في مثل هذه الأيام قبل تسع سنوات، بدأت الولاياتالمتحدة حربها ضد «الإرهاب» رداً على هجمات تنظيم «القاعدة» في 11 أيلول (سبتمبر) 2001. تغيّرت «القاعدة» كثيراً خلال هذه السنوات التسع. تفككت في البداية إثر انهيار حكم حركة «طالبان» لأفغانستان، ثم أعادت التقاط أنفاسها في مناطق القبائل الباكستانية، قبل أن تنتشر في أنحاء العالم عبر «وكالات» تحمل لواء التنظيم وخصوصاً في المغرب العربي ومشرقه وخليجه. تعرض «الحياة» في سلسلة حلقات تبدأ بنشرها اليوم لهذا التحوّل الذي شهده التنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن في العام 1988. تستهل السلسلة بتقديم رواية مباشرة للتحضيرات التي قامت بها «القاعدة» ل «غزوة نيويورك وواشنطن»، وتكشف أن القائد العسكري للتنظيم آنذاك محمد عاطف «أبو حفص المصري» كان يسعى إلى امتلاك أسلحة كيماوية أو بيولوجية أو نووية لكي يكون لديه «توازن رعب» يمنع الأميركيين من اللجوء إلى توجيه ضربات شديدة إلى أفغانستان رداً على «الغزوة». لكن قبل أن ينجح «أبو حفص» الذي قتل لاحقا في امتلاك هذه الأسلحة وجّهت «القاعدة» ضربتها إلى الأميركيين من دون أن تتوقع أن يلجأ هؤلاء إلى المجيء بأنفسهم للقتال في أفغانستان. «كان بن لادن يعتبر أن الأميركيين جبناء لن يأتوا للقتال»، بحسب ما يقول القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية المقاتلة» الليبية نعمان بن عثمان (أبو محمد الليبي) الذي اجتمع مع بن لادن في قندهار خلال تحضيرات «القاعدة» لهجمات 11 سبتمبر. يروي بن عثمان كيف خاض العرب معاركهم في أفغانستان بعد بدء الغزو الأميركي. في كابول، قاد «أبو الليث الليبي» معركة الدفاع عن العاصمة الأفغانية بعدما وعدته «القاعدة» بتأمين 200 مقاتل يساعدونه في التصدي لقوات تحالف الشمال المتقدمة على جبهة «شمالي». لكن «القاعدة»، بحسب ما يؤكد بن عثمان، لم تتمكن من إرسال مقاتل واحد لهذه المهمة. كان مقاتلوها يتوجهون إلى قندهار، العاصمة الروحية ل «طالبان» في الجنوب، وإلى تورا بورا في الجنوب الشرقي حيث صعد بن لادن شخصياً لقيادة المعركة ضد الأميركيين. لكن في حين قاد رئيس اللجنة العسكرية في «القاعدة» سيف العدل معركة مجمّع المطار في قندهار «من مكان بعيد» وعبر «جهاز للاتصالات»، كان بن لادن يسلّم قيادة معركة تورا بورا إلى قياديين جهاديين هما «إبن الشيخ الليبي» و»أبو ذرّ البحريني» وينسحب في اتجاه باكستان. لم يتصور زعيم «القاعدة»، على ما يبدو، أن الأميركيين سيأتون بأنفسهم لمطاردته في جبال سبين غار (الجبل الأبيض) الوعرة التي تغطيها الثلوج لفترات طويلة في الشتاء.