لم تنجح الاتصالات والوساطات التي استمرت حتى الساعات الاولى من فجر امس، في خلق المناخ الذي يساعد على تذليل العقبات امام اصدار الدفعة الثانية الاخيرة من التعيينات الادارية، ما اضطر رئىس الجمهورية اميل لحود الى الطلب في مستهل جلسة مجلس الوزراء تأجيل البحث في التعيينات ريثما يتم التوصل الى تفاهم يسهم في اصدارها في جلسة لاحقة. في معلومات "الحياة" ان استمرار الخلاف بين رئىسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري حول اسم المدير العام الجديد للضمان الاجتماعي كان السبب الرئىس وراء اقتراح لحود التأجيل، اذ ان الاول بقي متمسكاً الى حد ما وحتى منتصف ليل امس، بتعيين القاضي عوني رمضان لهذا المنصب بذريعة ان الوزير المختص وزير العمل والشؤون الاجتماعية علي قانصوه كان رشحه من طريق مجلس الخدمة المدنية في مقابل تمسك الثاني بترشيح مستشاره الاقتصادي الدكتور غازي يوسف. وكشف احد الوزراء ان اسمي رمضان ويوسف طرحا في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء، وان معظم الوزراء الذين تحدثوا أيدوا تعيين يوسف وأشادوا به. وتابع الوزير: "ان استمرار الخلاف في الجلسة وعدم التوصل الى تفاهم كاد يطيح بها لما خيم عليها من توتر وأجواء مشدودة، لكن لحود اصر على متابعة الجلسة رافضاً رفعها ومؤكداً بأن الجميع اعطى وعداً بضرورة انجاز ملف التعيينات وبالتالي لا يجوز التأخير لئلا تترتب عليه آثار سلبية". ولفت الى ان تعليق اصدار التعيينات في سلة واحدة جاء على خلفية تفاقم الخلاف على مديرية الضمان، اضافة الى اشكالات لا تعتبر اساسية وتتعلق بالأمانة العامة لوزارة الخارجية ومديرية الاقتصاد وان كانت الاخيرة مدعاة لبحث لاحق. وأكد الوزير أن الاتصالات تكثفت طوال اول من امس واستمرت حتى الفجر، وقال ان كبار المسؤولين السوريين احيطوا علماً بالمشكلة وبادروا الى التدخل بهدف التوصل الى مخرج يحول دون حصول اي تأزم في العلاقات الرئاسية لا سيما بين بري والحريري في ظل غياب الاتصالات المباشرة بينهما وفي ظل شعور بري بأن هناك تخطيطاً لمحاصرته في الادارة. وعلى ذمة الوزير فإن بري ألغى اول من امس لقاءاته الاسبوعية مع النواب وانتقل الى البقاع للقاء مسؤولين سوريين كان على موعد مسبق معهم، مشيراً الى ان مشكلة الضمان كانت حاضرة في لقاءات رئىس المجلس. وكشف النقاب ايضاً عن ان اتصالات مماثلة أجريت للتفاهم على مرشح ثالث بديلاً لرمضان ويوسف لتفادي الوصول الى مأزق وان الامر نوقش مع الوزير قانصو، بعد ان دخل الوزير السابق النائب اسعد حردان على خط الاتصالات. ورأى ان تمسك الحريري بترشيح يوسف يعود الى قناعته بمقدرته على التصدي للمشكلات التي تعانيها مؤسسة الضمان التي تعتبر من كبرى المؤسسات اللبنانية وبالتالي ايجاد حلول لها. وأكد الوزير ان المسؤولين السوريين وسعوا رقعة اتصالاتهم بكبار المسؤولين ما افسح في المجال امام تجدد الوساطات ليلاً، مشيراً الى قيام وزير التربية عبدالرحيم مراد بتحرك بين بري والحريري بعد ان احجم رئىس المجلس عن الرد على اتصالات عدد من الوزراء ابدوا رغبتهم بالتوسط. لكن تعثر الاتصالات حال دون المغامرة بالعلاقة بين بري والحريري التي بدأ يشوبها بعض التباين ويغلب عليها التوتر. ولهذا السبب لم يؤخذ باقتراح العودة الى مجلس الوزراء كمؤسسة يعود لها اتخاذ القرار، وذلك لتفادي المزيد من التأزم. وفيما كان الوزير قانصو اعد اقتراحاً بديلاً يقضي بصرف النظر عن ترشيح رمضان واستبداله بمرشح آخر هو الدكتور احمد الجشي. وكان سبق ان جرى التداول باسمه، وأرسل اسمه الى مجلس الخدمة المدنية الذي تسلمه في ساعة متأخرة من نهار اول من امس بادر لحود بعد الثانية عشرة ليلاً الى الاتصال برئيسي المجلس والحكومة مقترحاً تأجيل اصدار الدفعة الاخيرة من التعيينات. وهكذا تقرر التأجيل خصوصاً ان هناك مسائل اخرى لها علاقة بالتعيينات لم يتم تذليلها، ومنها قضية تعيين عضو المجلس الدستوري القاضي خالد قباني اميناً عاماً لوزارة الخارجية. وعلمت "الحياة" ان لا اعتراض على تعيين قباني وان لا صحة لما تردد من ان الطوائف المسيحية تطالب "باسترداد" هذا المنصب وان التأخر يعود الى ايجاد المخرج كونه يحال على التقاعد لدى بلوغه الثامنة والستين من العمر، خلافاً للمناصب الادارية الاخرى التي يتقاعد فيها الموظف عند بلوغه الرابعة والستين، اضافة الى بروز مشكلة ناجمة عن اقتراح وزير الاقتصاد والتجارة باسل فليحان استبدال المدير العام الحالي عصام حب الله بالدكتورة حنين عبدالله وهذا ما احدث رد فعل لدى بري. الا ان قضية مديرية الاقتصاد كانت في طريقها الى الحل بتسمية مرشح آخر، بعد ان صرف النظر عن ترشيح عبدالله. لذلك لم يكن في وسع مجلس الوزراء سوى البحث عن مخرج لتبرير التأجيل يعود الى وجود اعتراضات على الدفعة الاولى من التعيينات تنطلق من انها غير متوازنة وتقرر العودة في هذا الامر الى مجلس الخدمة. وفي حال تبين وجود خلل، سيعاد الى تصحيحه من خلال الدفعة الثانية، علماً ان مرد غياب وزير الصحة سليمان فرنجية عن الجلسة، يتعلق باستبدال المدير العام الحالي للبلديات جان خوري بخليل الحجل، على رغم ان الوزير المختص اي الياس المر كان وعده بعدم استبداله. وعليه فإن التأجيل من وجهة نظر معظم الوزراء، كان في محله، وفي تقديرهم ان تجميد اصدار الدفعة الثانية، سيوفر الوقت الكافي للتغلب على العقدة، وسيفسح في المجال امام معاودة التواصل بين بري والحريري.