واشنطن – أ ف ب، رويترز، أ ب – ينوي الرئيس الأميركي باراك أوباما زيارة مدينة نيويورك غداً، محتفلاً مع عائلات ضحايا هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001، بقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، فيما تعهد البيت الأبيض البناء على ذلك، للقضاء أيضاً على التنظيم. ووصف جون برينان، مستشار البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب، مقتل بن لادن بأنه «لحظة حاسمة في الحرب على القاعدة، الحرب على الإرهاب، عبر قطع رأس الأفعى التي هي القاعدة»، قائلاً: «نأمل في القضاء على القاعدة، كما (قضينا على) بن لادن». واعتبر أن «القاعدة» «نمر جريح أُصيب في مقتل، وهذا خطر. تجب مواصلة الضغط (على القاعدة)، لأن هناك أشخاصاً في التنظيم، ما زالوا عازمين على شن اعتداءات وقتل أبرياء». ورأى برينان أن «ثمة نوعاً من شبكة دعم» لبن لادن في باكستان، لكنه رفض تحميل الحكومة الباكستانية مسؤولية ذلك، مؤكداً أن إسلام آباد «شريك قوي في مكافحة الإرهاب». في غضون ذلك، أعلن دان بفيفر مدير الاتصالات في البيت الأبيض، أن أوباما سيزور اليوم مقرّ برجي «مركز التجارة العالمي» في نيويورك، والذي كان هدفاً لاعتداءات 11 ايلول، مشيراً الى انه سيلتقي عائلات ضحايا الهجمات. رودي جولياني الذي كان رئيساً لبلدية نيويورك لدى تنفيذ الهجمات، قال انه «يتذوق طعم الانتقام» الذي شكّله مقتل بن لادن، مضيفاً انه شعر ب «فرح حقيقي وارتياح وشعور بالانتقام» عندما علم بقتله. وزاد: «هذا شيء جيد أنه لم يعد موجوداً، وخطوة كبيرة الى الأمام في مكافحة الإرهاب. لكن ذلك لن يعيد أحداً (من ضحايا 11 ايلول)، وهذا لن يزيل الألم». أتى ذلك فيما دعا أوباما أعضاء الكونغرس الاميركي، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، الى ان يستعيدوا بعد مقتل بن لادن، الوحدة التي تجلّت بعد هجمات 11 ايلول. وأوباما الذي صفق له أعضاء الكونغرس طويلاً، عند دخوله إحدى قاعات البيت الابيض، حيث دُعوا الى تناول العشاء مساء الاثنين، قال: «الليلة الماضية (الأحد)، عندما علم الأميركيون أن الولاياتالمتحدة شنّت عملية أدت الى اعتقال اسامة بن لادن ومقتله، أعتقد أننا اختبرنا شعور الوحدة ذاته الذي تجلى في 11 أيلول». وأضاف: «أنا مقتنع بأن شعور الوحدة الذي شعرنا به في 11 ايلول، ضعف مع مرّ السنوات، ولا وهم لديّ إزاء التحديات والمناقشات التي عليها مواجهتها، خلال الأسابيع والشهور المقبلة». وزاد: «لديّ أمل كبير بأننا سنجد بعض هذه الوحدة، وهذا الفخر لمواجهة التحديات التي تنتظرنا». وبرزت إشادة ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي السابق، بأوباما، بعد مقتل زعيم تنظيم «القاعدة». تشيني الذي كان نائباً للرئيس السابق جورج بوش لدى تنفيذ هجمات 11 ايلول، غالباً ما انتقد السياسة التي انتهجها أوباما في مجال الأمن، ورغبته في إغلاق معتقل غوانتانامو. وقال تشيني لشبكة «اي بي سي نيوز»: «الحكومة تستحق تماماً التقدير على النجاح في هذه العملية». وأشاد بأوباما، وخصوصاً موافقته على تنفيذ العملية، قائلاً: «يجب أن نكنّ له كلّ امتنان». لكن رئيس لجنة عائلات ضحايا 11 أيلول بيتر غادييل رفض الاحتفال بمقتل بن لادن، قبل محاسبة مسؤولين فشلوا في حماية الشعب الأميركي. وكتب على موقع شبكة «سي أن أن»: «لم يخضع أي مسؤول اتحادي للمساءلة. لا أحد من إدارة (بيل) كلينتون، ومن مسؤولي إدارة بوش الذين تجاهلوا توصيات لجنة (نائب الرئيس السابق آل) غور لتحسين أمن الطيران، ولا أي شخص من وزارة الخارجية الذين منحوا تأشيرات دخول للإرهابيين منفذي الهجمات». الى ذلك، أظهر استطلاع للرأي على موقع وكالة «رويترز»، أن الأميركيين يعتبرون أن الولاياتالمتحدة اتخذت القرار الصحيح، بقتلها بن لادن. وقال 79 في المئة من المشاركين في الاستطلاع، إن واشنطن اتخذت القرار الصحيح بقتل بن لادن، في مقابل 14 في المئة رفضوا ذلك، و7 في المئة مترددين. لكن 15 في المئة فقط قالوا انهم يشعرون بأمان أكثر بعد مقتل زعيم «القاعدة»، مقارنة ب59 في المئة قالوا انهم لا يشعرون بأمان أكثر. واعتبر 37 في المئة من المشاركين في الاستطلاع أن اوباما يستحق مزيداً من الفضل، في قتل بن لادن، فيما عزا 13 في المئة الفضل الى بوش. لكن حوالى 50 في المئة رأوا ان الاثنين لا يستحقان الفضل. مسلمو الولاياتالمتحدة في غضون ذلك، رحّب الأميركيون عرباً ومسلمين، بمقتل بن لادن، لكنهم لم يخفوا خشيتهم من انتقام «القاعدة». وثمة حوالى سبعة ملايين مسلم في الولاياتالمتحدة. وقال مدير مجلة «أراب أميركان نيوز» أسامة السبليني: «نحن سعداء لنبأ مقتله، هذا الرجل ليس مسلماً. قتل من المسلمين أكثر مما قتل من الأميركيين - عشرات الآلاف». وتابع ان المسلمين «سعداء لأنهم يريدون طي هذه الصفحة الحزينة. إنهم يعرفون أكثر من غيرهم، مدى الضرر الذي ألحقه هذا الرجل بالعالمين العربي والإسلامي». وزاد: «حققنا هدفاً كبيراً، لكن المعركة مستمرة. هناك متطرفون حولنا يريدون إلحاق الأذى بنا جميعنا. سنكون متيقظين وسنبلغ عن أي أمر نشتبه به». ورحب داود وليد رئيس «مجلس العلاقات الأميركية - الإسلامية» في ميتشغن، بمقتل بن لادن، معرباً عن شكره لأوباما لقوله إن الولاياتالمتحدة ليست ضد الإسلام. وقال: «نحن سعداء لأن العدالة اخذت مجراها، لكن الوضع ما زال صعباً. هناك اناس فقدوا أعزاء في هجمات 11 ايلول، او في العراق وأفغانستان». وأشار الى أن مقتل بن لادن لن ينهي الحقد على الإسلام، ولا الخوف الذي استحوذ على الولاياتالمتحدة والذي يهدد الحريات المدنية، قائلاً: «هدف الإرهاب إخافتنا وتغيير نمط حياة الأميركيين. علينا ألا نجعل بن لادن أقوى في مماته، مما كان في حياته. إذا اصبحنا متشككين واحدنا إزاء الآخر، سيواصل بن لادن إرهابنا من قاع المحيط» حيث أُلقي جثمانه. وقال إمام محمد مرسي من «الجمعية الإسلامية» لوسط فلوريدا: «كان كابوساً محاولة الشرح في شكل مستمر للأميركيين العاديين أننا لا نرتبط ببن لادن. حاولنا جاهدين إقناع الناس بأن المسلمين ليسوا جماعة واحدة متناغمة تقف وراء هذا الوحش». وأضاف: «كنا أيضاً ضحايا لفكر الكره الذي انتهجه بن لادن. الرجل اختطف ديننا وارتكب جرائم باسم ديننا وتسبّب في أكبر ضرر للمسلمين في الولاياتالمتحدة والإسلام». جون ايسبوسيتو، أستاذ الأديان والعلاقات الدولية في جامعة جورج تاون، اعتبر أن «المسلمين ما زالوا ضحايا، في ظلّ تنامي مشاعر الرهبة من الإسلام هنا، لذلك فإن التخلص من بن لادن، خصوصاً على مستوى رمزي على المدى القصير، سيزيل الضغط».