أعلن وزير الخارجية الاميركي كولن باول في مستهل جولته الأولى على المنطقة العربية، انه جاء "لإجراء مشاورات مع قادتها وليس لإصدار أوامر". ويسعى باول من خلال هذا النوع من التصريحات، الى امتصاص حال القلق في المنطقة، بسبب اصراره على التركيز على موضوع العراق، على رغم تحديده ثلاثة شروط لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية. راحع ص2 و3 في غضون ذلك، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية امس ان الولاياتالمتحدة وبريطانيا قررتا رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق مع ابقاء العقوبات العسكرية وتشديد الضغط العسكري. وقالت ل"الحياة" ان الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير اتفقا على اتخاذ هذه الخطوة خلال لقائهما اول من امس في منتجع كامب ديفيد، وذلك بهدف احتواء الضغوط السياسية الداخلية والخارجية المتفاقمة نتيجة استمرار معاناة الشعب العراقي ولتفادي احتمال انهيار كامل للعقوبات. واوضحت المصادر ان الرئيس الاميركي كلف باول ابلاغ الدول التي سيزورها خلال جولته بالقرار الاميركي - البريطاني. وذكرت ان واشنطن ولندن قررتا "فصل العقوبات الاقتصادية عن العسكرية مع مواصلة سياسة عزل النظام العراقي سياسياً وتشديد الرقابة العسكرية عليه في المرحلة المقبلة". ووصل وزير الخارجية الاميركي الى اسرائيل مساء امس، وهي المحطة الثانية في جولته، بعدما زار القاهرة والتقى وزير خارجية روسيا ايغور ايفانوف، وأجرى محادثات مع الرئيس حسني مبارك. والتقى باول ليل امس ايهود باراك رئيس وزراء اسرائيل المنتهية ولايته، وسيجتمع اليوم مع ارييل شارون رئيس الوزراء المنتخب، ثم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وكان باول ابلغ الصحافيين الذين يرافقونه في جولته، انه يأمل بالتوصل الى توافق اقليمي حيال اعادة تنشيط العقوبات المفروضة على العراق والتوصل الى سبل أفضل لاحتواء هذا البلد. وأوضح انه "لن يدع الشق التفاوضي بالنسبة للعقوبات يطغى على ما نحن على استعداد للقيام به على الصعيد العسكري، واذا كان ذلك يجعل مهمتي أكثر صعوبة، حسناً، فالأمور تسير هكذا". ويسعى باول من خلال هذا الطرح الى التفريق ما بين العقوبات الاقتصادية والضربات العسكرية للعراق، ويبدو انه مستعد لمساومة يوافق فيها على تخفيف أو رفع العقوبات الاقتصادية بناء على طلب بعض الاطراف العربية، مقابل نيل موافقتهم على مواصلة الضربات العسكرية للعراق، وربما بوتيرة أقوى. وقال باول: "علينا ان نعيد النظر فيما نقوم به، لأن هناك اعتقاداً، على الأقل في بعض المجتمعات العربية، بأننا نؤذي شعب العراق ولا نضر بالنظام". واعترف بأن الانتقادات العربية وغير العربية للغارات على العراق هي بمثابة مطرقة تضرب على رأس الولاياتالمتحدة، وقال ان المشاورات مع العرب ربما تؤدي في نهاية المطاف الى تعديل العقوبات "حتى يمكننا ان نزيل هذه المطرقة التي تستخدم ضدنا، على افتراض اننا نضر الشعب العراقي". ودفع باول في جولته موضوع الصراع العربي - الاسرائيلي الى مؤخرة جدول اعماله، وقال ان هذا الصراع له أهمية ثانية بالنسبة الى الولاياتالمتحدة، وأوضح ان "المهم هو ضمان ان تكون جميع أفعالنا، سواء كانت متعلقة بالاممالمتحدة، أو بما نفعله إزاء ما يحدث في اسرائيل وغزة والضفة الغربية، وكل انشطتنا الاقليمية، مترابطة معاً في اطار اقليمي، حتى يمكننا جميعاً ان نركز على العراق". ووضع ما يشبه الشروط الثلاثة لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، وقال ان الولاياتالمتحدة تسعى الى: تقليص مستوى العنف بين الاسرائيليين والفلسطينيين واستئناف التعاون الأمني بين الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية، وتخفيف الضغوط الاقتصادية على الفلسطينيين. وأضاف: "ستقوم الولاياتالمتحدة بدور نشط، سيتدخل الرئيس بوش، وسأتدخل، ولكن يجب ان تحدث بعض الأمور أولاً". وذكر ان المفاوضات ستستأنف بعد ان يشكل ارييل شارون حكومته، وبعد ان يتفق الجانبان على اسس لاستئنافها. باول - ايفانوف وكان باول بدأ نشاطه في القاهرة بلقاء مع وزير خارجية روسيا ايغور ايفانوف، ولوحظ ان مواقفه تجاه العراق ازدادت تصلباً مع بدء اللقاء والمحادثات، اذ طلب توجيه رسالة الى الرأي العام العربي قال فيها "ان سبب المشكلة هو الرئيس العراقي صدام حسين" واكد ان بلاده ستفعل كل ما في استطاعتها لمنعه من امتلاك اسلحة الدمار الشامل، واجباره على تنفيذ قرارات الاممالمتحدة، وختم قائلاً ان صدام حسين "لا يهدد الولاياتالمتحدة، وانما هذه المنطقة وأطفال مصر والكويت والسعودية". واجتمع باول بعد ذلك مع الرئيس مبارك، ثم تحدث في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية المصري عمرو موسى، مشيراً الى ان الرئيس جورج بوش طلب منه البدء بزيارة مصر كي يستمع الى نصائح مبارك. وأوضح انه ناقش مع الرئيس المصري "الوضع المتردي بين الفلسطينيين والاسرائيليين وتصاعد العنف الذي نشعر ازاءه بقلق". واكد ان "لمصر والولاياتالمتحدة علاقات عسكرية طويلة الأمد، قويت بزمالة في السلاح دفاعاً عن دولة عربية هي الكويت من عدوان". وزاد انه نقل دعوة من بوش لمبارك لزيارة واشنطن في 2 نيسان ابريل المقبل، وان مبارك قبلها. وقال موسى: "نتطلع الى العمل سوياً لاعادة عملية السلام الى مسارها والوصول الى سلام عادل وشامل ودائم بأسرع ما يمكن وإنهاء الوضع المأسوي في الأراضي المحتلة"، واكد ان الجهود ستتواصل لحل القضايا الاخرى بما يخدم استقرار المنطقة.