تختلف ردود فعل الناس، ويبدو هذا الخلاف اوسع واعمق عند الادباء والموسيقيين والشعراء. ذهب صحافي شاب الى برنارد شو وطلب منه ان يجيب عن بضعة اسئلة يوجهها اليه. كان شو في حال مزاج طيب فوافق على اجراء الحديث شرط ان تكون الاسئلة معقولة. كتب الصحافي اسئلته وقدمها لبرنارد شو، واطلع عليها ورآها معقولة. وأعد الكاتب المسرحي ردوده فملأت صحيفتين كاملتين من كتاب.. ثم طلب شو من الصحافي أن يذكر له قيمة المكافأة عن هذه الاجوبة. فوجئ الصحافي بهذا الطلب واعتذر بأنه لا يستطيع ان يعرض عليه مكافأة ما. وسخط شو سخطاً شديداً، وندد بوقاحة الذين ينتظرون منه ان ينعم على الناس بألف كلمة من كلماته الثمينة بغير جزاء، ثم عقد حاجبيه وسأل الشاب. - كم مرتّبك ؟ رد الشاب قائلا: خمسة جنيهات في الاسبوع. قال برنارد شو: خمسة جنيهات.. هذه نذالة... اذهب إلى رئيسك وقل له ان هذا الحديث مباح له من دون مكافأة، إذا زاد مرتبك جنيهين في الاسبوع. فذهب الصحافي وعاد في اليوم التالي يقول لبرنارد شو إن رئيسه لم يرض ان يزيد مرتبه أكثر من جنيه واحد في الاسبوع. وضحك برنارد شو وقال: - هي زيادة قليلة ولكنها خير من لاشيء... وأعطاه الأجوبة. هذا ما كان من امر برنارد شو مع الحديث الصحافي الذي طلبه الشاب. وسنلاحظ على رد فعل برنارد شو أنه كان رد فعل مسرحياً. وكان يستطيع ان يرفض اجراء الحديث وينتهي الامر بذلك. ولكنه اشترط اسئلة معقولة. ثم تساءل عن مكافأته منها، ثم تنازل عن مكافأته أمام بؤس الصحافي الذي يجري الحديث. واشترط زيادة اجره جنيهين في الاسبوع في مقابل حديث مجاني. فلما زاد مرتب الصحافي جنيهاً واحداً وافق على ان يعطى الحديث بلا أجر.. وهكذا حول برنارد شو حادثاً عادياً الى دراما خاتمتها نصف سعيدة ونصف حزينة. وهناك قصة أخرى... وهي قصة حدثت يوم الزلزال الكبير الذي ضرب مدينة سان فرانسيسكو قبل نحو تسعين سنة. استبد الذعر بنزلاء فندق سان فرانسيسكو، الذي هزه الزلزال فجعل يميد كأنه صاري سفينة في بحر مضطرب، وراحوا يفرون.. كل واحد في اتجاه... وإذا برجل يهرول نازلاً على السلم الكبير، وقد تجلى الرعب في عينيه الواسعتين وعلى جبهته. ولكنه ظل مع ذلك يدمدم، دو.. ري.. مي.. فا.. صول، ثم يعيدها ويكررها. وهرعت سيدة الى كاتب التسجيل وصاحت به: انظر الى هذا الرجل.. لقد جن.. وخير لك ان تأمر بنقله الى المستشفى على عجل. رد الكاتب عليها فقال: يا سيدتي العزيزة، هذا الرجل هو المغني العظيم كاروزو وكل ما يفعله أنه يمتحن صوته خشية ان يفقده في هذه الكارثة التي ألّمت بنا. كان هم كاروزو في الزلزال هو صوته.. وفنه.. ومن هنا كان رد فعله على الزلزال انه حاول ان يأوي الى فنه وموهبته ويرى هل يعملان في شكل طبيعي ام طمرهما الزلزال تحت حجارته! لعل اقسى رد فعل هو كلمات العظماء الاخيرة وهم على فراش الموت. قال لورد بيرون: الآن ينبغي أن انام. قال كيتس الشاعر: احس ان الازهار اخذت تنمو وتتفتح اكمامها على جثماني! وقال رابليه اسدلوا الستار... انتهت المهزلة. اما بيتهوفن وكان اصم في سنواته الاخيرة، وألف ألحاناً كثيرة عجز عن سماعها بسبب صممه فقال: سوف اسمع في الآخرة. وقال تيودور روزفلت: ارجوكم ان تطفئوا الانوار!