} تواصلت المعارك عنيفة في مرتفعات تورا بورا شرق أفغانستان، بين قوات "تحالف الشمال" يعاونهم جنود أميركيون من القوات الخاصة، وبين قوات شبكة "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن التي تقاتل بشراسة، باعتبار أن هذه المرتفعات ملاذها الأخير. وأصيب أمس جنديان أميركيان إصابات طفيفة، وذلك للمرة الأولى في معركة برية. وشهدت خطوط الجبهة قصفاً جوياً مكثفاً، لا يبعد أكثر من 500 متر عن مواقع "التحالف". ونفت وزارة الدفاع الأميركية أن تكون واشنطن عطلت استسلام عناصر "القاعدة" في مسعى الى "إبادتهم". كابول، تورا بورا أفغانستان، بيشاورباكستان، واشنطن "الحياة"، أ ف ب، رويترز، أ ب - شنت الطائرات الاميركية غارات جوية عنيفة، ودارت معارك طاحنة بين قوات أفغانية محلية تابعة ل "تحالف الشمال" وعناصر شبكة "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن في مرتفعات منطقة تورا بورا الجبلية شرق أفغانستان. وأسقطت طائرة قاذفة حجبتها الغيوم، عشر قنابل انفجرت في دوي قوي في جبل ميلاوا على سلسلة الجبال البيض. وسقطت هذه القنابل على بعد حوالى 500 متر من مقر قيادة القوات الافغانية التي تحاصر مقاتلين من "القاعدة" وتحاول الاستيلاء على آخر موقع لهم على قمة الجبل. وفي وقت سابق، تعرضت المنطقة لقصف متفرق منذ الصباح وسقطت ست قنابل خلال نصف ساعة قبل بدء القصف الكثيف. وقال أحد القادة الثلاثة الرئيسيين للقوات الافغانية، حضرت علي، للصحافيين إن نحو مئة مقاتل عربي يتمركزون على التلة التي تتعرض لقصف شديد، مضيفاً أنهم "باتوا محاصرين من قواتنا". وفي الوقت نفسه، دارت معارك على الارض وسمع دوي إطلاق نار متفرق من أسلحة خفيفة ورشاشة فضلاً عن إطلاق قذائف هاون. وبدا علي متفائلاً بالنسبة الى مصير المعركة، مؤكدًا أن "أفراد القاعدة في تورا بورا انتهوا". وقال إن قواته استولت على الكثير من أسلحة "القاعدة" وبينها أسلحة ثقيلة كانت موجودة في تحصيناتها. ورداً على سؤال عن وجود قوات أميركية خاصة، قال: "لا أنكر ذلك، لكنهم لا يعملون معنا في البحث عن بن لادن". وأكد أن القوات الاميركية موجودة في المكان للمساعدة في توجيه عمليات القصف. وقال مسؤول عسكري أميركي إن قوات أميركية خاصة إضافية تقدر "بالعشرات" أرسلت الى المنطقة للمساعدة في القتال ضد بن لادن وقوات "القاعدة". وأصيب في معارك الأمس عسكريان أميركيان أثناء مشاركتهما في معركة للسيطرة على مربض مدفع رشاش لمجمع جبلي ل"القاعدة" في تورا بورا. وقال شاهد إن الاصابتين طفيفتان، واحدة في الركبة والثانية في الكتف، وأن العسكريين استطاعا الانتقال الى موقع خلفي، ومنه الى مستشفى ميداني. وهذه المرة الأولى التي يصاب فيها جنود أميركيون خلال مواجهة عسكرية مع عناصر "القاعدة". وبعد أيام من القصف المكثف ضيقت الطائرات الاميركية الخناق حول بقايا مقاتلي "القاعدة" في تورا بورا. وانهارت محادثات لاستسلامهم قبل يومين. وقال ضابط في قوات "التحالف" أمس إنه لا يرى نهاية سريعة للقتال، و"هناك جبال كثيرة، وكلما سيطرنا على جبل نجد جبلاً آخر". وأضاف أن قوات "القاعدة" أجبرت على الانسحاب الى الجبال البيض شرق أفغانستان لكنها لم تظهر أي بادرة على رغبتها في الاستسلام. وقال حاجي زاهر وهو قائد ميداني: "قوات القاعدة تقاتل قواتنا. نحن نتقدم والقاعدة تتقهقر". ويوجد في الجبال والوديان القريبة من قرية تورا بورا الشرقية شبكة من الكهوف يحتمي فيها عدد غير معروف من مقاتلي "القاعدة" وربما أيضًا بن لادن. وأوضح: "كان يمكنهم الاستسلام منذ يومين لكنهم لم يفعلوا ويواصلون القتال. حين يلقون سلاحهم يمكننا القول إنهم استسلموا". وأضاف زاهر الذي استخدمت قواته الدبابات ومدافع الهاون في المعركة إن تأثير القصف الجوي الاميركي على الجبال الصخرية الوعرة محدود. واخطأت قنبلة واحدة على الاقل هدفها صباح أمس. وسقطت في أحد الحقول على بعد بضعة أميال من المكان الذي يقف فيه فريق مراسلي "رويترز". في واشنطن، نفى وزير الدفاع الاميركي دونالدر امسفيلد أن تكون القوات الاميركية تحاول قتل جميع زعماء "القاعدة" في أفغانستان، لكنه حذر من أن أي استسلام من جانبهم في مخبأهم يجب ألا يكون مشروطاً. وقال رامسفيلد: "إننا لا نفعل ذلك عندما نبرم اتفاقات"،موضحاً أن الاستسلام يمكن أن يوفر معلومات استخباراتية من السجناء في حرب واشنطن ضد الارهاب. وقال رئيس هيئة الاركان المشتركة للقوات الاميركية الجنرال ريتشارد مايرز ان "هذه ليست حرب إبادة، وهذا توصيف غير موفق. لا أعتقد بان هذا النوع من الصوغ مفيد أو دقيق". وأضاف: "الطريقة الاسرع التي تفعل بها ذلك إذا استسلموا جميعهم هو أن يخرجوا بعلم أبيض، وأن يسلموا أنفسهم ويمكننا أن نتعامل معهم. وهذا سيكون رائعاً". وأعلن أن مقاتلي "القاعدة" لم يعرضوا الاستسلام أبداً. وقال: "لم نتسلم أو نوافق على عرض بالاستسلام من القاعدة". وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية ذكرت أن اتفاق استسلام بين "القاعدة" وقادة أفغان محليين فشل بسبب معارضة الاميركيين. الى ذلك، انتشر حوالى أربعة آلاف جندي وعسكري باكستاني على طول الحدود مع أفغانستان قبالة منطقة الجبال البيض في تورا بورا، بحسب ما أفاد ضباط باكستانيون أول من أمس. وأفاد الضباط أن مجموعات من الجيش النظامي والقوات المسلحة الباكستانية انتشرت على طول أربعين كيلومترًا في مناطق القبائل شمال غربي باكستان. وتخشى واشنطن فرار بن لادن وبعض قادة القاعدة الى باكستان.