحياناً في شبكة الخطاب الغربي الذي يوجه له نقداً عنيفاً سواء في "الاستشراق" أو "الثقافة والامبريالية" أو كتاباته عن فلسطين والإسلام والإعلام الغربي. تقسم كنيدي كتابها الى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة. وهي تتناول في المقدمة أهمية ادوارد سعيد كشخصية خلافية في الثقافة الغربية، تثير الكثير من الجدل والآراء الحليفة والمعارضة. وتصف كتاباته النقدية الأولى عن جوزيف كونراد وتشكل البذور الأولى لتصور سعيد لمعنى النقد ووظيفته وضرورة الوعي النقدي في صفته ترياقاً يشفي من النظريات ما بعد البنيوية التي يرى انها "تدعو الى عدم التدخل" وتنأى بنفسها عن نقد خطاب السلطة والدعوة الى المقاومة. وتتضمن المقدمة كذلك نقداً لعمل صاحب "الاستشراق" الذي لا يلتفت الى عامل الجنس Gender في كتاباته ويهمل كتابات المرأة بعامة ويكثر من الاستشهاد بالأدب الغربي المحافظ الذي انتجه كتاب ممن ينتقدهم في كتاباته ويتهمهم بالتواطؤ مع الإمبراطورية والقبول ضمناً بما دعا اليه خطاب الاستعمار. ثم تكرر كنيدي، سواء في المقدمة أو على مدار صفحات كتابها الباقية، ان سعيد على رغم رغبته في جعل المهمشين يتكلمون فهو يشيح ببصره، في معظم الأحيان، عن أصوات النساء سواء في "الاستشراق" أو في "بعد السماء الأخيرة: حيوات فلسطينية". وتستغرب المؤلفة اهمال ادوارد سعيد النساء الفلسطينيات في تأملاته في حياة الفلسطينيين أو عدم تحليله كتابات الرحالة من النساء الغربيات الى الشرق مما كان سيغير كثيراً من نظرة "الاستشراق" الى الخطاب الاستشراقي الذي لم يكن يتمتع بتلك الطبيعة المتجانسة التي يوحي بها تحليل سعيد. وتعيد كنيدي هذا الإهمال الى تربية ادوارد سعيد في المجتمع الفلسطيني، وذهابه في زمن طفولته وصباه الى مدارس بريطانية وأميركية مخصصة للنخب الاقتصادية والثقافية، وعيشه في مجتمع أبوي لا يقيم وزناً كبيراً لحضور النساء ودورهن. "ادوارد سعيد: مقدمة نقدية"، ص 6 - 7. الفصل الأول من كتاب كنيدي يركز على كتاب "الاستشراق" 1976 ويلخص مقولاته ويشير الى المواضع التي يبدو فيها عمل سعيد اشكالياً غير متجانس، مشقوقاً بالكثير من التعارضات. وتشن المؤلفة نقدها ل"الاستشراق" بسبب استعمال صاحبه مناهج غير متجانسة. بل انها في الحقيقة متعارضة في صيغ تحليلها وغاياتها. يستعمل سعيد في كتابه منهج ميشال فوكو في تحليل الخطاب وعلاقة أشكال التمثيل بالسلطة ومفهوم أنطونيو غرامشي الخاص بالسلطة والهيمنة، ويمزج ذلك بالإشارة الى التقليد الفلسفي الغربي الإنسانوي، الذي تمقته مدارس ما بعد البنيوية بعامة. وتبدو هذه المناهج والتصورات متعارضة لا تلتقي حول غايات محددة ولا تمتلك تصوراً مشتركاً عن المسائل الأساسية في شأن تعريف السلطة أو مفهوم التمثيل أو صيغ تفاعل القوة والمعرفة ص: 24 - 25. ومن هنا فإن علاقة سعيد بفوكو متغيرة غير ثابتة. فهو على رغم نهله من عمل فوكو واعتباره مصدراً منهجياً أساسياً، لا غنى عنه، يزوده بتعريفه للخطاب ويدله على أشكال تموضع السلطة في الخطاب. إلا ان سعيد يبدو متشككاً في ما يتعلق بفهم فوكو للسلطة. ويرى ان هذا الفهم يقود الى العطالة السياسية وعدم المشاركة وخصوصاً ان فوكو لا يؤمن ان النظرية والتحليل يؤديان الى أي فعل. ان منهجية فوكو في تحليل علاقات القوة والمعرفة تعمل على فضح صيغ التوتاليتارية وأنظمة الاستبداد وأشكال عملها في الفكر والمؤسسات، لكن ذلك لا يقود الى اية مقاومة، ولا يحفز على وضع برنامج عمل. لكن تأثير فوكو على "الاستشراق" يظل عميقاً حتى انه يقود الى عدد من المواقف المتناقضة في تحليل ادوارد سعيد لموضوع الاستشراق: ومن بين هذه المواقف ان سعيد يذكر في اكثر من موضع في الكتاب انه لا علاقة بين خطاب الاستشراق والواقع الذي يزعم انه يصفه. وهذا يعني، بحسب كنيدي، ان النصوص، وليس مؤلفوها، هي التي تبتدع واقعاً بدلاً من ان تعكسه بصورة صحيحة أو حتى من منظور موارب ص: 28. ينطلق النقد السابق للمنظور الذي يقدمه ادوارد سعيد لخطاب الاستشراق من قراءة مغلوطة لكتاب "الاستشراق"، إذ ان سعيد ليس معنياً بتقديم قراءة مقارنة لصورة الشرق في أعين المستشرقين وصورته الحقيقية في الأزمنة التي صورتها الكتابات الاستشراقية. انه معني بتحليل الأنظمة الداخلية للخطاب الاستشراقي: كيف تشكّل هذا الخطاب، وكيف يعمل بنوع من الآلية الداخلية، وما هي غاياته وطرق اتصاله بالسلطة التي تستعمله. وهذا التحليل مدين بقوة لعمل ميشال فوكو، على رغم افتراق السبيل بين فوكو وسعيد من حيث فهمهما المختلف لغايات تحليل الخطاب والفوائد التي نجنيها من عملنا على الخطابات في أشكالها المختلفة. ولا يخفي سعيد غاية مشروعه في "الاستشراق" إذ يعلن انه مهتم بالنصوص الاستشراقية بوصفها "تمثيلات للشرق". وهو لذلك غير معني بصحة هذه التمثيلات أو عدم صحتها. ومن هنا فإن تكرار الكلام على فشل سعيد في رؤية التعدد في الكتابات الاستشراقية، وتصوره ان هذه الكتابات ذات طبيعة متجانسة ص: 29، يخطئ مرة ثانية في ادراك الموضوع الجوهري الذي بحثه "الاستشراق" والغاية التي وضع الكتاب من أجلها. تنتقل المؤلفة بعد مناقشتها المستفيضة لكتاب "الاستشراق" الى التركيز على انشغال ادوارد سعيد بالقضية الفلسطينية محاولة موضعة كتاباته، عن فلسطين واسرائيل والشرق الأوسط والولايات المتحدة، في سياق تطلعه لايجاد صيغة بديلة للخطاب الاستشراقي، صيغة تأخذ في الحسبان الشروط المادية والسياسية الملحة" وهو ما يتصل بصورة جذرية بتصور ادوارد سعيد لدور المثقف ووظيفته الدنيوية ومشاركته السياسية في ما يدور حوله. ويمكن ان نعتبر كتبه التي أنجزها بعد "الاستشراق"، "القضية الفلسطينية" 1979 و"تغطية الإسلام" 1981 و"بعد السماء الأخيرة" 1986 و"لوم الضحايا" 1988 و"سياسات السلب" 1994، تطويراً لاطروحاته التي بلورها في كتابه السابق، ملتفتاً هذه المرة الى موضوع الخطاب لا الخطاب نفسه. لكن البديل الذي يعرضه وهو يتضمن تصوراً للهوية ينفي الثبات عنها ويمتدح هُجنتها وتكونها من عناصر متعددة متعارضة في أحيان كثيرة يبدو، بحسب كنيدي، رؤيوياً أكثر منه حقيقياً. وترجع المؤلفة مثالية موقف سعيد، ومن ضمن ذلك مطالبته بدولة علمانية تضم الفلسطينيين والإسرائيليين، الى التعارض بين كونه فلسطينياً وأميركياً في الوقت نفسه، والى دوره الاجتماعي وموقعه الأكاديمي" الى كونه "داخل" الأشياء و"خارجها" مما يولد تعارضات حادة بين موقفه والموقع الذي يشغله بالنسبة لفلسطين وأميركا والمؤسسة الأكاديمية، والفكر الغربي، الخ. وهي أمور أظن، على عكس ما تقوله كنيدي، انها أغنت منجز ادوارد سعيد وصلّبت مواقفه أكثر من ان تكون افقرت هذا المنجز أو أضعفت صوته كمدافع عن القضية الفلسطينية في الثقافة والإعلام الغربيين. الثقافة والامبريالية الفصل الثالث من كتاب فاليري كنيدي يركز على كتاب سعيد "الثقافة والامبريالية" 1993 الذي يعتبره سعيد نفسه "تتمة" ل"الاستشراق"، بينما تعتبره المؤلفة "تتويجاً" لعمل سعيد في السنوات التي تلت ظهور "الاستشراق". فهو في "الثقافة والإمبريالية" يربط كتاباته عن فلسطين والشرق الأوسط وتأملاته حول دور المثقف ووظيفته بنقده للثقافة الغربية وأشكال الهيمنة الغربية على العالم غير الغربي ص: 81. لكنه يتحدث كذلك عن ثقافة المقاومة مقترحاً صيغة جديدة من صيغ القراءة يسميها "القراءة الطباقية" Contrapuntal Reading. وما يعنيه سعيد بالقراءة الطباقية هو "اعادة قراءة الأرشيف الثقافي" للمستعمِر والمستعمَر شاملين في بحثنا الخطاب المهيمن والخطاب الواقع تحت ثقل الهيمنة. وهو يقترح، كما يفعل في مواضع عدة من كتابه، أن نقرأ "أوبرا عايدة" لفيردي وأعمال ألبير كامو استناداً الى التاريخ الاستعماري، وأن نقرأ جين أوستن بمصاحبة فرانز فانون واميلكار كابرال، كأن تشمل القراءة الطباقية الإمبريالية والمقاومة في الوقت نفسه. يمكن ان نعيد تصورات سعيد السابقة، في ما يتعلق بمنهجية القراءة، الى فكرته الأساسية عن هجنة الثقافات واختلاط هويتها، وهجومه المستمر على الرؤية المحافظة التي تغلف الهوية بادعاءات جوهرانية حتى لتفصل البشر عن بعضهم بسيف بتّار. ولعل تعريف الهوية، والثقافات من ثمّ، بأنها متغيرة غير ثابتة هو ما يعطي كتابه "الثقافة والإمبريالية" قوة دفعه وأصالته وذهابه بعيداً في مشروعه الثقافي والشخصي بصفته مقيماً "بين الثقافات" وعلى حدودها المشتركة. لكن كنيدي ترى في تطبيقات سعيد تحيزاً واضحاً للنصوص الغربية إذ يفرد مساحات واسعة لتحليل عدد من الأعمال التي كتبها كتّاب غربيون ذكور ممن يتواطأ عملهم مع الاستعمار وينضح بمواقف وتوجهات امبريالية، وذلك في الوقت الذي يعطي مساحات محدودة للأصوات الأدبية التي تنتمي للعالم الثالث حارماً هذه الأصوات من الظهور بصورة تحقق رغبته في جعل المحرومين من تمثيل أنفسهم يتكلمون لكي يسمعوا ص: 99 - 100. للتمثيل على ذلك تشير كنيدي ان رواية "قلب الظلام" لجوزيف كونراد تستأثر بعشرين من صفحات "الثقافة والإمبريالية" فيما يكتب سعيد عدداً من السطور فقط عن عملي الطيب صالح ونغوجي واثيونغو لدى مقارنتهما برواية كونراد ص: 101. لعلنا نجد العذر لإدوارد سعيد، في تركيزه على الأعمال الغربية الكبرى والتفاته العارض للأعمال التي وضعها كتّاب من العالم الثالث، في كون موضوع الكتاب هو الثقافة والإمبريالية حيث يحاول سعيد ان يحلل فكرة الإمبراطورية، والتوسع والامتداد الجغرافي للأمبريالية الغربية في آسيا وافريقيا، واتصال الحضور الإمبريالي بالثقافة وكونه جزءاً مشكلاً لمعنى الثقافة الغربية في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين. وبهذا المعنى فإن نقد فاليري كنيدي لكتاب "الثقافة والإمبريالية" يفقد الأرضية الصلبة التي تظن المؤلفة انها ترتكز اليها، تماماً كما فعلت عندما اتهمت كتاب "الاستشراق" بأنه يهمل أصوات الرحالة من النساء الغربيات اللواتي زرن الشرق وكتبن عنه بصورة متعاطفة وواقعية على عكس ما فعله الخطاب الاستشراقي للمؤلفين الذكور الذين ركز عليهم سعيد في كتابه. ليست غاية "الثقافة والإمبريالية" هي تقديم قراءة متوازنة لما كتبه كتّاب الغرب عن العالم الثالث وما كتبه كتّاب العالم الثالث عن بلادهم. وليست القراءة الطباقية، التي يقترحها سعيد، سوى مقترح يعرضه للتخفيف من فائض التحيز الذي يغمر الكتابات الغربية عن العالم الثالث. لكن هذه القراءة المقارنة، بالمعنى الواسع والعميق لفعل المقارنة، ليست هي موضوع "الثقافة والإمبريالية"، كما ان كتاب "الاستشراق" لم يكن معنياً بتقديم قراءة مصححة للخطاب الاستشراقي. الفصل الرابع والأخير من كتاب فاليري كنيدي يناقش علاقة ادوارد سعيد بما يسمى "دراسات ما بعد الاستعمار"، وهو حقل من البحث يجمع ألواناً متعددة من التحليل وأشكال الدراسة، على ان ما يجمعها هو اهتمامها بالماضي الاستعماري وعلاقته بالحاضر ما بعد الاستعماري. وقد اعتبر كتاب "الاستشراق" فاتحة لهذا النوع من الدراسات ومحرضاً لعدد كبير من الباحثين الذين ينتمون الى دول العالم الثالث، ويقيم كثيرون منهم في الغرب ويدرسون في جامعاته، لكي يحللوا الخطاب الاستعماري ويقيموا صلة بين ماضي بلدانهم الاستعماري وحاضرهم الذي ترك فيه الاستعمار شروخاً عميقة. لكن كنيدي تشير الى ان سعيد اثر في هذا الحقل من حقول الدراسة، لا من خلال "الاستشراق" فقط، بل من خلال عدد من المفاهيم الأساسية التي تخللت عمله وألهمته في دراساته وكتبه الأخرى، مثل "العالم والنص والناقد" و"الثقافة والإمبريالية". ويمكن ان نذكر من هذه المفاهيم: تصوره ل"دنيوية" النصوص، والحاحه على "النقد العلماني" في مقابل ما يسميه "النقد الديني"، وحديثه عن "النظرية المرتحلة"، وابتداعه لمصطلح "الجغرافيا التخيلية"، ومفهومه لتعالق تواريخ البشر وتشابك تجاربهم. وأخيراً دعوته للتخلي عما يسميه "سياسات اللوم" للدخول في نوع من القراءة الطباقية التي اقترحها في "الثقافة والإمبريالية" ص: 115. كل ذلك ساعد، اضافة الى تحليل التمثيلات الأدبية والسياسية وللتعارض بين المركز الامبريالي والمحيط الكولونيالي، في تعريف حدود دراسات ما بعد الاستعمار، والهام الكثيرين ممن ينضوون تحت مظلة هذا النوع من الدراسات ليواصلوا البحث في ما لم يتسع وقت ادوارد سعيد لبحثه أو توسيع حدوده مما يتصل بنظرية تحليل الخطاب الاستعماري أو خطاب ما بعد الاستعمار.