الجزائر - أ ف ب - عبّر جزائريون عن ذهولهم ازاء الاتهامات التي وجهها ضابط سابق، في كتاب نشر أخيراً في فرنسا، الى الجيش بارتكاب مجازر في حق المدنيين، ووصفوا تلك الاتهامات بانها خاطئة أو لا تستند الى أي أساس في معظمها. وأثار نشر كتاب "الحرب القذرة" في مطلع الشهر الجاري والذي الفه الملازم السابق في الجيش حبيب سوايدية، من جديد الجدل في شأن هوية مرتكبي المجازر التي تشهدها الجزائر منذ نحو عشر سنوات. ويؤكد الضابط السابق، في الكتاب، انه شارك في مجازر نفذت في اطار مكافحة الجماعات الاسلامية المسلحة. إلا انه، كما يلاحظ اشخاص عايشوا احداث العنف، يستشهد في غالب الاحيان بضباط آخرين توفوا أو لم يكشف هويتهم. ولقي الكتاب في الجزائر ردوداً حادة في اوساط المثقفين ورجال السياسة ولدى الصحافة المستقلة التي لا يمكن اتهامها بالتواطؤ مع السلطة او النظام العسكري. وتجمع هذه الاوساط على اعتبار اي اخطاء قد ارتكبها الجيش، خلال مكافحته الجماعات المسلحة، "تجاوزات"، ولا يمكن اتهامه بالتخطيط للمجازر. وتؤكد هذه الاوساط ان الجماعات المسلحة التي تسعى الى قيام جمهورية اسلامية في البلاد هي التي ارتكبت المجازر التي ما زالت مستمرة خصوصاً في الوسط الغربي في ولايتي المدية 80 كلم جنوب العاصمة وعين الدفلى 120 كلم غرب العاصمة. وذهب الكاتب الجزائري الذي ينشر باسم ياسمينة خضراء والذي كان نقيباً في الجيش لسنوات طويلة الى الاعراب عن "اشمئزازه" من هذا الكتاب. وقال مؤلف "بماذا يحلم الذئاب": "لقد رأينا اشياء لا توصف وفي امكاني ان اؤكد ان كل المجازر تحمل البصمة نفسها: انها من فعل الجماعات الاسلامية المسلحة". وأقر الكاتب باحتمال ان يكون بعض العسكريين الذين اغتيل افراد من عائلاتهم اتجه الى الانتقام بدافع شخصي، معتبراً مثل هذه الاعمال "فردية". وقال "ان الجيش لم يتحدث ابدا عن مشاكله الداخلية ولكنه لا يرحم". ودان الكاتب الجزائري رشيد بوجدرة المعروف بمواقفه المعادية للاسلاميين، "هذه التلاعبات الفاضحة". وتساءل لماذا لا ترد "الدولة الجزائرية" من أجل "الدفاع عن شرف الامة والجيش". ولفتت الصحف الى ان هذا الكتاب يُساهم في تبرئة ذمة الاسلاميين الذين استفادوا من العفو او من قانون الوئام المدني اللذين يؤديان الى النتيجة نفسها من اعمال العنف التي اسفرت منذ 1992 عن سقوط مئة الف قتيل بحسب المصادر الرسمية. وقال محمد بنشيكو مدير صحيفة "لو ماتان" المعروفة بانتقادها الشديد للسلطة ان كتاب "الحرب القذرة" "يبرىء" الاسلاميين ويجعل من الجيش "ابليساً". وتابع ان هذا الكتاب ما هو سوى "سلسلة من الحكايات المستندة غالباً الى إشاعات واحياناً الى اكاذيب" كما انه "دعوة مباشرة الى الصمت موجهة الى الجنرالات الجزائريين تحت طائلة ان يحل بهم ما حل بالصرب". واكد احد المحامين: "لو كان الجيش يرتكب مجازر لما كنا انتظرنا كل هذا الوقت لاكتشاف ذلك نظراً الى الضغينة والتنافس السائدين داخل النظام العسكري. ولكان أمر المجازر انفضح حتماً". وسجلت الصحف "اخطاء عديدة" في هذا الكتاب ولا سيما عندما يتحدث مؤلفه عن مجزرة طاولت نحو 12 مدنيا في قرية زعترية 30 كلم غرب العاصمة في آذار مارس 1993. وتوجه صحافي من وكالة "فرانس برس" الى هذه القرية حيث اكد له العديد من سكانها ان ثمانية اشخاص فقط قتلوا فيها منذ سنة 1993 من بينهم ثلاثة في نهاية 1993 على ايدي الجماعات الاسلامية.