الحكم الاسكتلندي في قضية لوكربي لم ينه فصول الآثار المترتبة عن تفجير طائرة الركاب الاميركية في كانون الأول ديسمبر 1988. اذ يبدو ان أحداً من الاطراف الاساسيين في هذه القضية ليبيا وبريطانياوالولاياتالمتحدة، اضافة الى ضحايا التفجير غير راض عن الحكم الذي قضى ببراءة المتهم الليبي الأول الأمين خليفة فحيمة وبالسجن مدى الحياة وبما لا يقل عن 20 عاماً على المتهم الثاني عبدالباسط المقرحي. فليبيا طالبت برفع العقوبات الدولية التي فرضت عليها في اعقاب الانتهاء من التحقيق في التفجير وطالبت بتعويضات، فيما اعتبرت بريطانياوالولاياتالمتحدة ان إدانة موظف ليبي المقرحي يؤكد مسؤولية الدولة الليبية وبالتالي عليها تنفيذ التزاماتها الواردة في قرارات مجلس الأمن، خصوصاً لجهة التعويض على ضحايا التفجير. وفي كامب زايست، استمع المتهمان قبل ظهر امس الى حكم المحكمة الذي اتخذ بإجماع قضاتها الثلاثة. وفيما أذيع ان المقرحي سيستأنف الحكم خلال 14 يوماً، شكر فحيمة لورد ساذرلاند، رئيس المحكمة، وطلب منه السماح بمغادرة قفص الإتهام. ولبى القاضي طلبه وابلغه: "إنك منذ الآن رجل حر وبوسعك المغادرة". ونهض فحيمة على الفور ليتوجه الى الباب الذي دخل منه بمرافقة رجال أمن اسكوتلنديين سلموه الى سلطات الهجرة الهولندية التي أطلقته لاحقاً. وقال بيل تايلور، محامي المقرحي، أن موكله "اصر على براءته"، في حين حرص كولن بويد، كبير المدعين، على تذكير المحكمة قبل ان تصدر عقوبتها بأن "400 أب وأم فقدوا ابنا او بنتا لهم و46 فقدوا ابنهم او ابنتهم الوحيدة وترملت 65 امرأة وفقد 11 رجلا زوجاتهم كما فقد 140 ابا او اما وفقد سبعة الاثنين معا. كلهم ضحايا لوكربي". وسينفذ المقرحي الحكم الصادر عليه في احد سجون اسكتلندا. وشهدت قاعة المحكمة الإسكتلندية انفعالات قوية من أقارب الضحايا وذوي المتهمين اثناء تلاوة قرار القضاة لورد ساذرلاند ولورد ماكلين ولورد كاوسفيلد في شأن تهمة تفجير طائرة ال"بان أميركان" قبل أكثر من 12 عاماً، وهو الحادث الذي اودى بحياة 270 شخصاً 259 كانوا على متن الطائرة المنكوبة و11 قتلوا على الأرض في لوكربي. وخلال تلاوة اسماء ضحايا الطائرة، أُغمي على البريطاني جيم سواير الذي قُتلت ابنته في الكارثة وتطلب نقله فوراً للعلاج. وتحسنت صحته لاحقاً. وخارج قاعة المحكمة، قال محمد علي المقرحي، شقيق عبدالباسط، انه "حكم غير معقول، ولن يقبله احد". وأوضح ل"الحياة": "هذا لا يعني اننا نقول ان فحيمة ليس بريئاً. إنه بريء بالطبع وعبدالباسط بريء أيضاً". أما علي فحيمة، إبن شقيق الأمين، فقال ل"الحياة" ان عائلته التقت عمّه بعد صدور القرار وقضوا معاً "ساعات من الحديث المفعم بالآمال ببراءتهما عبدالباسط وفحيمة". وغاب عن كامب زايست ابناء المقرحي وفحيمة وبناتهما بسبب الدراسة. وعلى الجانب الآخر، عبر داني كوهين، وهو والد احد الضحايا الاميركيين، عن ما يمكن وصفه ب"غضب بارد" إزاء حكم المحكمة. وعبر عن رغبته في عدم اعادة الولاياتالمتحدة النظر في موقفها من العقوبات والحظر المفروضين على ليبيا. واضاف اثناء الحديث مع الصحافيين انه "يتمنى ان يرى الزعيم الليبي القذافي ميتاً". وقالت سوزان كوهين رويترز التي فقدت ابنتها في الحادث: "هذه مجرد البداية. لا يمكن ان تصادق شخصاً فجر طائرة اميركية. هذا القاتل القذافي دمر حياتي". وذكرت ان المقرحي ما هو الا منفذ لما أمر به الزعيم الليبي. وقال جورج وليامز الذي فقد ابنه في الكارثة: "امامنا مهمة الامساك بالقذافي ... القذافي هو الاب الروحي. اما الاثنان المقرحي وفحيمة فكانا أداة تنفيذ".