تقود الحكومة الالمانية المعارضة الاوروبية لمشروع الدرع الصاروخي الذي تعتزم ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تنفيذه، ليشكل نظاماً متكاملاً لحماية الولاياتالمتحدة من اعتداءات صاروخية براً وبحراً وجواً. وفي وقت اعرب زعماء الاتحاد الأوروبي عن مخاوفهم من أن يؤدي المشروع إلى سباق تسلح جديد يشمل روسيا والصين، عبّر المستشار الألماني غيرهارد شرودر عن قلقه على النظام العالمي لنزع السلاح ومراقبة التسلح، مشيراً إلى أهمية الحرص على عدم تهديد هذا النظام وتعريضه للخطر. كما طالب وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر الولاياتالمتحدة بضرورة مراعاة مصالح روسيا وتحفظاتها عن المشروع الذي حذر من أن تنفيذه قد يدفع الروس الى التنصل من التزاماتهم تجاه اتفاقات نزع التسلح والقضاء على الأسلحة النووية، والعمل بدلاً من ذلك على تطوير أسلحة استراتيجية جديدة. وتركز اهتمام المراقبين على المخاوف في ألمانيا، كونها تتمتع بثقل مهم في حلف شمال الأطلسي ناتو، باعتبار ان موقفها يعكس ايضاً الخلاف الأوروبي -الأميركي الذي نشأ قبل اسابيع قليلة، حول السياسة الأمنية والدفاعية الجديدة التي ينوي الاتحاد الأوروبي اتباعها. وتنطوي هذه السياسة التي تحظى بدعم فرنسي وألماني، على بناء قوات تدخل سريع أوروبية تخفف من الاعتماد على الاطلسي الذي يشكل الأميركيون عموده الفقري، في الحفاظ على الأمن في أوروبا. وفي المقابل، ترى الولاياتالمتحدة في ذلك تهديداً لموقعها في الحلف، ما يعكس إصرارها على إبقائه محوراً لأي سياسة دفاعية وأمنية تتعلق بالقارة الأوروبية. وفي الوقت نفسه، اشار معظم المراقبين الى ان موقف المانيا المعارض لمشروع الدرع الصاروخي الاميركي، ينبع من حرصها على مصالحها الاقتصادية في شرق أوروبا وخصوصاً روسيا. فهذه المصالح القوية تقليدياً، ازدادت زخماً وتشابكاً بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتركيز بلدانه على التنمية الاقتصادية بدلاً من التسلح. ويتم الاعتماد في ذلك على القروض والشركات والتجهيزات والتقنيات الألمانية بشكل كبير وخصوصاً في روسيا. ومع تنفيذ خطط توسيع الاتحاد الأوروبي ليشمل بلدان شرق القارة وبحر البلطيق، ستزداد هذه المصالح قوة واتساعاً أكثر من أي وقت مضى. وكان الالمان استقبلوا بتحفظ كلام وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفلد عن مشروع الدرع الصاروخي، خلال مؤتمر الأمن في ميونيخ أواخر الأسبوع الماضي، واعتباره المشروع ضرورياً لمواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل والصواريخ البعيدة المدى لدول يصفها الاميركيون ب"المارقة" مثل العراق وإيران وكوريا الشمالية. وحاول الوزير طمأنة الحلفاء الأوروبيين لبلاده الذين يعارضون المشروع، واعداً بالتشاور والتنسيق معهم. وقال ان ادارة بوش تنوي بناء درع صاروخي يشمل حلفاءها ولا مصلحة لديها في تنفيذ مشروع يبعدها عنهم.