} يتوقع ان تنقل المدينة السياحية "ياسمين الحمامات" تونس الى مستوى المنتجعات الأوروبية الحديثة اذ انها لا تختلف بشيء عن ماربيلا أو كان، فهي تضم منشآت فندقية وتجارية ومراكز ترفيه ومارينا. وبعدما جرى استكمال انشاء 25 فندقاً جديداً، في السنوات الثلاث الاخيرة سعتها 5586 سريراً، تجري حاليا اقامة 18 فندقاً آخر سعتها 6800 سرير على أن ينتهي بناء 11 فندقاً منها قريباً، والباقي قبل نهاية السنة الجارية. قال احد المهندسين المشرفين على اقامة المدينة السياحية "للحياة": "اذا استمر العمل بالوتيرة الحالية سنصل الى استكمال 80 في المئة من المدينة الصيف المقبل". ويشمل مشروع "ياسمين الحمامات" انشاء 43 فندقاً من مستوى رفيع سعتها 25 الف سرير واربعة مجمعات للالعاب ومارينا ومدينة متكاملة على الطراز العربي، بمقاهيها التقليدية وشوارعها المتعرجة وقبابها وحماماتها التركية، اضافة الى مساحات خضراء فسيحة ستجعل من المنتجع الجديد احد اكثر المدن المتوسطية مطابقة للمواصفات البيئية العالمية. وفي وسط الميناء ستقام جزيرة صناعية تضم 19 فيلا فخمة. ويعتبر المنتجع امتداداً نحو الجنوب لمدينة الحمامات التاريخية التي صنعت مجد السياحة التونسية منذ الستينات. وهي قريبة من مطار العاصمة تونس الذي لا يبعد عنها سوى 60 كيلومتراً، لكن مطاراً ضخماً سيقام على بعد نحو 20 كيلومتراً فقط منها سيستكمل انشاؤه سنة 2004. واعطت الوحدات الفندقية التي اقيمت في المدينة السياحية الجديدة نتائج مشجعة على صعيد استقطاب السياح من جميع انحاء العالم. وفي هذا السياق يقول السيد سامي بوحواله مدير عام فندق "اوكسيدنتال حمامات" خمسة نجوم ان الاقبال لا ينقطع في جميع الفصول لا سيما من قبل السياح الاوروبيين وفي مقدمهم الالمان الذين يحجزون بواسطة وكالات السفر او مباشرة عن طريق موقع الفندق على شبكة انترنت". واشار الى ان المنتجع الجديد استطاع اجتذاب فئات جديدة اهمها التونسيون المغتربون الذي يعودون الى البلد صيفاً ويختارون الاقامة في فندق مع افراد اسرهم الذين حرموا من رؤيتهم طوال السنة. ورأى ان هذا التقليد الجديد يشكل عنصراً مهماً في تنشيط السياحة الداخلية وحتى الخارجية "لأن المغتربين يأتون معهم باصدقائهم الاجانب في احيان كثيرة". ومن العناصر المساهمة في استقطاب السياح الغربيين الى الحمامات توافر مدن العاب وكازينوهين فخمين فيها، أحدهما في فندق "اوكسيدنتال" الذي تملكه مجموعة "جنرال ميديتار انيان" وتديره مجموعة "كليوباترا" والثاني كانت تديره مجموعة "لوسيان باريار" لكنها تخلت عنه اخيرا لحساب مجموعة ايطالية. المقصد الاول واظهرت احصاءات وزارة السياحة التونسية ان منطقتي الحمامات ونابل تحتلان المرتبة الاولى بين الوجهات التي يقصدها السياح في تونس اذ استقطبتا نحو 300 الف سائح في فصل الصيف امضوا في فنادقهما اكثر من 2.6 مليون ليلة. ولعل ما حفز السياح الاوروبيين على زيارة الحمامات وشقيقتها نابل التي لا تبعد عنها سوى عشرة كيلومترات كونهما تقدمان للسائح أنواعاً مختلفة من التسلية ووسائل الترفيه. فالمولعون برياضة الغولف ينطلقون الى ملعب "سيتروس" الانيق حيث تغطي المساحات الخضراء الروابي والسهول، وهواة السياحة الثقافية يجدون في مدينة زغوان القريبة آثار الفنيقيين والرومان في الحمامات وقليبية يزورون قلعتين تركيتين حصينتين مطلتين على البحر المتوسط، فيما تشتمل نابل والحمامات اللتان عمرهما الاندلسيون. بعد تهجيرهم من شبه الجزيرة الايبرية في القرن السابع عشر، على اسواق كبيرة للمشغولات اليدوية تعكس عراقة فن السيراميك والفخار والنحت على الخشب والتطريز والمصنوعات الجلدية. الا ان السائح السويدي كارل هاين سيمونس قال "للحياة" ان اجمل مكان يستهويه في الحمامات هو المقهى العربي الملاصق للقلعة التركية حيث يجلس عصراً لاحتساء قهوة تركية مطلقاً بصره نحو الصيادين الذي يصلحون شباكهم على ساحل البحر، وامامهم زوارقهم الصغيرة الزرقاء والحمراء الراسية في الميناء. اما زميله الهولندي جون روهل فاجمل ما يجتذبه في الحمامات، التي زارها ثلاث مرات، هو بساتين الفواكه والبرتقال والليمون الحلو التي يشتري منها الثمار الطازجة وكثيراً ما يرفض الفلاحون احذ المال منه. ويقول مؤرخون ان كثيراً من الاشجار المثمرة في المنطقة اتى به الاندلسيون معهم من اسبانيا وتوفقوا في زراعتها لتشابه المناخ. في المساء تضاء الانوار الصفراء على طول الشوارع والجادات الممتدة على ساحل البحر، فيغادر السياح فنادقهم لتناول العشاء في مطاعم فاخرة او يقصدون الملاهي. ويطول السهر في فصلي الربيع والصيف، ثم يهدأ الجو مع بواكير الفجر فيؤوب السياح الى فنادقهم في ما يتهيأ اصحاب المحال التجارية في وسط المدينة لاستقبال يوم جديد.