ساد التوتر والقلق الشديدان قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي في اعقاب مقتل خمسة مواطنين واصابة 50 آخرين برصاص الشرطة الفلسطينية في مخيم جباليا للاجئين خلال تشييع جنازة فلسطيني سقط مساء اول من امس في المخيم ذاته. في غضون ذلك، استقبل الفلسطينيون إعلان "حركة المقاومة الاسلامية" حماس بوقف عملياتها داخل اسرائيل واطلاق قذائف الهاون بارتياح خفف من حدة القلق. وجدد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، احد قياديي الحركة السياسيين الذي فشلت السلطة الفلسطينية في اعتقاله، رفضه تسليم نفسه الى الاجهزة الامنية. ودعا الفلسطينيون في تظاهرة حاشدة جابت شوارع مدينة رام الله الى وقف حملة الاعتقالات واغلاق مؤسسات الحركات الاسلامية والحفاظ على الوحدة الوطنية حقنا لدماء الفلسطينيين و"تفويتا" لامنيات رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون برؤية الفلسطينيين يتقاتلون. وردد المشاركون في التظاهرة التي توقفت دقائق امام مقر الرئيس ياسر عرفات، حيث يقبع عدد من المعتقلين السياسيين، قبل ان تتوجه الى الموقع الذي تتمركز فيه الدبابات الاسرائيلية التي تحاصر المدينة هتافات للرنتيسي، الذي لا تزال السلطة تصر على اعتقاله، داعين الى توحيد الصفوف ضد الاحتلال واستمرار الانتفاضة ومقاومة الاحتلال. وهتف المشاركون: "يا سلطتنا الوطنية الدم محرم علينا" و"الذي يخون الجماهير... لقاءات امنية ... وين النخوة والضمير". وشارك في التظاهرة قياديون من جميع الحركات والتنظيمات الفلسطينية بما فيها حركة "فتح" التي سبقت "حماس" في اعلان التزامها بما ورد في خطاب الرئيس الفلسطيني وقف العمليات العسكرية ضد اهداف اسرائيلية. واصيب حوالى 20 فلسطينياً بالاختناق جراء استنشاق الغاز فيما اصيب شابان بالرصاص المعدني خلال مواجهات حامية ذكرت بالايام الاولى للانتفاضة بين الشبان وجنود الاحتلال المتحصنين داخل دباباتهم ومجنزراتهم. وفي رده على سؤال ل"الحياة" وصف الشيخ حسن يوسف، احد قادة "حماس" في رام الله اثناء مشاركته في المسيرة، قرار الحركة وقف العمليات الانتحارية داخل اسرائيل بانه "موقف مسؤول اتخذ من خلال حوار داخلي وتدارس مع الفصائل والتنظيمات من دون استثناء وذلك لمواجهة الضغوط الاميركية والاسرائيلية". وزاد ان هذا لا يسلب ولا يصادر حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، مشيراً الى ان القرار مرهون باستمرار اسرائيل بعدوانها على الشعب الفلسطيني. وانه جاء لمنع حرب اهلية وفتنة داخلية لا يريدها اي فلسطيني. وكانت "حماس" اعلنت في بيان رسمي لها وزع في غزة "وقف العمليات الاستشهادية داخل الارض المحتلة عام 48 ووقف اطلاق الهاون الى حين". واضافت في البيان الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه ان هذا القرار جاء "استجابة للكثير من العقلاء الذين يرغبون في تفويت الفرصة على المحتلين لضرب وحدة صفنا ومن منطلق المسؤولية التاريخية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ شعبنا". وورد في البيان انه تم اتخاذ هذا القرار "من اجل وحدة شعبنا وحفاظاً على سلامة مسيرته الجهادية لنيل حريته واستقلاله وعلى رغم معرفتنا الكاملة بتوجهات العدو الصهيوني المحتل لسحق ارادة شعبنا وفرض الاذلال والمهانة عليه". وطالب البيان "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري للحركة "الالتزام الى ان يقضي الله أمراً كان مفعولاً". ووصف امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي قرار "حماس" بأنه "انتصار للشعب الفلسطيني على شارون الذي يريد خلق فتنة بين ابناء الشعب الواحد وبين الشعب وسلطته". وقال ل"الحياة" انه "سيساعد عرفات في وقف العدوان وتعرية الموقف الاسرائيلي". وشدد على ضرورة ان يفتح القرار "الباب لحوار جاد وعميق ومسؤول للوصول الى وثيقة سياسية موحدة للاطر والفصائل والحركات الوطنية كافة". واعتبرت اسرائيل من جانبها موقف "حماس" "خدعة"، فيما قال وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز انه سيحكم عليه من خلال الواقع على الارض، مضيفاً ان موقف اسرائيل ما زال يدعو "الى وقف اعمال الارهاب بكل اشكالها". واعلن مكتب رئيس الوزراء انه لا يزال يطالب ب"تفكيك جميع التنظيمات الارهابية ويحظر التفريق بين قتل الابرياء في مستوطنة عمانوئيل في الضفة الغربية والابرياء في تل ابيب والقدس". وجاء البيان بعد ان سارع مجلس المستوطنات الى مطالبة شارون برفض "قرار حماس الجزئي" وعدم التفريق بين دم اسرائيلي وآخر". وفي غزة حيث لا يزال التوتر الشديد يخيم على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، قتل خمسة مواطنين برصاص الشرطة الفلسطينية واصيب خمسون اخرون بجروح مختلفة بعدما قام عدد من المسلحين قالت مصادر الشرطة الفلسطينية انهم من افراد حركة "الجهاد" باطلاق النار باتجاه مركز الشرطة في المخيم اثناء مرور جنازة مواطن قتل اول من امس قرب الموقع. واعلن ناطق مسؤول في الشرطة انها تحاول التعامل مع المسألة "بحكمة وضبط النفس". الى ذلك، جدد الرنتيسي موقفه الرافض تسليم نفسه لاجهزة الامن الفلسطينية في الوقت الذي اكد فيه شهود ان الشرطة ابتعدت عن محيط منزله الذي بقي محاصراً خلال اليومين الماضيين. وعلى رغم اعلان جهات رسمية فلسطينية ان الرنتيسي سيسلم نفسه في ساعات بعد الظهر، نفى الرنتيسي هذه الانباء، مؤكدا ل"الحياة" ان جهودا حثيثة من جانب شخصيات فلسطينية لا تزال تحاول حل الازمة الراهنة منذ ثلاثة ايام وتنذر بانفجار آخر.