تعقيباً على مقال الأستاذ جهاد الخازن في زاويته "عيون وآذان" "الحياة" في 3/12/2001 الذي تحدث فيه عن التحريض اللفظي، ويتساءل الاسترالي المولد والاميركي الجنسية مارتن انديك، في مقال في صحيفة "واشنطن بوست"، عن: 1 - كيف يُطلب من الادارة الاميركية أو يتوقع منها أن تستقبل عرفات في البيت الأبيض والأمير عبدالله ولي عهد السعودية لا يقدم الدعوة الى شارون لزيارته في قصره في المملكة؟ 2 - يُطالب مارتن انديك بوقف التحريض على الاسرائيليين من جانب السعودية ومصر ووقف الكره لأميركا واللاسامية. 3 - يطالب كاتب اسرائيلي وزارات التعليم في مصر والأردن والسلطة الوطنية بأن تعترف فوراً بإسرائيل في كل خرائطها ونشراتها. بالنسبة الى الموضوع الأول يحق لنا أن نتساءل، في ميزان المكسب والخسارة، ما هو مكسب كل من عرفات وشارون من الزيارتين المختلفتين؟ ولنا في هذا رأي قد يكون صحيحاً وقد يكون خاطئاً. أما بالنسبة الى الرئيس عرفات فقد استقبلته الادارة الاميركية سابقاً، فماذا قدمت له؟ أليست اميركا من أكبر الدول التي ساعدت على احتلال فلسطين وذلك بتجميع اليهود من شتى بقاع العالم وارسالهم الى فلسطين على متن سفن اميركية؟ أليست أميركا هي التي قدمت المال لليهود عند مجيئهم الى فلسطين والى الآن؟ أليست أميركا هي التي قدمت وتقدم الطائرات والصواريخ والقنابل والبنادق لليهود كي يحتلوا فلسطين؟ أليست أميركا هي التي تستخدم حق الفيتو ضد كل ما هو فلسطيني؟ أعتقد أن المكسب الوحيد في حال استقبال البيت الأبيض للرئيس عرفات هو في مصلحة اميركا. عند ذلك سيتضح ان اميركا ليست دولة عنصرية كما يتهمها كثيرون، وبالذات العرب والمسلمون، عند ذلك أقول لعرفات "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم". يعلم شارون ويعلم مارتن انديك ان تصريحات ولي عهد السعودية الثابتة تقول: "نحن لا يهمنا كل من يتكلم أو من ينتقد لأننا متمسكون بعقيدتنا وبديننا وسنموت نحن وأبناؤنا في خدمة هذا الدين والوطن والمليك"، كيف تكون تصريحات بتلك القوة والوضوح، ثم يدعو الأمير عبدالله سفاحاً مطلوباً للمحاكمة كمجرم حرب؟ ونحن نعلم ان ولي عهد السعودية رجل ذو روية في الفكر والسياسة وما تشتمل عليه من أدب وعلاقة بالناس، رجل يعرف للأسير حقه فلا يأمر بضربه بالقنابل، بعد أسره وتكبيله، ومن دون محاكمة، لأنه تعلم ذلك من دينه. لقد فهمت الصهيونية ان ولي العهد يريد ان يعود بالعرب الى قيم وشمائل كثيرة اندثرت لأنه يؤمن بأن الحياة الجديدة للعرب لا تكون إلا على أساس متين، ولا حياة للعرب إلا إذا عنينا بتاريخهم القديم، وبتاريخهم الاسلامي عنايتهم بما يمس حياتهم اليومية من الحضارة الحديثة. ثم يذهبون الى الحضارة الحديثة لكي يأخذوا منها كل ما هو نافع، ويتركوا كل ما هو سيئ ومختلف عن طبائعهم ومعتقداتهم. ان الحياة كلها تطورت وتحولت، وزادت في تغيير طبائعنا وفي تغريبنا. ان العولمة تفرض علينا التغريب فرضاً. لذلك نريدها عولمة عربية، وان تكون صفاتنا واخلاقنا وشمائلنا التي تكاد تندثر في هذا الزمان اساساً من أسس الثقافات الحديثة، لأنها صالحة لكي تكون كذلك. وعندما يتم ذلك سوف تكون قيامة العرب من نومهم. وهذا ما تخافه الصهيونية. ويطالب مارتن بوقف التحريض على الاسرائيليين، من جانب السعودية ومصر، ووقف الكره لأميركا واللاسامية. أقول: ليس هناك تحريض، ولكن بما أنه يحق للإنسانية وللحضارة الانسانية معرفة الأخيار فيها، كذلك من حق الانسانية معرفة الأشرار لقطع دابرهم، اليوم أو غداً ان شاء الله. يريدون من السعودية ومصر تغيير صورة شارون الى صورة البطل والفدائي والمجاهد. إن السعودية ومصر لا يفعلان ذلك لأن دستورهما السماوي علمهما أن يقولا الحق ولو على أنفسهما. بالنسبة الى الموضوع الثالث، الذي يطالب فيه كاتب اسرائيلي، هو الدكتور غاي بيشور، في صحيفة "يديعوت اخرونوت" وزارات التعليم في مصر والأردن والسلطة الوطنية بأن تعترف فوراً بإسرائيل في كل خرائطها ونشراتها. وحتى لا يتهمنا ذلك الكاتب بالعنصرية أو التحيز أقول له: أليس من الأولى أن نضع ال5 ملايين لاجئ فلسطيني أولاً على الخريطة؟ أين مكان هؤلاء وهم أصحاب الأرض والديار؟ هم أولى أم المهاجرون من روسيا، ومن الحبشة، والذين لا يملكون، يا دكتور غاي، حق الملكية في الأرض؟ والديار حق ابدي لا ينزعه احتلال أو سيادة دولة أو معاهدة أو اتفاق. هل تعرف يا دكتور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194؟ ان من حقوق الانسان الأساسية ان يعود كل انسان الى وطنه. ولكن يا دكتور لا بد من أن تعرف ان الاحتلال بالقوة لا يزول الا بالقوة. لا بد من أن تعرف يا دكتور ان ابني يحيى، وهو في الصف الأول الابتدائي، يعرف القرى والمدن التي أزالتها اسرائيل، وطردت أهلها. يعرفها أكثر من الأبجدية، يعرف الرملة، بيسان، القدس، الخليل، طولكرم، الناصرة، عين الزيتون وأبو شوشة، وعرب السمنية، وصالحة وحيفا وبئر السبع وخربة ناصر الدين، والمسدود، والحسينية... الأقصر - أحمد عبدالمجيد البغدادي