حذر رئيس اتحاد غرف التجارة السورية الدكتور راتب الشلاح من انعكاسات قرار الحكومة اللبنانية خفض الرسوم الجمركية على الاقتصاد السوري، لافتاً الى ان القرار عجّل درس خفض الرسوم الجمركية في سورية بحيث صارت الصورة "شبه مكتملة". وكان الشلاح يتحدث الى "الحياة" في مقر غرفة تجارة دمشق في منطقة الحريقة مقر التجار والصناعيين. وقال: "ان قرار الحكومة اللبنانية إلغاء الرسوم الجمركية على المواد الاولية المستوردة ادى الى الاسراع في درس تعديل الرسوم في سورية، خصوصاً ان الفرق الكبير بين الرسوم المعتمدة في البلدين سيؤدي الى كلفة انتاج اقل بكثيرفي لبنان ما يعني وجود منافسة غير سليمة في ما يتعلق بالصناعات السورية، اضافة الى هجرة هذه الصناعات وتوطينها في لبنان مع زيادة عمليات التهريب عبر الحدود وخلق مخالفات في استعمال شهادة المنشأ". واضاف ان الحكومة السورية تدرس منذ فترة امكانية تعديل الرسوم الجمركية بما يتماشى مع توجهها وتعهدها بالمشاركة في منطقة التجارة الحرة العربية، وان كان القرار الللبناني سرع هذه الدراسة التي اصبحت شبه مكتملة لاعتماد نظام جديد لاساس التسعيرة الجمركية بالنسبة لسعر الدولار وللشروط الاخرى المنظمة لعملية الاستيراد الخاصة بالمواد الاولية ومستلزمات الانتاج. وكانت لجنة مختلطة من غرفة صناعة دمشق والجمارك ووزارة الصناعة اعدت دراسة لخفض الرسوم الجمركية المفروضة على نحو مئة مادة اولية تدخل في الصناعة السورية الى واحد في المئة وتوحيد سعر الدولار الجمركي ب46 ليرة سورية حسب ما هو مقرر لتوحيد اسعار الصرف. واوضح ان "اللجنة الوزارية العليا تدرس إلغاء جميع التكاليف الاضافية على الاستيراد مثل الرسم الموحد" الذي يعتبره التجار والصناعيون السوريون عبئاً اضافياً مع الرسم الجمركي على المادة المستوردة. واشار الشلاح، الذي انتخب قبل سنوات في منصبه خلفاً لوالده الحاج بدر الدين الشلاح، الى ان "الرسوم الجديدة ستأخذ في الاعتبارالفرق بين سعر دولار الجمركي" ذلك ان المواد المستوردة تعتمد اسعاراً عدة للدولار الجمركي وهي لبعض المواد 11 ليرة ولاخرى23 ولثالثة 46، ما يعني ان خفض الرسم الى حدود واحد في المئة يكون في الواقع 4 في المئة بالنسبة للاسعار السابقة. يُذكر ان قانون الرسم الموحد يقضي بان تحل ضريبة موحدة على البضائع المستوردة وهي: رسم مرفأ، ورسم مدارس، ورسم استهلاك، ورسم نقل بحري، ورسم ترخيص طلبات استيراد، ورسم احصاء، اضافة الى الرسم الجمركي بحيث تدفع المادة المستوردة المعفاة من الرسم 6 في المئة رسماً موحداً وعندما يرتفع الرسم الجمركي فإن نسبة الرسم الموحد ترتفع من 11 في المئة الى 33 في المئة من قيمة السلعة او المادة الاولية. وقال الشلاح، الذي يشارك في عدد من اللجان الحكومية لعكس مصالح القطاع الخاص، ان من جملة الامور التي يجب تعديلها ايضا العمولات التي تأخذها المؤسسات العامة وتؤخر عملية الاستيراد والتصدير اضافة الى موضوع الربط ما بين الاستيراد والتصدير، وكان الهدف هو احتفاظ سورية بالعملات الاجنبية لدفع الديون، او اغلاق فواتير المواد المدعومة من الدولة، ورغبة الحكومة في ان لا تتفوق الاستيرادات على قدرة سورية للمحافظة على ثبات العملة اما اليوم فلم تعد هذه الامور ضرورية والعملة السورية في حالة ثبات واستقرار. وحافظت العملة السورية، حسب الشلاح، على ثباتها في الاعوام العشرة الماضية "نتيجة قوة الاقتصاد وليس بسبب القوانين الرادعة التي تنظم عملية التعامل"، مشيراً الى ان قرار الحكومة تعديل القانون 24 افقد القدرة على التنفيذ ولم يعد لوجوده اي مبرر لكنه يستعمل حتى الآن كذريعة للابتعاد عن الاستثمار في سورية ويعتبره الآخرون سيفاً مسلطاً قد يستخدم في اية لحظة. وعن تأخر صدور قرار التعديل الرسم الجمركي، اشار الشلاح الى ان "مهمة تعديل الرسوم تتضمن الكثير من التعقيدات والتناقضات التي تعيق الوصول الى اتفاق يرضي جميع الاطراف، منها ان هذه التدابير تشكل نقصاً كبيراً في موارد الدولة لذلك من المنتظر ان تعارض وزارة المال القرار الا اذا وجدت بدائل للموارد من مصادر اخرى، والعقبة الاخرى هي ان اعادة النظر بالتعرفة الجمركية يجب ان يضع في اولوياتها المشاريع التي تصنع مواد مدخلات الانتاج". ورأى رئيس اتحاد غرف التجارة ان السماح بتأسيس المصارف الخاصة وسوق الاوراق المالية سيساعد على "استكمال المناخ الاستثماري"، لافتاً الى "ان قانون الاستثمار رقم 10 وتعديلاته لم يف بالغرض ذلك انه لم يستكمل الافتراضات والشروط الضرورية لنجاحه نجاحاً كاملاً، فالاستثمار يتطلب تمويلاً سواء عن طريق شراء اسهم او عن طريق قروض مصرفية، ومن الضروري ان يكون اهل البلد هم الاوائل والقاعدة للاستثمار". وذكر الشلاح ان مشروع تأسيس سوق الاوراق المالية المقترح سيكون بإدارة اتحاد غرف تجارة دمشق وان دور الحكومة "هو التنظيم والمراقبة والمحاسبة لذلك فالحكومة هي المسؤولة عن النظام بكامله لكن الادارة يجب ان تكون مستقلة حتى لا تكون خاضعة للروتين، ودخول الافراد قد يؤدي الى بعض المشاكل لذلك نجد ان اتحاد غرف التجارة قادر على ادارة السوق عبر هيئة مستقلة بصورة اكثر فاعلية".