لا تزال محاولات النهوض بالسينما اللبنانية متعثرة حتى الآن، ولم تفلح كل المبادرات في اطلاق سينما قادرة على الحياة، لأن المشكلة في "بلد الألف فنان وأكثر" كما يقول المخرج السينمائي سمير الغصيني تكمن في الانتاج. فلبنان يفتقر الى منتجين مؤهلين لدفع السينما الى النور، وكل ما جرى حتى الآن لم يوصل الى وضع الحجر الأساس لبناء السينما في لبنان. الغصيني تحدث ل"الحياة" عن شؤون السينما اللبنانية وشجونها في حوار هذا نصه: ما جديدك؟ - أقوم بتحضير فيلم للتلفزيون على الطريقة السينمائية. وهذا شيء جيد ومفيد لأننا نساهم في نقل السينما الى التلفزيون. متى تكتمل صورة هذا العمل ويصبح جاهزاً للعرض؟ - العمل في نهايته، ويفترض أن يعرض في فترة الأعياد. واستغرق الاعداد له ثلاثة أشهر. جرت محاولات كثيرة لاطلاق السينما اللبنانية إلا أنها بقيت متعثرة، ما أسباب ذلك برأيك؟ - أزمة السينما ليست بنت اليوم، بل موجودة منذ زمن بعيد، إذ كان اعتمادها على المبادرة الفردية. وبوجود بعض المغامرين مثلي كانت تحصل مغامرات. أما اليوم فمع الأسف أصبح الانتاج السينمائي في العالم العربي مغامرة. لأننا لم نلتحق بالركب السينمائي العالمي الذي كان من المفترض أن يوصلنا الى صناعة سينما بالمستوى المطلوب. علماً بأننا نعترف بوجود طاقات سينمائية في لبنان، ان على صعيد المخرجين، أو على صعيد الممثلين. مشكلتنا محصورة فقط بالمنتج والموزع، بينما السينما المصرية قامت على المنتج والموزع. فاللبناني اذا ما أراد صناعة السينما بإمكانه أن ينجح اذا اتبع طريقة المنتج محمد ياسين. هذا الرجل يعرف كيف تصنع السينما إضافة الى خبرته في الانتاج والتوزيع. وعلى رغم الخسائر التي مني بها الا انه مصمم على انتاج السينما اللبنانية، ونحن جميعنا معه في هذا الجهد، علماً أن الذين سبقوه في هذا المجال من لبنانيين أمثال آل الصباح لم يتمكنوا من انتاج فيلم لبناني واحد. بينما انتاجهم المصري وصل الى 80 فيلماً في السنة. واللافت في محمد ياسين انه ليست عنده مشكلة في الانتاج فهو ينتج افلاماً مصرية وفي الوقت نفسه أفلاماً لبنانية فعسى أن يستمر في هذا الجهد. برأيك هل ما جرى انتاجه من أعمال حتى الآن كان على المستوى المطلوب؟ - المقومات موجودة كما ذكرت، ولكن التمويل غير متوافر، هذه مشكلة السينما في كل مكان. السينما تقوم على الممول والمنتج الصادق، لا المنتج التاجر. فلو أخذنا مثلاً المحاولات التي جرت منذ سنتين والتي قيل انها ستعيد الى السينما اللبنانية وهجها وبريقها، أعتقد بأنها كانت محاولات فاشلة جداً لأن العمل لم يكن صناعة سينما حقيقية والذين تولوا تنفيذه تنقصهم الخبرة السينمائية. قد ينجحون في صناعة الكليبات ولكن ليس في صناعة السينما. ما هو الفارق بين المخرج السينمائي والمخرج التلفزيوني؟ - المخرج السينمائي يعتمد كل الطاقات والصنعة الموجودة بين يديه، لأن الابداع السينمائي ينطلق من العناصر الموجودة مجتمعة. فهو، أي المخرج، يتفاعل مع البناء الدرامي للسينما ويتفاعل مع الممثلين المشاركين. التلفزيون يعتمد على ثلاث كاميرات للتصوير فقط إضافة الى الأشخاص المشاركين في التصوير وينتهي الأمر عند هذا الحد. أما الفيلم السينمائي فهو صورة وحركة. وفي هذا السياق فإن المخرج السينمائي يختلف كثيراً عن المخرج التلفزيوني بدءاً من ادارة الممثلين وبناء الدراما الشخصيات المشاركة. وهنا أشير الى أن المسلسل السوري نجح أكثر من المسلسل اللبناني لأنه نقل الطريقة المتبعة في السينما الى التلفزيون بينما نحن في لبنان ننقل التلفزيون الى السينما... وهنا يكمن الخلل... أخرجت أفلاماً سورية عدة منها "سمك بلا حسك" بطولة الفنان دريد لحام، ونجاح السينما ينطلق عادة من البيئة التي تمثلها. فالسوريون ينطلقون في أعمالهم من بيئتهم، أما الأعمال اللبنانية فجميعها مقتبس ولا علاقة له بالبيئة ولا بالخصوصية اللبنانية. المشكلة اننا نستورد القصة وندخلها في صناعة السينما... ما هي هواجسك كمخرج لبناني؟ - أطالب الدولة بحماية الفنان اللبناني ليكون تحت اشرافها باستمرار، لا أن يطغى على تفكيره هم ماذا يطعم أولاده؟ يجب أن يوجه تفكيره فقط نحو الكتابة أو حفظ السيناريو في شكل سليم. ومع الأسف حقوق الفنان مفقودة في لبنان. قبل الحرب الأهلية كانت بيروت عاصمة الثقافة الفنية في العالم العربي. أما اليوم وعلى رغم وجود وزارة للثقافة ينقصنا الكثير... هل يمكنك أن تبشر بصناعة سينمائية لبنانية قريبة؟ - لا أعتقد بأنها ستكون على المستوى المطلوب بل ستبقى في خانة المحاولات.