مقديشو، باريس - "الحياة"، رويترز، ا ف ب - قال وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين أمس ان الكلام عن توجيه ضربة عسكرية الى الصومال ليس سوى تكهنات حالياً، وانها مرتبطة بتقديم الولاياتالمتحدة أدلة على وجود شبكات تابعة ل"القاعدة" في هذا البلد. وصدر موقفه في وقت أعلنت الشرطة الصومالية أمس الجمعة انها اعتقلت اربعة اكراد عراقيين وفلسطينياً لاستجوابهم في شأن صلتهم المحتملة مع تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن. لكن وكالة "فرانس براس" نقلت عن ممثلين للحكومة الصومالية الانتقالية في نيروبي ان ثمانية أجانب يُشتبه بعلاقتهم بالارهاب أوقفوا الخميس في اثناء عمليات مختلفة في الصومال، وان هناك "آخرين ملاحقون". واضافت الوكالة ان الحكومة الوطنية الانتقالية الصومالية قررت أيضاً "تسجيل الاجانب" المقيمين في البلاد. لكن قائد الشرطة الصومالية العقيد عبدي حسن عويل أبلغ "رويترز" ان المعتقلين خمسة أوقفوا قبل ثلاثة ايام على ذمة التحقيقات. وصرح بأنهم دخلوا على ما يبدو الى الصومال من دون تصريح. وتحرص الحكومة الانتقالية الوطنية في الصومال على اظهار تعاونها في حرب الولاياتالمتحدة ضد الارهاب، وسط مخاوف من ان يصبح هذا البلد هدفاً محتملاً لعمل عسكري أميركي في نهاية المطاف. والتقى احد المعتقلين مع صحافيين أجانب في مقديشو الشهر الماضي وطلب منهم المساعدة. وقال انه لاجيء فر من العراق لأسباب سياسية وان السلطات في دبي أوقفته ورحلته مباشرة الى الصومال. وقال علي جاما، وهو صاحب مطعم كان الرجال الخمسة يترددون عليه ويأكلون فيه واعتقلوا في داخله، انه يعتقد ان الخمسة يقيمون في مقديشو منذ نحو عام. واضاف ان احد الرجال أبلغه أنه طبيب اسنان. وسافر إثنان آخران من افراد هذه المجموعة الى نيروبي أخيراً حيث القت الشرطة الكينية القبض عليهما ورحّلتهما الى البلد الاصلي. وقال ضابط شرطة آخر طلب عدم نشر اسمه ان أجهزة الأمن اعتقلت سعودياً في تشرين الاول اكتوبر الماضي للاشتباه في صلته بتنظيم "القاعدة" وسلمته الى السلطات السعودية لاستجوابه. وكانت تقارير اشارت الى ان الصومال الذي دبت فيه الفوضى منذ 1991 بعد سقوط الرئيس محمد سياد بري، هو مكان محتمل لبن لادن واتباعه من اعضاء "القاعدة" اذا فروا من أفغانستان. وتسيطر الحكومة الانتقالية التي شكلت بعد مؤتمر لزعماء القبائل في جيبوتي العام الماضي، على اجزاء فقط من العاصمة وجيوب في بقية البلاد. ويعارض الحكومة الصومالية تحالف فضفاض من قادة الميليشيات الذين تدعمهم اثيوبيا التي تتهم الصومال بدورها بايواء متطرفين لهم علاقة ببن لادن. ونقلت "فرانس برس" عن ممثل رفيع المستوى للحكومة الصومالية الانتقالية قوله في اتصال هاتفي ان "الشعب الصومالي لا يريد بأي حال من الاحوال ان يتم ربطه من قريب او بعيد بالارهاب او بمتطرفين. انها ليست حربنا". ويقود رئيس الحكومة الصومالية الانتقالية حسن ابشير فارح حالياً وفداً حكومياً في نيروبي شارك الخميس في اجتماع تحضيري مع ائتلاف الفصائل المناهضة له لاجراء محادثات. واثناء ذلك اللقاء حذر الرئيس الكيني دانييل اراب موي الصومال من مضاعفات القلق الراهن "على الامن العالمي" في اطار الحملة على الارهاب. واكد موي في نيروبي لمندوبي الحكومة الانتقالية الصومالية ومختلف الفصائل خلال الاجتماع التمهيدي للمفاوضات الصومالية: "سيكون لما يحصل اليوم على الصعيد الدولي مضاعفات على الصومال". وكان ديبلوماسي اميركي وصل الى مقديشو الأربعاء، في اول زيارة يقوم بها مسؤول اميركي في سبع سنوات، أبلغ زعماء الحكومة الانتقالية أن الولاياتالمتحدة مصممة على مكافحة الارهاب. وقال مسؤولون صوماليون ان غلين وارين، المسؤول السياسي عن الصومال في السفارة الاميركية في كينيا، ابلغ زعماء الحكومة الانتقالية ان واشنطن ترحب بأي طرف مستعد لتقديم مساعدة لها في حربها ضد الارهاب. وقال مسؤول من الحكومة الانتقالية الصومالية ان الديبلوماسي الاميركي أوضح تماماً لزعماء الحكومة على مأدبة غداء في مقديشو "ان حكومته مصممة على مكافحة الارهاب الدولي وسترحب بكل من يمد يد المساعدة للولايات المتحدة في هذا الشأن". وقال وارين، من جهته، ان واشنطن لم تعترف بالحكومة الانتقالية في الصومال أو باقاليم بونتلاند أو ارض الصومال وانها ستعرف فقط "بحكومة تضم الجميع". فيدرين وفي باريس، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين ان إمكان توجيه ضربة أميركية الى الصومال مجرد فرضية. وقال في حديث الى إذاعة "مونتي كارلو" انه إذا قدّمت الولاياتالمتحدة إدلة على وجود شبكات ل"القاعدة" في الصومال "فعندها يمكننا القول ان ضرب هذه الشبكات قد يكون ضرورياً" ولكن حتى الآن "نحن لا نزال في إطار الفرضيات". وأضاف ان القرار 1368 الصادر عن مجلس الأمن "يبرر توجيه الضربات، دفاعاً عن النفس، الى القاعدة من دون ان تكون هذه الضربات محصورة بالضرورة في أفغانستان". لكنه أكد ان فرنسا ستبقى حريصة على تجنب أي تجاوز لإطار القرار 1368. واعتبر "ان الرد على الإرهاب قد لا يكون عسكرياً بالضرورة، وإنما بإمكانه ان يأخذ أشكالاً أخرى". وعن العراق، قال فيدرين ان ثمة اتفاقاً بين كافة الدول الأوروبية إضافة الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على ان القضية العراقية لا علاقة لها بالحملة على الإرهاب. وأضاف ان من الضروري الاستمرار في ضرب جذور الإرهاب، لكن هذا لا يعني ضرب هذا البلد أو ذاك. وقال ان ما استهدف أفغانستان لم يكن يستهدف البلد نفسه بل البنية التحتية ل"القاعدة". الى ذلك، قال ناطق باسم وزارة الخارجية ان الحرب في أفغانستان لم تحقق بعد هدفها في تفكيك "القاعدة"، وان الكلام عن ضرب دول أخرى هو من قبيل التكهنات. وذكّر بما قاله وزير الخارجية الأميركي كولن باول لدى توقفه في العاصمة الفرنسية قبل أيام ان أي توصية بضرب العراق لم تُرفع الى الرئيس جورج بوش. لكن مصدراً فرنسياً مطلعاً رأى ان العراق يرفض حتى الآن التعاون مع الأممالمتحدة وان استمراره في هذا الموقف الى ما بعد الانتهاء من إعداد قرار جديد في شأن العقوبات عليه قد يحمل الولاياتالمتحدة على الاعتبار ان من الشرعي توجيه ضربة عسكرية اليه.