القاهرة - الحياة - تدرس محكمة النقض المصرية، الاسبوع الجاري، مذكرة النيابة العامة المتعلقة بالطعن في الأحكام التي اصدرتها محكمة الجنايات في سوهاج في قضية "أحداث الكُشح الثانية"، فيما ساد الارتياح أوساط الأقباط المصريين الذين كانوا عارضوا الأحكام بشدة واعتبروها سياسية. أفادت مصادر مصرية مطلعة أن محكمة النقض ستبدأ اليوم البحث في الأسباب التي استندت إليها النيابة العامة في مذكرة الطعن في الأحكام التي اصدرتها في الخامس من الشهر الجاري، محكمة جنايات سوهاج برئاسة المستشار محمد عفيفي في قضية "أحداث الكُشح الثانية" التي ادت الى مقتل 20 قبطياً ومسلم واحد والتي اتهم فيها 96 شخصاً، بينهم 57 مسلماً و39 قبطياً، مشيرة إلى أن المحكمة ستقارن بين ما جاء في المذكرة وحيثيات الاحكام التي تضمنت براءة 92 شخصاً والاشغال الشاقة لمدد تراوح بين سنة وعشر سنوات في حق اربعة من المتهمين المسلمين. وأوضحت المصادر أنه في حال اقتناع محكمة النقض بسلامة الأسس القانونية التي استند إليها الطعن ستحيل ملف القضية إلى محكمة الاستئناف لتقوم بتشكيل احدى دوائر محكمة الجنايات يمثل المتهمون أمامها مجدداً. ورفضت المصادر توقع المدة التي سيتطلبها البت في الطعن، لافتة الى أن درس الملف وحيثيات الاحكام ومذكرة الطعن قد يستغرق بعض الوقت. ولقي تصرف النيابة ترحيباً بالغاً في أوساط الاقباط الذين كانوا انتقدوا الاحكام بشدة، وحذروا من أنها ستتسبب في كُشح ثالثة ورابعة مستقبلاً. واعتبر اسقف مدينة البليانة التي تتبعها كنائس الكُشح الانبا ويصا أن الطعن في الأحكام "إجراء عالج قصوراً بالغاً في إجراءات محاكمة المتهمين"، ورأى أن الإجراء "يعد رداً على ما جاء في كلمة القاضي رئيس محكمة الجنايات قبل النطق بالأحكام دان فيها سلوك ثلاثة من كهنة كنيسة سوهاج باعتبارهم حرضوا على الأحداث"، وقال ويصا ل"الحياة": "لم يكن مقبولاً إدانة كهنة الكنيسة، في حين أن عشرين قبطياً قتلوا في الاحداث. واعادة محاكمة المتهمين ومذكرة الطعن دليل على أن كل اجراءات المحكمة السابقة وقرارات هيئة المحكمة لوقائع القضية لم تكن سليمة". أما المفكر القبطي الدكتور ميلاد حنا فالتمس العذر للقاضي الذي اصدر احكام الكُشح، واعتبر أن "حسن النية كان وراء اعتقاد المحكمة بأن الاحكام المخففة كفيلة بتحقيق سلام اجتماعي في القرية"، وقال حنا ل "الحياة": "النائب العام صحح الأوضاع التي نتجت عن خطأ سياسي وقعت فيه المحكمة التي لم تدرك حجم عقدة الثأر لدى مواطني الصعيد". ولفت الى أن حيثيات الحكم التي تضمنت ادانة لكهنة الكنيسة "لم تكن متوازنة"، بل "كان يتعين على القاضي أن ينقد ايضاً سلوك المسلمين وأئمة المساجد الذين لم يساهموا في نزع فتيل الغضب لدى المواطنين، وكذلك أجهزة الشرطة الموجودة في القرية بكثافة ضمن أحداث العام 1998". واضاف: "ادركت الدولة أن الحكم لم يكن موفقاً وأن المصادقة عليه من دون نقض سيخلق انطباعاً بأن دماء الاقباط لم تعد لها دية وأن اهدار أرواح المواطنين الاقباط سيكون أمراً سهلاً. وتلك أمور لا تتحقق مع الاعتقاد الراسخ بأن مصر دولة مركزية الحكم ذات حضارة".