عيد الحب، أو عيد العشاق، يومٌ مفعم بالحب الذي نفتعله، يوم يشبه فيه حبّنا حبّ كل الذين يحتفلون بحبهم. نفحة حبّ لا تدوم إلا يوماً واحداً أو ليلة واحدة، تعود من بعدها العلاقة بين الشخصين الى ما كانت عليه قبل الرابع عشر من شهر شباط فبراير. تعود الأمور الى عادتها، ويضيع الحب مجدداً في مشكلاته وفي زوايا الأيام التي تشبه بعضها. عيد العشاق، هو اليوم الذي يصبح فيه حبنا سبباً لنشتري الهدايا من المحال التي تكرّس واجهاتها لهدايا العشاق والتي تنحصر أهميتها بسعرها المرتفع أو لونها الأحمر. هدايا عيد العشاق ثمينة... فالحب الحقيقي، خصوصاً في يوم الحبّ، لا يكون مبتذلاً... صغيراً. وان كانت العلاقة بين شخصين قد أدت الى خلاف بينهما، فما من مناسبة أفضل للمصالحة من يوم عيد العشاق. هو اليوم الذي تبدو فيه المصالحة مضمونة للذي يقوم بالخطوة الأولى، والتجاوب يكون أكيداً من الطرف الآخر، كأنهما يستثنيان هذا اليوم عن بقية الأيام في العلاقة. فالحب خارج عن سيطرتهما، يفرضه أو يوحي به جوّ عيد العشاق، حبّ أقوى من الخلافات والعادة... قرآه وصدقاه. يتصرف العشاق في عيدهم كأنهم يخضعون لامتحان، لا ينجحون بتخطيه إلاّ إذا استطاعوا خلق جو من الرومانسية، يشبه القصص عن الحب وليس الحب الفعلي نفسه. يشترون الهدايا، ويقيمون عشاء مع شموع، في البيت أو في المطاعم، وبعضهم من يقضي الليلة في حفلة يحييها أحد المطربين ك"كلود بارزوتي" الذي يُعتبر صفقة تجارية ناجحة كونه يُعتبر صاحب الصوت والأغاني الرومانسية. بات عيداً تجارياً كما عيد الميلاد، فلا يمرّ من دون الهدايا والورود والسهرات المكلفة. كأن عيد العشاق موجود على الطاولات في المطاعم وفي الهدايا الغالية الثمن، وفي صوت بارزوتي أو غيره. فلا نجد طريقاً الى الاستغناء عن هذه التفاصيل، كيفما كانت حال العلاقة. كأن الهدايا وحفلات العشاء في الأيام الأخرى لا تحتوي على الكم نفسه من الحب والعطاء، أو حتى كأن الحب نفسه بين شخصين لا يكفي لتقديم الهدايا، فيكون التاريخ 14 شباط الحجة الأقوى، الكافية للانتباه الى الحبّ في العلاقة - الاحتفال به. أو كأن الحب كغيره من أنواع العلاقات بين البشر، يجب أن يكون عاماً، مطلقاً حتى نراه. فالمدينة كلها، أو العالم كله يجب أن يحتفل بالحب حتى يكون لحبنا معنى أو وجود. ونجاح سهرة العيد هذا لا تقرره حال الزوج الذي يقضيها، بل هو نجاح السهرة الذي تقرره الأحداث والمادة... فمن الصعب أن يقضي العشاق السهرة في البيوت، وحدهم، في هذا اليوم بالذات، كأن ذكرى هذا العيد يجب أن تقوم أيضاً على شهادة الآخرين، أو على قدرة الأشخاص على جعلها مختلفة، مملوءة بالأحداث وبالآخرين. ومن الصعب أيضاً أن يُفصل نجاح هذا العيد عن المادة فيه. فمن الصعب في أيامنا هذه أن يشعر المرء بالسعادة من دون أن يكون مدخل السعادة شيئاً ملموساً كالهدية التي لا غنى عنها في هذا العيد، كما في عيد الميلاد. غير ان الهدية في عيد الميلاد مثلاً هي السبب والغاية معاً انما في عيد العشاق، فهي أشبه بدليل على نجاح العلاقة، أو وجود الحب فيها. وحتى عندما لا يكرّس الزوجان أهمية مطلقة لعيد العشاق، فمن الصعب ألاّ يكون لهذا العيد وجود بتاتاً، ولو كان في أحاديثهم. فلا ينسى أحد الزوجين أن يتطرق الى هذا الموضوع ولو كان ذلك ليقول فقط انه لم ينسَ. وإلاّ، وعلى رغم عدم اكتراث الشخصين للاحتفال بهذا العيد واعطائه أهمية تفوق أيام حبهما أو علاقتهما الأخرى، فإن نسي أحد الزوجين كليّاً أن يذكر هذا العيد أو يهدي، ولو هدية رمزية للآخر، يكون من اقترف خطيئة بحق الآخر، ممزوجة بغيرة. فالجميع يحتفل بهذا العيد، والجميع يسمون احتفالهم به حبّاً! وحتى اذا كان هذا الحب مُفتعلاً ومصطنعاً وتجارياً... هدايا هي نفسها وطرق تشبه بعضها عند الجميع، شاشات التلفزيون مطفأة... الكلام على المشكلات أو العمل لا وجود له، لا زوّار... فمهما كانت حال العلاقة، الحب يكون مميزاً، تقليدياً الى حدّ بعيد، عند الجميع... وغالباً ما يكون متفائلاً، كأنهم، من خلال هذا اليوم الذي يأتي مرة واحدة في السنة، سوف ينعشون حبهم الذي يتحارب مع الأيام والملل والعادة... يطلقون وعوداً كبيرة، طويلة الأمد، واسعة الأفق، قبل أن يعود في اليوم التالي، ليكون حبهم لوحدهم، لا يشبه أي حب آخر.