شدد الرئيس ياسر عرفات في مقابلة أجرتها معه "الحياة" في رام الله ليل الاربعاء - الخميس على تمسكه بتطبيق قرار وقف النار ودعا الفلسطينيين "أشخاصا ومنظمات سياسية وجماعات" الى التزام هذا القرار. لكنه في الوقت نفسه، شدد على ان "الإحتلال هو قمة الإرهاب"، كذلك ذكّر بأن هناك فئة متطرفة في اسرائيل قتلت رئيس الوزراء اسحق رابين وتحاول قتل عملية السلام الآن. نص الحوار في الصفحة 7 وبعد يوم واحد فقط من قصف مقره في مدينة رام الله بصواريخ أطلقتها مروحية حربية إسرائيلية من نوع "كوبرا" سقطت على بعد أمتار من المكتب الذي كان يعمل فيه، ومحاصرته بالدبابات التي "لا تبعد سوى 70 متراً عن مقره"، وتدمير مروحياته الجاثمة قرب منزله في غزة، وفرض إقامة قسرية عليه منذ اربع ايام، بدا الرئيس الفلسطيني هادئاً ساكناً واثقاً يكاد يلمس خطورة التهديد على حياته بأصابع يديه من دون أدنى شعور بالخوف، مبتسماً شرحاً. وأكثر ما يثير فيه هذه الثقة بحتمية قدوم غدٍ أفضل كأن لا وجود لكل هذه الرياح التي تعصف به من كل جانب، وتضاهي بقوتها العاصفة الجوية التي اجتاحت مدينة رام الله ليلة اجراء هذه المقابلة. "ألا تعرفين من هو ياسر عرفات؟"، كان ذلك رده على سؤال "الحياة" هل يشعر بأنه أقوى الآن من ايام حصار بيروت في العام 1982. لم يستبعد نجاح رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون بتصفيته جسديا، ويقول: "الله اعلم". ونفى أن تكون هناك حرب شخصية بينه وبين شارون، وأكد انه يتعامل معه كما "تعامل معه في السابق". يؤمن بانه سيرى الدولة الفلسطينية المستقلة، مؤكدا ثوابت مرجعيات عملية السلام، وهي قرارات الاممالمتحدة 242 و 338 و941 على أساس مبدأ الارض في مقابل السلام. ويؤمن بأن شارون الذي ازال مستوطنة "ياميت" في صحراء سيناء المصرية قبل سنين، سيزيل المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويلمح الى ان رئيس الوزراء لا يريد السلام، قائلا: "اننا اعتقلنا اكثر من 130 شخصا قبل ان يبدأ شارون عدوانه وقصفه وتصعيده العسكري. علي ان اسأل هل هذا هو الاسلوب لتحقيق السلام؟". وعن حملة الاعتقالات التي تشنها السلطة في صفوف "حماس" و"الجهاد" ومدى تأثيرها في الوحدة الوطنية، قال: "هناك قرار واضح اتخذته القيادة في اجتماعها مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. نصر على وقف اطلاق النار". وفي هذا الاطار، كان الرئيس الفلسطيني اصدر ليل الاربعاء - الخميس قراراً بوضع الزعيم الروحي ل"حماس" الشيخ احمد ياسين قيد الاقامة الجبرية. وادى ذلك الى تجمع المئات من انصار الحركة في محيط منزل زعيمها، والاحتكاك مع الشرطة الفلسطينية، مما اسفر عن مقتل فلسطيني برصاص الشرطة. وكان فلسطيني ثان استشهد امس خلال توغل اسرائيلي في بيت لاهيا في غزة. ووجهت حركة "الجهاد" تحذيرا شديد اللهجة الى السلطة من مغبة الاستمرار في حملة الاعتقالات، وقالت في بيان: "لن نتردد في استخدام اسلحتنا ضد كل من يسعى الى عرقلة مسار كفاحنا". في غضون ذلك، واصل عرفات اتصالاته السياسية، فاستقبل المبعوث الأميركي الجنرال المتقاعد انتوني زيني وطالبه بالضغط على اسرائيل من أجل رفع الحصار. كما استقبل وزير الخارجية المصري احمد ماهر الذي كان قابل شارون. واكد رئيس الوزراء الاسرائيلي انه لا ينوي التعرض لعرفات شخصيا. وفي اطار ردود الفعل على ما يجري في الاراضي الفلسطينية، لاحظ وزير الخارجية الاميركي كولن باول في بروكسل "حصول المزيد من الاعتقالات الفلسطينية خلال الساعات ال 24 الماضية"، معتبرا ان تحركات عرفات "واعدة" ولكن "عليه بذل المزيد". وأقر بأن الرئيس الفلسطيني "يواجه صعوبات مع منظمات اخرى تقاوم سلطته". واعلن البيت الابيض ان الرئيس جورج بوش تحادث هاتفيا مع الرئيس حسني مبارك "لوضع نهاية للعنف ووقف الارهاب". واضاف ان بوش لا يزال "قلقا لان السجون الفلسطينية لا تزال تقام بحيث تكون ذات قضبان من الامام وابواب دوارة من الخلف"، في اشارة الى اعتقال فلسطينيين واطلاقهم وفق سياسة الباب الدوار التي يتهم عرفات بتطبيقها. وأعرب الرئيس فلاديمير بوتين في اثنيا عن امله بعدم "فرض مطالب جديدة" على السلطة واسرائيل لاستئناف المفاوضات. وقال: "سيكون من الخطأ فرض مطالب او شروط صعبة قبل الطلب منهم الجلوس الى طاولة المفاوضات ... نحن على ثقة بأن القادة من الجانبين سيجدون السبل الكفيلة بضبط انشطة المجموعات والافراد المتطرفين من الجانبين".