المتابع لمسيرة الفنانة إلهام شاهين الفنية، يدرك على الفور مدى عشقها للسينما خاصة، ويدرك أن هذه الفنانة تحاول جاهدة أن تكون متجددة سواء في الأداء أو الاختيارات. "الحياة" التقتها وسألتها عن رأيها في تجربة إنتاج التلفزيون للأفلام السينمائية، وما المشاكل التي تقف أمام صناعة أفلام جيدة. كيف ترين السينما الآن في ظل تطورات السوق السينمائية؟ - السينما الآن تمر بمرحلة نقاهة بعد بوادر إنفراج الأزمة التي قاربت على الانتهاء بفضل تضافر عدد من الجهود، مثل إنشاء شركات سينمائية كبيرة، وأيضاً تدخل التلفزيون لإنتاج أفلام سينمائية بمعايير صناعة السينما، وليس بمعايير التلفزيون. وأعتقد أن مشروع "المنتج المنفذ" مفيد جداً للسينما لو تم استغلاله بالشكل المناسب من جانب السينمائيين. فالتلفزيون المصري يمتلك امكانات مادية هائلة من شأنها أن تجعل السينما تعبر الأزمة وتزدهر مرة أخرى. هذا بالإضافة إلى مجهودات السينمائيين الجادين والحريصين على استمرار صناعة السينما المصرية. فهناك عدد من المخرجين الذين حققوا أفلاماً جميلة جداً وصلت الى العالمية مثل أفلام يوسف شاهين الذي اعتز به جداً وأتمنى العمل معه في أفلامه المقبلة. لكن هناك من يردد أن الأزمة قائمة خصوصاً في التوزيع؟ - الأزمة ليست أزمة توزيع، لكن أزمة دور عرض وأزمة مسؤولين. وبصراحة هناك أفلام كثيرة ترقد في العلب منذ فترة ولم تعرض بحيث أن الفنان أحياناً يندم على الاشتراك فيها لا لشيء إلا لأن مجهوده لا يرى النور، وإن تم عرض الفيلم يعرض لمدة اسبوع أو اسبوعين وبعد ذلك يختفي من دور العرض. وهذه ازمة خطيرة لم تكن موجودة من قبل ولاپبد من حلها وبسرعة. "عليه العوض" من أفلامك التي في العلب... لماذا لم يعرض؟ - الفيلم من إنتاج التلفزيون وإخراج علي عبدالخالق، وأنا لا أعرف لماذا لم يتم عرضه حتى الآن على الرغم من جودة الفيلم سينمائياً. انه يقدم قصة "ندابة" تريد أن تتزوج، فتضطر أن تغني في الأفراح ليلاً و"تندب" الموتى نهاراً، والفيلم فيه عرض فلسفي جميل، وهذه الفلسفة لم أرها إلا في "قلب الليل" لعاطف الطيب و"السقا مات" لصلاح أبو سيف، لذلك أنا معتزة جداً بهذه التجربة. والمسؤول عن عرض الفيلم جماهيرياً هو التلفزيون وليس إلهام شاهين أو علي عبدالخالق. وأتمنى أن تكون لدى التلفزيون خطة لتوزيع وعرض أفلامه خصوصاً أن "عليه العوض" من أوائل الأفلام التي انتجها التلفزيون في العام 1996 وقدم بعده "القتل اللذيذ" وتم عرضه. شاركت في عدد من الأفلام التي انتجها التلفزيون، ما تقويمك للتجربة؟ - كما قلت هي تجربة مفيدة جداً وأتاحت فرصة إنتاج أفلام بموازنات ضخمة، وجعلت وجود أكثر من نجم في العمل الواحد أمراً متاحاً. مثلاً في "القتل اللذيذ" هناك ميرفت امين وسمير صبري وخالد النبوي، وفي "حائط البطولات" عدد من النجوم. وفي "سوق المتعة" محمود عبدالعزيز، وهكذا لو تتبعت الأفلام التي انتجها التلفزيون، ستجد عدداً من الفنانين لم يكن موجوداً في فيلم واحد من قبل. هل هناك عودة الى ظهور أكثر من فنانة في العمل الواحد؟ - طبعاً، وأول فيلم كسر هذه القاعدة هو "يا دنيا يا غرامي" الذي مثلته ليلى علوي وهالة صدقي وإلهام شاهين، وفي "القتل اللذيذ" ميرفت أمين وإلهام شاهين، واعتقد أن المناخ الفني في مصر الآن جيد ويسمح بوجود أكثر من نجم ونجمة في العمل الواحد، والسينما الآن اختلفت وكذلك السوق السينمائية، فوجود أكثر من نجم ونجمة يجعل نسبة الإقبال الجماهيري أكبر. وماذا عن فيلمك الجديد "سوق المتعة"؟ - الفيلم سيناريو وحيد حامد وإخراج سمير سيف وبطولة محمود عبدالعزيز، وأعتقد أن الفيلم يحمل مضموناً فلسفياً لمعنى الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان في العالم الثالث. وهذا العمل يذكرني بتجربتي مع وحيد حامد وعاطف الطيب وأحمد زكي في "البريء"، هذا الفيلم على الرغم من صغر دوري فيه إلا أنني سعدت به كثيراً، هناك أفلام لا يهم الفنان مساحة الدور أو الأجر فيها لأن مجرد حضوره بين صانعيها شيء مُشرف، أنا اعتبر "سوق المتعة" نقلة فنية في حياتي وهو في ذات الوقت رؤية سينمائية في غاية الجمال والروعة لمفهوم الحرية. على الرغم من تفاؤلك السينمائي، إلا أنك تتجهين الى التلفزيون... لماذا؟ - لا نستطيع أن ننكر أهمية التلفزيون. والفنان احياناً يحتاج الى مواجهة جمهور أكثر عدداً من جمهور السينما أو الفيديو، فالتلفزيون يشاهده تقريباً 60 مليون مواطن مصري ومثلهم من العرب عبر القنوات الفضائية، فهو لذلك تجربة مهمة، لكن المهم التوقيت المناسب لخوض هذه التجربة، حتى لا يتم حرق الفنان، يعني ان أقدم عملاً تلفزيونياً في وقت لا اعرض فيلماً سينمائياً او مسرحية وبذلك لا اشتت جمهوري او افقد بريقي بحيث اصبح موجودة في كل مكان، أنا لا احب ذلك. لقد قدمت اعمالاً تلفزيونية اعتقد ان الجمهور اعجب بها مثل "الحاوي" و"ليالي الحلمية" و"السيرة العاشورية" والمسلسل الاخير تجربة جميلة شاركت فيها نور الشريف وهشام سليم واحمد بدير، وعلى الرغم من انه انتاج خاص الا ان المنتج لم يبخل على العمل، وقدمنا عملاً حقق نجاحاً جماهيرياً في مصر والوطن العربي، وهذا هو سحر اعمال نجيب محفوظ، لان المسلسل اعطى مساحة للادوار اكبر، وهناك تفاصيل اكثر لا يسمح بها الفيلم السينمائي. نعود الى السينما ونقول ان هناك افلاماً غير ناجحة، لماذا شاركت فيها؟ - أنا قدمت افلاماً نجحت على المستوى الفني والجماهيري والدليل الجوائز التي احصدها سواء في المهرجانات المحلية او الدولية، فأنا حريصة على تقديم افلام سينمائية جيدة. وما رأيك في "هارمونيكا" و"ارض ارض"؟ - انهما من نوع الأعمال الرومانسية في المقام الاول ويخاطبان عواطف ووجدان المشاهد. وفي "هارمونيكا" قدمت دوراً من افضل ادواري السينمائية مع محمود عبدالعزيز وزيزي البدراوي واحمد السقا، كذلك في "ارض ارض"، وكلا الفيلمين عمل أول لمخرجين شباب، الاول لفخرالدين نجيدة والثاني لاسماعيل مراد، وهذه النوعية قد لا يقبل عليها المتفرج البسيط، لكنها تجربة سينمائية جميلة تنتمي الى سينما مختلفة.