انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرار واشنطن الانسحاب من معاهدة الردع الصاروخي، لكنه قال ان موسكو التي "كانت على علم مسبق بذلك"، لن تستخدم حقها في اتخاذ خطوة جوابية. ودعا الى علاقات متينة مع الولاياتالمتحدة ولم يستبعد احتمال "التحالف" مع الغرب. وطالب بدعم دولي للحملة الشيشانية، مؤكداً ان بلاده تواجه "ارهابيين ... من دول عربية". وذكر بوتين ان واشنطن اتخذت "خطوة خاطئة" بانسحابها من المعاهدة، لكن موسكو لا تنوي الرد بتصعيد "هستيريا العداء لأميركا". وفي حديث الى صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية نُشر عشية زيارة الرئىس الروسي للندن في 21 و22 الشهر الجاري، قال بوتين ان شبكة الصواريخ المضادة للصواريخ التي تنوي واشنطن نشرها، قد لا يتسنى انشاؤها اصلاً. وأضاف: "ان روسيا ستبقى قادرة على اختراقها ولذا فإن الاخلال بميزان القوى لا يشكل خطراً جدياً" على روسيا. وأوضح الرئيس الروسي ان معاهدة "اي بي ام" التي كانت تسمح لكل من الطرفين إقامة شبكة محدودة للدفاع الصاروخي، كانت طوال الاعوام ال30 الماضية، هكيلاً استند اليه نظام الأمن العالمي وأساساً لإبرام زهاء 30 اتفاقاً في مجال الأمن. واعتبر بوتين ان الانسحاب من المعاهدة قد يؤدي الى حض دول اخرى على تطوير اسلحتها من دون ان يكون للدول الكبرى حق معنوي في الاعتراض. وكشف بوتين انه كان على علم مسبق بالقرار الاميركي. وقال ان واشنطن عرضت "انسحاباً ثنائياً"، إلا ان موسكو رفضت لعدم اقتناعها بحجج الولاياتالمتحدة التي ادعت انها تريد حماية اراضيها من صواريخ يطلقها ارهابيون او "دول مارقة". واعتبر الرئىس الروسي ان معاهدة 1972 تشمل الصواريخ العابرة للقارات التي "يستبعد ان يحوزها في اي وقت مقبل" ارهابيون او دول "منبوذة". ولم يؤيد بوتين دعوة عدد من الجنرالات والسياسيين الروس الى الرد على الانسحاب الاميركي بخطوات مماثلة. وقال ان لموسكو الآن الحق في اقامة رؤوس نووية منفصلة على صواريخها. وذكر ان وضع ثلاثة أو أربعة رؤوس على كل صاروخ وتزويده نظاماً لاختراق "الدروع" سيجعل من الشبكة التي ينوي اقامتها مجرد "ألعوبة ليست جدية او خطيرة". إلا انه اكد ان موسكو لن تستثمر هذا الحق. بل انه مضى شوطاً أبعد بتأكيده ان العلاقات الروسية الاميركية ستستمر في التحسن لتصبح "اشد متانة". وامتدح نظيره الاميركي جورج بوش قائلاً "لم يخدعني مرة، وهو يفعل ما يقول وبهذا المعنى فهو شريك يؤتمن". ودعا الى ان تكون العلاقات بين موسكو والغرب عموماً ومع الولاياتالمتحدة تحديداً، "في سياق الشراكة او حتى التحالف". وأكد وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانونف ان موسكو لا تنوي اتخاذ "خطوات جوابية". لكنه قال ان روسيا تنوي تطوير القوات الصاروخية الاستراتيجية وفق خطة كانت أعدّت قبل اعلان القرار الأميركي. ومن جانبه، حذّر مستشار الرئيس الروسي للشؤون الاستراتيجية المارشال ايغور سيرغييف من ان الانسحاب الاميركي من معاهدة "اي بي ام" سيخلق "فراغاً قانونياً" خطيراً. ودعا الى ابرام معاهدة جديدة تفرض قيوداً على انظمة الدفاع الصاروخي وتثبت التزامات الطرفين في شأن خفض الاسلحة الهجومية. وعلى صعيد آخر اشار بوتين في حديثه الى "فايننشال تايمز" الى ان روسيا تأمل في دعم دولي لأدائها في الشيشان. وقال انها تواجه هناك "قوتين هدّامتين" تتمثلان في "الارهابيين الدوليين وهم في الدرجة الأساس من البلدان العربية، وفلول العصابات الانفصالية". وقال: "ان الارهابيين الدوليين كانوا تربّوا وتدربوا في معسكرات تنظيم "القاعدة" في افغانستان". وشدد على ان اجهزة الاستخبارات الروسية والاميركية والبريطانية "متفقة في هذا الشأن". وأضاف: "ان انسحاب القوات الروسية من الشيشان عام 1996، أدى عملياً الى حصول هذه الجمهورية على الاستقلال"، الذي تحول في رأي الرئيس الروسي "فراغاً ملأه اصوليون وإرهابيون". وشدد بوتين على ان موسكو "لن تكرر الخطأ ولن ترضى بالنزعات الانفصالية".