} للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عاماً تشهد العاصمة الأفغانية كابول مراسم اداء اليمين الدستورية لحكومة تُعلق عليها آمالاً لانتشال البلاد من حروبها واعادة بنائها وسط متاهة الولاءات المتنازعة من قبلية وإثنية وطائفية. وفي مراسم هادئة طغى عليها حضور القائد الطاجيكي احمد شاه مسعود الذي اغتيل قبيل اعتداءات 11 أيلول سبتمبر، عبر صورة ضخمة ظللت الحضور، تسلم حميد كارزاي رئيس الحكومة الموقتة الحكم من الرئيس برهان الدين رباني وتبادلا العناق، فيما تسمّر سكان كابول أمام اجهزة البث المرئي والمسموع لمتابعة الحدث، وخصوصاً الضيوف الدوليين الذين افتقدتهم كابول طوال سنوات عدم الاستقرار. وبعد كلمة دعا فيها الى بناء البلاد، أعلن كارزاي انه بصدد تشكيل لجنة مهمتها التحقيق في جرائم الحرب لن تستثني أحداً أكان من حركة "طالبان" أو من الفصائل الأفغانية التي تولت الحكم قبل العام 1996. وسارعت كل من ألمانياوروسياوالولاياتالمتحدة الى الترحيب بالحكومة الجديدة، وأعلنت الأخيرة دعوة كارزاي الى زيارة واشنطن العام المقبل للقاء الرئيس جورج بوش. كابول، واشنطن، برلين، موسكو - "الحياة"، أ ب، رويترز، أ ف ب - أدى البشتوني حميد كارزاي اليمين الدستورية في كابول أمس لاستلام مهمات رئيس الحكومة الموقتة في افغانستان، داعياً الى "المصالحة والمساعدة الدولية" لاعادة بناء بلاده. وتعهد الزعيم القبلي 44 عاماً، في احتفال اقيم في وزارة الداخلية في كابول بمشاركة كثيفة، وضع حد ل23 عاماً من حمامات الدم في البلاد. وعانق رئيس الحكومة الجديد مباشرة بعد القسم الرئيس السابق برهان الدين رباني. وبدأ بعدئذ نواب الرئيس والوزراء ال29 في الحكومة الجديدة بأداء اليمين بدورهم. وقال كارزاي، في كلمة بعد ادائه اليمين الدستورية،: "يجب ان نوحد جهودنا لننسى الماضي الاليم. ويجب ان نمضي قدماً كالأخوة والأخوات لبناء افغانستان جديدة". وأضاف: "عرفت بلادنا الدمار. نحن بحاجة الى انطلاقة جديدة وعمل حثيث من كل الافغان". ودعا الاممالمتحدة والمجتمع الدولي الى المشاركة في عملية اعادة البناء. وقال ان "بلادنا بحاجة الى دعم الاممالمتحدة والدول الصديقة. ونأمل بأن يمدوا لنا يد العون". وانبثقت هذه الحكومة من الاتفاق بين الافغان الذي ابرم في بون في 5 كانون الاول ديسمبر الجاري برعاية الاممالمتحدة. واستهل كارزاي نشاط حكومته بالبحث في انشاء لجنة خاصة للتحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان. وقال في مؤتمر صحافي عقده بعد ادائه القسم: "تحادثت مع زملائي. وتلك ليست فكرة سيئة"، من دون ان يقدم جدولاً زمنياً لذلك، أو تفاصيل حول نشاطات اللجنة. وكانت مجموعات من الافغان رفعت طلباً للتحقيق في اعمال نظام "طالبان" التي فر عناصرها من كابول في 12 تشرين الثاني نوفمبر، وكذلك مرحلة حكم المجاهدين التي سبقت استيلاء طالبان على الحكم. التسلم وكان الاحتفال الرسمي التاريخي لتسلم الحكومة الافغانية الموقتةالسلطة بدأت بحضور مئات الشخصيات الافغانية والاجنبية. وتصدرت، خلف المنصة، صورة كبيرة للقائد الطاجيكي أحمد شاه مسعود الذي اغتاله عربيان ادعيا انهما صحافيان في 9 ايلول سبتمبر الماضي، اي قبل يومين من الهجمات في الولاياتالمتحدة. ووصل كارزاي الموالي للملك السابق الى مقر وزارة الداخلية حيث جرى الاحتفال بمواكبة مقاتلين من "تحالف الشمال" الذي سيطر على كابول في 13 تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وحضر التنصيب قادة آخرون من الافغان من الجيل القديم والجديد في عدادهم زعيم الحرب الاوزبكي عبدالرشيد دوستم الذي كان انتقد تشكيلة الحكومة الجديدة. ومن الحضور الافغان ايضاً وزراء الخارجية عبدالله عبدالله والداخلية يونس قانوني والدفاع محمد قاسم فهيم وصبغة الله مجددي وبير سيد احمد جيلاني وهما من الموالين للملك السابق. كذلك حضر مسؤولون وديبلوماسيون أجانب، في طليعتهم الاخضر الابراهيمي الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة الذي لعب دوراً اساسياً في ابرام اتفاقات بون، وفرنسيسك فندريل مساعد الابراهيمي والمبعوث الاميركي الخاص جيمس دوبينز والجنرال تومي فرانكس قائد العمليات العسكرية الاميركية في افغانستان. الى ذلك كان هنالك في القاعة نساء يغطين شعرهن بوشاح فقط، وليس بالبرقع الذي يغطيهن من الرأس حتى اخمص القدمين. وبدأ الاحتفال مثلما كان مقرراً في الساعة 00،11 بالتوقيت المحلي 30،6 توقيت غرينيتش بآي من القرآن الكريم والنشيد الوطني. ويذكر ان تشكيل هذه الحكومة تقرر لولاية من ستة أشهر، ومهمتها التحضير لعقد مؤتمر "لويا جيرغا"، وهو مؤتمر يشارك فيه كل الفاعليات الأفغانية وممثلون عن القبائل والأقليات لصياغة دستور للبلاد، على ان تليه انتخابات عامة بعد سنتين. وألتف سكان كابول حول أجهزة الراديو والتلفزيون لمتابعة مراسم تولي الحكومة الافغانية مهماتها. وخلت الشوارع الرئيسية وسط العاصمة المغلقة من المارة فيما جابتها اعداد كبيرة من جنود الشرطة والجيش في دوريات حراسة. ولوحظ ان معظم قوات الامن غير مسلحة، ربما استجابة لأمر صدر مطلع الاسبوع بعدم السماح بحمل أسلحة نارية في الشوارع باستثناء بضع مسدسات لعدد صغير من اشخاص مصرح لهم. وانتشر جنود آخرون يحملون بنادق وأجهزة اطلاق قذائف تستخدم من على الكتف، قرب المقرات الرسمية. واستمع السكان، عبر اجهزة راديو محمولة، الى وقائع تنصيب الحكومة الموقتة. ونقلت بعض المتاجر الكلمات التي ألقتها شخصيات مهمة الى الشوارع عبر مكبرات صوت. وفي الضواحي الاكثر ثراء هرع الصبية الى اسطح المباني لضبط هوائيات أجهزة التلفزة في محاولة لمشاهدة جزء من المراسم على الشاشات التي عاد البث اليها بعد سقوط حركة "طالبان". وقال محمد يونس وهو طالب طب من قبائل الباشتون: "اليوم عظيم بالنسبة الينا. انه اليوم الذي حصلنا فيه على حريتنا، أصبح الآن لدينا حكومة جديدة. بعد سنوات عديدة من الحرب. ونأمل بأن تتمكن من جلب السلام". ومثل أي شخص آخر في كابول اخذ يكيل المديح الى كارزاي، قائلاً انه "احد الافغان الذين يريدون عمل اشياء جيدة لهذا البلد وهو قادر على ان يفعل ذلك". ترحيب أميركي وسارعت الولاياتالمتحدة أول من أمس الى الترحيب بالحكومة الموقتة، وأعلنت استعدادها للتعاون معها، مؤكدة عزمها على المساهمة في عودة الامور الى طبيعتها في هذا البلد الذي مزقته الحرب. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر: "انه حدث جيد من اجل السلام والاستقرار في منطقة تعرضت طويلاً للنزاعات". وأضاف: "نرغب في العمل مع الحكومة الانتقالية بصفتها حكومة افغانستان ولدينا ممثلية ديبلوماسية فيها". واعتبر باوتشر ان اقامة هذه الادارة تعطي الافغان "فرصة للعودة الى حياة طبيعية في جو من السلام والاستقرار للمرة الاولى بعد سنوات وسنوات من الاضطرابات". وأعلن جيمس دوبينز ان الرئيس جورج بوش دعا حميد كارزاي لزيارة واشنطن السنة المقبلة. وروسياوأالمانيا كذلك رحبت روسيا بانتقال السلطة رسمياً في افغانستان، قائلة انها تأمل بأن يؤدي ذلك الى مستقبل سلمي لهذه البلاد. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: "تعتبر موسكو هذه المناسبة بداية عملية اقامة افغانستان تنعم بالسلام وخالية من الارهاب والمخدرات. وبينما يلوح اليوم احتمال تحقيق تحسن جذري في الموقف في افغانستان، فان روسيا تزمع مع دول اخرى مشاركة في جهود السلام للامم المتحدة التشجيع على اقرار تسوية سياسية شاملة في أفغانستان وتنشيط البلاد اجتماعياً واقتصادياً". واعتبر المستشار الالمانى غيرهارد شرودر في كلمة القاها أمام البرلمان الالماني أن الحكومة الافغانية الجديدة بحاجة الى دعم من الاوروبيين ودول العالم من أجل احلال السلام واعادة الاعمار، مضيفاً أن المانيا التى ستشارك فى قوات حفظ السلام الدولية فى أفغانستان كان قرارها التزاماً بمسؤولياتها الدولية وعدم التهرب في مشاركة المجتمع الدولي هموم العالم. قوات دولية في أمستردام، قالت وزارة الخارجية الهولندية أمس ان الحكومة سترسل ست طائرات من طراز "اف - 16" وقوة من 200 جندي الى افغانستان، ستكون تحت قيادة الولاياتالمتحدة. وستقدم هذه الطائرات غطاء جوياً ولن تشارك في أي مهام قصف. بينما ستوضع القوة تحت قيادة كتيبة من المانيا. وفي اوسلو، أعلنت وزارة الدفاع النروجية ان النروج على استعداد لارسال 15 خبيراً في المتفجرات وأربعة ضباط كبار الى افغانستان في اطار القوة الدولية لضمان الامن. وقالت وزيرة الدفاع كريستين كروهن ديفولد: "من المهم ان تشارك النروج في طلائع قوات الامن المرسلة الى افغانستان". وأوضحت لوكالة الانباء النروجية "ان تي بي" ان المجموعة النروجية ستتوجه الى كابول بعد رأس السنة.