بعد صدور حكم بالسجن المؤبد على القائد الميداني سلمان رادوييف تسعى موسكو الى تصفية الرئيس الشيشاني المنتخب اصلان مسخادوف وعدد من زملائه او اعتقالهم، فيما اعلن مسخادوف نفسه اقصاء قادة وصفوا بأنهم "متشددون" في خطوة اعتبرها مراقبون تمهيداً لجولة جديدة من المفاوضات مع المركز الفيديرالي. وعلى مدى خمسة اسابيع استثمرت محاكمة رادوييف وثلاثة من زملائه للحديث عن "الارهاب" في الشيشان، خصوصاً ان المتهمين شاركوا في هجوم على مدينة قزلر الداغستانية وسيطروا خلاله على دار للولادة واحتجزوا مئات الرهائن قبل تمكنهم من الهرب مجدداً الى الشيشان. وصدر الحكم رادوييف بالسجن المؤبد وعلى زملائه بالحبس لمدة تراوح بين 5 و15 سنة، واستقبلوا قرار المحكمة بهتافات "الله أكبر" وأشاروا الى انهم كانوا ينفذون اوامر القيادة السياسية الشيشانية. وطلب نائب رئيس الوزراء الشيشاني السابق توربال اتغيريريف بوضع الجنرالات الروس الى جانب المقاتلين الشيشانيين في قفص الاتهام باعتبار الطرفين مشاركين في حرب، الا ان رئىس النيابة العامة رد بأن الشيشان ليست "طرفاً في القانون الدولي". يذكر ان رادوييف وهو صهر الرئيس الراحل جوهر دوداييف شارك بنشاط في الحرب القوقازية الاولى لكنه لم يسهم في الحرب الثانية. وذكر نائب وزير الدفاع قائد القوات البرية الروسية الجنرال نيكولاي كورميلتسيف ان القوات الشيشانية الآن اصبحت "شرازم" تتألف من 5-10 اشخاص. وأكد ان القيادة السياسية "ترى ان المهمة الرئيسة" الآن تتمثل في اعتقال مسخادوف والقائدين الميدانيين المعروفين شامل باسايف وخطاب عربي الأصل. وشدد على ان موسكو تملك معلومات تفصيلية عن كل تنقلاتهم وتحركاتهم، لكن المعلومات "تصل متأخرة بين ساعتين وثلاث" ما يحول دون اعتقالهم او قتلهم. وكانت موسكو اعلنت اكثر من مرة "تشرذم" المقاومة الا ان الاشتباكات كانت تتجدد باستمرار، وعلى رغم التأكيد على "تصفية" القطعات الاساسية للمقاومة تحتفظ روسيا بنحو 60 الى 70 ألف جندي في الشيشان. واستغرب مراقبون اعلان الجنرال كورسيلتسيف ان مسخادوف بين "المطلوبين" اذ ان موسكو اجرت الشهر الماضي مفاوضات غير مباشرة واستقبلت مبعوثه الشخصي احمد زكاييف. الى ذلك، ذكرت مصادر روسية ان مسخادوف قرر معاقبة القائد الميداني الراديكالي رسلان غيلاييف وتجريده من رتبة "جنرال"، كما أنزل عقوبات مماثلة بضباط "متشددين" آخرين. واعتبر النائب في البرلمان الفيديرالي عن الدائرة الشيشانية اصلانيك اصلافانوف ان هذه الخطوة تفند ما يتردد في موسكو عن فقدان مسخادوف السيطرة على الوضع، اضافة الى انها تهيئ الاجواء لاجراء جولة جديدة من المفاوضات مع موسكو. ورد غيلاييف باعلانه انه سيستولي على بلدة شالي القريبة من غروزني ويجعلها عاصمة "اتشكيريا" وهو الاسم الذي يطلقه الانفصاليون الشيشانيون على جمهوريتهم. وأكد رئيس بلدية شالي ان غيلاييف هدد بتنفيذ وعيده في عيد رأس السنة الجديدة لكنه قال انه لا يملك قوة فعلية للسيطرة على اي مدينة شيشانية. وعلى رغم تأكيد قائد القوات البرية ان المقاومة تحولت "شراذم" فإن عمليات عدة جرت امس في مختلف انحاء الشيشان، وشن سلاح الجو الروسي غارات واسعة على مناطق جبلية شاركت فيها ثماني طائرات من طراز "سوخوي" ومروحيات، وذكر انها اسفرت عن مصرع 20 مسلحاً شيشانياً. وهذه المرة الاولى يستخدم الطيران على نطاق واسع منذ الصيف الماضي، وبعد ثلاثة ايام من اعلان الرئيس فلاديمير بوتين ان موسكو لن تكرر ما فعلته واشنطن في افغانستان ولن تقوم بقصف جوي على نطاق واسع للمناطق الشيشانية التي قال بوتين ان سكانها "مواطنون روس". ويرى محللون ان هناك نوعاً من التضارب بين تصريحات القيادات السياسية وسلوك الجنرالات الذين يبدو احياناً انهم ما برحوا يراهنون على القوة بوصفها السبيل الوحيد لمعالجة الملف الشيشاني.