نيويورك - رويترز، أ ف ب - اختارت مجلة "تايم" الأميركية امس رئيس بلدية نيويورك رودولف جولياني "شخصية العام 2001"، الذي حذر بدوره في مقابلة تلفزيونية من هجوم جديد على هذه المدينة. وبذلك حسمت "تايم" جدلاً حاداً شغل الرأي العام وبدا خلاله ان الأميركيين لن يتقبلوا صورة أسامة بن لادن على غلاف المجلة إذا ما اختارته شخصية العام. وفسرت المجلة قرارها بأنها اختارت جولياني بسبب إدارته للأزمة التي خلفها دمار برجي مركز التجارة العالمية خلال اعتداءات 11 أيلول سبتمبر. وسيتخلى "رودي" جولياني 57 عاماً عن مهماته الشهر المقبل بعد ولايتين من أربع سنوات. واُطلق عليه بعد الاعتداءات لقب "رئيس بلدية أميركا". وتوقع جولياني، في مقابلة مع تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي 1" أمس "هجوماً جديداً"، وقال: "أسعى جاهداً لمعرفة أي شكل سيتخذ، وأين ستكون الضربة لأتأكد من اننا سنفعل كل ما بوسعنا للاستعداد لها". وأفاد جولياني ان حصيلة ضحايا اعتداءات 11 ايلول قد تتجاوز الثلاثة آلاف، باعتبار ان هناك اشخاصاً لا توجد أي معلومات عن مصيرهم. وعبّر عن رغبته في ان يكون نصب ضحايا الهجمات ضد برجي مركز التجارة العالمية شهادة "دامغة" ضد الارهاب. وقال إن نيويورك "بدأت تنفض آثار الهجمات. إنها أفضل لأنها أصبحت مكاناً أقوى روحياً. ويعرفها الناس بصورة أفضل ويحترمونها بدرجة اكبر". وقال جِم كيلي، رئيس تحرير مجلة "تايم"، موضحاً سبب اختيار جولياني شخصية العام، إن "الأمر يتعلق ب 11 أيلول وكيف تولى شخص بمفرده المسؤولية بصورة تفوق الوصف، في تلك الساعات الحرجة إثر الاعتداءات، فهو تولى القيادة باخلاص من أعماق قلبه، وليس بمجرد كلمات واجراءات. وفي سنة تزخر بالانفعال والعاطفة فإنه يستحق ان يكون شخصية العام". وجولياني هو شخصية العام الرقم 76 التي تختارها مجلة "تايم". وكان هنري لوس، مؤسس المجلة، الذي ابتدع في 1925 فكرة اختيار شخصية العام، أعلن آنذاك ان هذه الشخصية هي "من يترك أكبر تأثير على الاخبار او على حياتنا هذه السنة، سواء بصورة حسنة أو سيئة". وقال كيلي إن "جولياني استطاع ان يحرّك مشاعرنا بطريقة لم يفعلها أحد غيره، بما في ذلك الرئيس". وكان الرئيس الأميركي جورج بوش، الذي اختير شخصية العام 2000، اُدرج مرة اخرى في لائحة الاختيار النهائية لشخصية العام، الى جانب اسامة بن لادن الذي اتهم بتدبير الهجمات الانتحارية ويتصدر لائحة المطلوب اعتقالهم في الولاياتالمتحدة. واعتبرت "تايم" ان بن لادن "رجل تافه أخلاقياً" ولا يستحق حتى ان يُنسب اليه ما حدث في اميركا في خريف 2001. وقال كيلي: "نتعامل هنا مع رجل شرير، لكنه ليس رجلاً يستحق ان يخطو على منصة العالم مثل ستالين أو هتلر، أو حتى مثل الخميني". وكانت "تايم" اختارت الزعيم السوفياتي جوزف ستالين شخصية العام في 1939 و1942، واختارت الديكتاتور الالماني ادولف هتلر في 1938 والزعيم الايراني آية الله الخميني في 1979. وأوضح كيلي ان مجلة "تايم"، التي شهدت تراجعاً في ايرادات الاعلانات مثل بقية الاصدارات، لم تكن قلقة بشأن احتمال تعرضها لهجوم اذا اختارت بن لادن. وقال: "لو اخترنا بن لادن، كنا سندافع عن اختيارنا كما ينبغي لتوضيح اننا لم نحاول ان نجعل منه بطلاً". واضاف ان المجلة اختارت جولياني "لشجاعته يوم 11 أيلول وما بعده، ولانه رجل انساني أبدى قوة وصموداً خارقاً في وقت كانت البلاد كلها تواجه اختباراً". وبات جولياني، الذي يُنسب اليه الفضل في جعل نيويورك مدينة أفضل وأكثر أماناً، رمزاً عالمياً للشجاعة وحسن القيادة في رأي الكثيرين منذ 11 أيلول. فمنذ اللحظات الاولى التي اعقبت الهجومين الانتحاريين على برجي مركز التجارة العالمية هرع الى مشهد الدمار وكاد يُدفن تحت الانقاض عندما انهار البرجان. ولم يكل عن التحدث في مؤتمرات صحافية متتالية. كما رافق زعماء العالم في زيارات الى المكان ضمن مساعٍ لتعزيز التحالف الدولي ضد بن لادن وتنظيم "القاعدة"، وشارك في مراسم تشييع أكثر من 200 من ضحايا الاعتداءات. وقال جولياني انه ينوي بعد ترك منصبه تأسيس شركة استشارات. ويتولى رجل الاعمال الجمهوري البليونير مايكل بلومبرغ اعتباراً من أول كانون الثاني يناير المقبل منصب رئيس بلدية نيويورك.