قبل ثلاثة أسابيع قرر شباب يمنيون في إذاعة صنعاء ومؤسسة خاصة لتقنية الكومبيوتر تكثيف جهودهم لبث برنامج إذاعي يحمل اسم مجلة الشباب في إذاعة صنعاء على الإنترنيت. التجربة كانت مثيرة للاهتمام في الأوساط الشبابية اليمنية وفي الخارج إذ أنها المرة الأولى التي يستطيع فيها برنامج الوصول الى قطاع واسع في اليمن من الجنسين في الداخل والخارج لتجسيد همومهم وتطلعاتهم والتعبير عن احلامهم. "الحياة" التقت أسرة الفريق برئاسة هاشم احمد شرف الدين معد ومقدم البرنامج. وتحدث هاشم شرف الدين نيابة عن زملائه عن الفكرة الأساسية للبرنامج وأهدافه بقوله: تقدمت قبل ثلاث سنوات ونصف الى إذاعة صنعاء التي أعمل فيها مذيعاً ومعداً ومقدماً للبرامج بمقترح لقيام برنامج ثقافي اجتماعي شبابي فئوي خاص بالشباب والفتيات في اليمن، حيث لم يكن الإعلام اليمني يفرد اي مساحة لهذه الشريحة الأهم في السكان وكان يقتصر على البرامج الرياضية فقط، ولكوني أحد الشباب تقدمت بهذا المقترح والتصور لأني كنت معنياً بذلك، فقضاياهم قضاياي وأفكارهم أفكاري وأحلامهم أحلامي وواقعهم واقعي، وتمت الموافقة على إعداد وتقديم البرنامج أسبوعياً لمدة 45 دقيقة للحلقة الواحدة، وها نحن اليوم نقدم الحلقة المئة والسبعين وعلى مدى ثلاث سنوات ونصف. وجاء هذا البرنامج ليحقق اهدافاً عدة وأهمها إيجاد مساحة إعلامية للشباب يمكن من خلالها التعريف بهم وبقدراتهم وإبراز مواهبهم وطرح وجهات نظرهم وأفكارهم تجاه الكثير من القضايا على الجهات المسؤولة، وحل مشكلاتهم، وقياس تطلعاتهم، وتكوين رأي عام شبابي موحد تجاه أمور معينة، وتوطيد صلتهم ببعض، وحمايتهم من الثقافات التدميرية المقبلة، ورعاية إبداعهم، وترسيخ المبادئ الديموقراطية، ودعوتهم الى مواكبة العصر والافادة من العلوم الحديثة والكومبيوتر واللغات. وكيف فكرتم في إدخال البرنامج على الإنترنت ومن ساعدكم؟ - كنت دائم السعي في تطوير وتحديث المجلة، سواء على صعيد الإعداد أو أسلوب التقديم والإخراج، وطبيعة البرنامج تستلزم ان يواكب كل جديد وأن يرتقي بمستوى الشباب اليمني الى مستويات أفضل، وبعد تحقيق النجاح الجماهيري للبرنامج من قبل الشريحة الشبابية في اليمن التي يشكل فيها الشباب غالبية سكانية بنسبة 51 في المئة، وبعد التفاعل الكبير الذي حظي به البرنامج داخلياً، فكرت ان أوسع جماهيرية البرنامج ليستوعب شباب العالم العربي وذلك من خلال موجة الإذاعة على القناة الفضائية اليمنية، وبالفعل تفاعل معنا بعض الشباب في الدول العربية المختلفة وتواصلوا معنا برسائلهم البريدية، غير أنه بدخول خدمات الإنترنت الى اليمن وانفتاح الشباب عليها راودني أنا وشابين مبدعين في مجال الكومبيوتر هما محمد وخالد عبدالسلام كرمان حلم كبير في أن يكون البرنامج بوابة ينطلق منها شباب اليمن الى العالم وأن يكون نافذة يطل منها شباب العالم على اليمن، وكذلك ان يكون بمقدور شباب اليمن المغتربين في دول المهجر التي لا يغطيها بث القمر عرب سات ان يستمعوا لصوت وطنهم بما احتواه برنامجنا من آراء وأفكار شبابية وأشعار وأغاني يمنية، وبدأنا بث المجلة عبر شبكة الإنترنت والموقع الذي تمتلكه مؤسسة رواسي لتقنية المعلومات التي يمتلكانها ويديرانها وهو الموقع المسمى بwww.rawasy.com وقمنا بإنجاز الفكرة وتطبيقها عملياً، وكان هذا الإنجاز هو الخطوة الأولى إذ أمكن الاستماع الى برنامج مجلة الشباب في اي وقت ومن اي مكان في العالم عبر شبكة الإنترنت. وكيف استقبل الشباب اليمني في الداخل والخارج البث عبر الإنترنت؟ - لقد كان الصدى كبيراً وغير متوقع، إذ قمنا في البداية بتسجيل الموقع في عدد من محركات البحث والمواقع العربية، وقمنا بإرسال رسالة مختصرة الى البريد الإلكتروني لعدد كبير من شباب اليمن في دول مختلفة نعرفهم بالموقع، ونطلب منهم الاستماع والمشاركة في البرنامج بإرسال الآراء والمساهمات المختلفة، ثم قمنا بدعوة شباب وفتيات الوطن في الداخل الى تحرير رسائل يوجهونها لأخواتهم وإخوانهم الشباب اليمنيين في الخارج عبر المجلة وشبكة الإنترنت وقاموا فعلاً بتوجيه تلك الرسائل أو النداءات بأصواتهم من كل المناطق اليمنية، فبعثوا تحياتهم إليهم وحثوهم على المضي قدماً في الافادة من الدراسات والعلوم الحديثة في الغرب وأوروبا، وقاموا بنقل صورة عن احوالهم ومستوياتهم الفكرية، وما وصلوا إليه ويطمحون الى تحقيقه، ودعوتهم الى العودة للوطن لبنائه وإعماره والإسهام في تنميته، كما أطلعوهم على حضارة بلدهم وتاريخه والأهمية السياحية والاقتصادية التي يتميز بها عن غيره من دول الشرق الأوسط والعالم، وطلبنا من شبابنا المغتربين الرد على تلك النداءات. وكانت المفاجأة عندما انهالت الرسائل عبر البريد الإلكتروني [email protected] من شباب الوطن الذين يعيشون في المهجر ولا يصلهم اي صوت إعلامي من بلدهم، وكانت رسائل مؤثرة أشادت بالإنجاز الكبير وعبرت عن فرحتهم. البعض قدم تحياته الى أهله ووطنه، وبعضهم قدّم مساهمات وآراء لنذيعها في المجلة، وبعضهم وعد بدعم هذا الجهد الشبابي الذاتي بكل إمكاناته، والكثير شكروا هذا الإنجاز ووعدوا بالتواصل، وطلب بعضهم الاستماع الى أغاني يمنية محددة في البرنامج. هل تذكرون اهم رسالة وصلت إليكم بعد بث البرنامج؟ - من أهم الرسائل التي وصلتنا هي رسالة الشاب اليمني المهندس غمدان الآنسي الذي يعمل حالياً مديراً لشركة سيرش العالمية للكومبيوتر في الولاياتالمتحدة، وهو الذي تمكن مع فريق عمل شبابي يمني من اختراع الجيل الثالث من محركات البحث على الإنترنت، والمعروف بالمحرك أو الباحث الصوتي الذي اعتبر من أهم اختراعات العام المنصرم وفي العالم وتحديداً في مجال خدمات الإنترنت. هموم شبابية ما أهم القضايا التي يثيرها شباب اليمن عبر البرنامج وما هي همومهم وتطلعاتهم؟ - القضايا التي يثيرها شباب اليمن في البرنامج كثيرة ومنها قضايا التعليم، إذ يعاني الشباب اليمني من تدهور وتدنٍ كبير في مستوى التعليم بجميع مراحله الأساسية والإعدادية والثانوية والجامعية، ويظهر ذلك في الكثرة المفزعة لعمليات الهروب من المدارس وعدم إكمال التعليم، هذا فضلاً عن ان عقلية الريف لا تزال عائقاً رئيسياً امام التحاق الفتاة اليمنية بالتعليم، فهناك نسبة كبيرة من فتيات اليمن لم يتعلمن ولا يتعلمن حالياً، ويضاف الى ذلك مشكلة عدم توافر مدارس خاصة بهن في الأرياف حيث أن طبيعة المجتمع اليمني لا تسمح بالدراسة المختلطة. وتبرز القضايا الاقتصادية والتي يعانيها المجتمع اليمني في شكل عام، لا سيما وأن الشباب في بلادنا اصبحوا العائل الرئيسي لأسرهم بعد عجز آبائهم والقيام بجميع أعباء الأسرة التي يكثر فيها الإنجاب وبالتالي تزيد الأعباء المالية، إلا انهم يواجهون مشكلة رئيسية تتمثل في عدم توافر فرص العمل لهم، مما أدى الى كساد خريجي الجامعات امام الوزارات. ولشح الأمطار يهجر شباب الأرياف قراهم الى المدن تاركين مهنة الزراعة ليصبحوا باعة متجولين لبعض الخضر أو الحبوب والفواكه. أما القضايا السياسية فتتمثل في عدم إشراك الشباب في عمليات صناعة القرار حيث يستبعدون تماماً، ولذلك تبرز بوضوح ظاهرة صراع الأجيال في اليمن، حيث يحتكر الجيل السابق "جيل الثوريين" كل الفرص والإمكانات. أما عن القضايا الثقافية والإعلامية فيكفي ان نعرف ان هذا البرنامج هو الوحيد الذي يهتم بالشباب ويخاطبهم من بين الوسائل الإعلامية اليمنية، لندرك مدى التقصير في حقهم، إذ لا توجد مساحة إعلامية تناسبهم وتستوعبهم وتنقل أفكارهم وآرائهم وهذه مشكلة كبيرة. وعلى الصعيد الثقافي لا توجد مكتبات عامة ولا يقدر الشباب على دفع قيمة الكتب التي يريدون شراءها، وهذا له أثره البالغ في ترك الكتاب والاستسلام للتلفزيون كمتلقين فقط وهو ما ينعكس على سلوكياتهم وثقافتهم. إذاعة للشباب وما هي أفكاركم لتطوير البرنامج مستقبلاً؟ - لا شك في أن طموحنا اكبر في المستقبل، وبعد بث البرنامج عبر شبكة الإنترنت سيكون جمهورنا اكبر والتواصل سيزيد، ولذا نقوم حالياً بالتحضير والتجهيز لإعداد وتقديم برنامج آخر الى جانب مجلة الشباب يكون منوعاً وموجهاً الى الأخوة والأصدقاء في العالم تبثه إذاعة صنعاء ونعيد بثه عبر موقعنا الحالي نفسه. أما خطوتي الأساسية والتي تبنيتها منذ 1998 والتي أصبحت الحاجة ماسة إليها الآن وهي انشاء إذاعة الشباب في الجمهورية اليمنية ليتسنى لهذه الإذاعة استيعاب شريحة الشباب في الداخل والخارج والتعبير عنهم وإبراز مواهبهم وآرائهم على غرار الإذاعات الشبابية في الدول الأخرى. كما أقوم ضمن فريق رواسي لتقنية المعلومات بالتحضير والتجهيز لعمل رائد جديد يتمثل في إصدار أول مجلة مقروءة ومسموعة في الوقت نفسه على شبكة الإنترنت، ويسهم في تحريرها الأصدقاء في مختلف دول العالم.