أظهرت شركات الكومبيوتر والانترنت العالمية في الأشهر القليلة الماضية اهتماماً غير مسبوق بالسوق المصرية، وحرصت على الحضور عبر مكاتب اقليمية ومحلية، ومن طريق الاشتراك مع شركات أخرى، في سوق المعلومات والانترنت. وأعلن الجديد في هذا الشأن عن مولده في "المعرض الدولي الخامس للاتصالات والمعلومات والحاسبات والأقمار الاصطناعية" الذي أقيم في القاهرة خلال الأسبوع الماضي. وحمل اسم "نور للتكنولوجيا المتطورة" Noor Advanced Technoliges، وهو نتاج مبادرة مشتركة بين "سيسكو سيستمز" وشركة "إن سي آر كوربوريشن" بهدف إنشاء أكبر شبكات الشرق الأوسط وأكثرها تطوراً، ويبلغ رأس مالها مئة مليون دولار أميركي. والتقت "الحياة" مدير شركة "سيسكو" في مصر السيد ياسر القاضي، وسألته عن حجم استيعاب السوق المصرية والمجتمع المصري لاستخدام الانترنت، ومن ثم استيعاب هذا الاهتمام الدولي من الشركات المختصة. فأجاب: "ثمة قوة كامنة هائلة في السوق المصرية، والدليل ان شركات المعلومات والكومبيوتر تفكر في دخولها وتمضي قدماً في التخطيط لوضع استثمارات ضخمة في البنية التحتية للانترنت وخدماتها. لكنه يعترف بأن عدد مستخدمي الانترنت في مصر منخفض ويبلغ نحو 300 ألف، بواقع 60 ألف مشترك، وهو عدد لا يتناسب وتعداد سكانها نحو 67 مليون نسمة، والمتوقع في مثل هذا التعداد، الذي يضم ما يزيد على 20 مليون متعلم، اضافة الى نحو 400 ألف خريج جامعي سنوياً، ألا يقل العدد عن مليوني مستخدم. ويرى القاضي ان السبب في أن دخول الانترنت مصر تمّ في غياب الوزارة المختصة لدعمها. ولكن بعد تأسيس "وزارة الاتصالات والمعلومات" في أيلول سبتمبر 1999 وسياسة الخصخصة المتبعة تغيّر الوضع الى الأفضل. ويشير الى الانخفاض الذي شهدته تعرفة استخدام الانترنت، إذ كانت مرتفعة جداً في البداية. وتوقع مزيداً من الانخفاض. وتشهد سوق الانترنت بروز شركات جديدة مثل "نور" التي تقدم عدداً من خدمات الاتصالات مثل خدمة الوصول الى الانترنت، سواء محدودة أو واسعة النطاق، وخدمات دعم البوابات، وكذلك خدمات نقل المعلومات، وخدمات الشبكات الخاصة الافتراضية. وتعتمد الشبكة أحدث تكنولوجيا في الشبكات مثل سنترالات "إم جي اكس" M.G.X و"بي بي إكس" B.P.X التي تستخدم بروتوكولات ATM وIP، وهي تدعم كل خدمات الشبكات الخاصة الافتراضية، وتضمن الوصول الآمن الى قاعدة المعلومات في كل شركة، وتوفر وسائل متطورة لإدارة المعلومات ومحتويات المواقع، ما يضمن للمستخدمين سرعة أكبر في الحصول على المعلومات. ويشير القاضي كذلك الى ما يسمى بشبكات العالم الجديد أو New World، وهي تعتمد شبكة مدمجة يمكن تشغيل غير خدمة عليها. ويقول: "في البداية كانت لدينا شبكات متعددة، تقدم كل منها خدمة مختلفة، واحدة للمعلومات، وأخرى للهواتف، وثالثة للانترنت، ورابعة للأنظمة المتعددة، والVoice Conferencing وغيرها. الشبكة الجديدة New World ستكون قادرة على إمداد المستخدم بكل الخدمات من خلال نقطة اتصال واحدة، ومثل تلك التكنولوجيا تمنح درجة عالية من المرونة في مقابل مادي أقل بكثير". وتعود دفة الحديث الى السوق المصرية، فيقول القاضي ان ثمة شركات عملاقة كثيرة تسعى الى ان تكون مصر "عقدة خطوط hup" والانترنت في الشرق الأوسط وأفريقيا. وعلى رغم ان "سيسكو" لم يمض عليها في مصر سوى عامين، قررت ان توظف استثمارات ضخمة، ومن أهم الخطوات التي قامت بها بالتعاون مع الحكومة المصرية تأسيس "أكاديمية سيسكو"، وهي ذات طابع اقليمي. ويرى البعض في شركات الكومبيوتر والانترنت طريق خلاص من المشكلات الاقتصادية التي تواجهها مصر. ويَعِدُ القاضي بأن أحد الحلول يكمن في تصدير ما لدينا من تكنولوجيا معلومات الى الخارج، ولدينا الآن مجموعة من الشركات تعتمد الخدمات، وتصديرها، هي أبسط بمراحل من تصدير الأجهزة. وتحويل مصر في المستقبل القريب عقدة hup لخدمات التكنولوجيا، يعني ضخ عملات صعبة الى الاقتصاد المصري. من جهة أخرى، توفر شركات الكومبيوتر الجديدة فرص عمل لا حصر لها للشباب في تخصصات تقنية المعلومات المختلفة. وينفي القاضي ابتلاع شركات خدمات الانترنت الكبيرة، مثل "نور" الشركات الصغيرة الكثيرة الموجودة في السوق المصرية. ويقول: "الشركات الصغيرة ستكون مساعدة، إذ ان الشركات العملاقة التي تقوم بالاستثمارات الضخمة ستكون في حاجة الى أيدٍ تسويقية لها أو الى من يقدم خدمات مختلفة عنها". ويشير مدير المكتب الاقليمي ل"سيسكو" ومركزه دبي، السيد غازي عطاالله، الى ان البلدان الثلاثة الأنشط اقتصادياً والأكثر قدرة على استيعاب نشاط شركات الكومبيوتر والانترنت في المنطقة هي مصر والسعودية والإمارات. ويرى مؤشراً سلبياً في العالم العربي، مقارنة مع الغرب، هو انخفاض أعداد مستخدمي الانترنت. ففي معظم الدول تراوح نسبة هؤلاء بين عشرة وعشرين في المئة من السكان، وتصل الى ما بين 50 و60 في المئة في الدول الاسكندنافية، في حين لا تتعدى الواحد في المئة في العالم العربي. ومن الحلول التي يقترحها عطاالله لتوسيع قاعدة مستخدمي الانترنت، خفض الضرائب المفروضة على رواتب الراغبين في شراء أجهزة الكومبيوتر والاشتراك في خدمات الانترنت. وعن السوقين الواعدتين في مجال الكومبيوتر والانترنت في العالم العربي، وهما مصر ودبي، يقول عطاالله: "هما أكثر الأسواق تقدماً في العالم العربي، والفارق بينهما في عملية اتخاذ القرار، إذ بحكم الحجم، يستغرق اتخاذ القرار في دبي وقتاً أقل ومقداراً أبسط من التعقيد". ويضيف: "إن مصر تتميز بميزة ضخمة، هي تمتعها بوجود سوق محلية قوية، تمكنها في ما بعد من الاتجاه اقليمياً، إذ تكون تلك الانطلاقة الاقليمية أسهل في حال وجود أرضية محلية راسخة".