سارعت قيادة حزب «الطاشناق» اللبناني الى الاتصال بحليفها زعيم «التيار الوطني الحر» رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون لقطع الطريق على احتمال تصدع العلاقة بينهما على خلفية تصويت ممثل الحزب في الحكومة الوزير أبراهام دده يان لمصلحة التعيينات التي صدرت عن مجلس الوزراء في جلسته مساء أول من أمس والتي شملت تعيين الوزير السابق خالد قباني رئيساً لمجلس الخدمة المدنية والقاضي عوني رمضان رئيساً لديوان المحاسبة والقاضي محمد أكرم بعاصيري رئيساً لهيئة التفتيش القضائي، بخلاف موقف وزراء تكتل التغيير الذين اعترضوا على إصدار هذه الدفعة من التعيينات من دون ربطها بملء الشواغر في عدد من المراكز القضائية، أبرزها رئاسة هيئة التشريع والقضايا في مقابل امتناع وزيري «حزب الله» عن التصويت. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية مواكبة للأجواء التي سادت الجلسة ولتلك التي أعقبت الاتصالات بين الطاشناق وعون، بأن تكتل التغيير فوجئ بموقف حليفه ممثل الطاشناق بالتصويت لمصلحة إقرار التعيينات وعدم تأجيلها الى جلسة أمس، خصوصاً أن صوت دده يان هو الذي أحدث الفارق ورجح بصوته كفة الثلثين التي يحتاج إليها قرار إقرار التعيينات في الفئة الأولى. وبحسب المعلومات، فإن قيادة الطاشناق سارعت الى الاتصال بعون بغية توضيح موقف الحزب للرد على التساؤلات التي رافقت تصويت ممثله في الحكومة الى جانب إصدار التعيينات، وكان أبرز الأسئلة: هل إن موقفه هو مؤشر الى تصدع في تكتل التغيير وبداية لخروج الطاشناق منه؟ وهل إن تصويت دده يان جاء تتويجاً لاتفاق تم التوصل إليه بين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والطاشناق من وراء ظهر عون؟ وتبين خلال الاتصالات أن لا خلفية سياسية لموقف دده يان من التصويت لمصلحة التعيينات يمكن أن تنم عن توجه لدى الطاشناق لإبرام أوراق الطلاق تمهيداً للافتراق عن عون. وبالتالي فإن موقفه نابع من قرار ذاتي لم يسبق التشاور في شأنه، إضافة الى أنه لم يكن خاضعاً لحسابات الربح والخسارة، أو تسجيل موقف داعم للحريري في وجه تكتل التغير وإلا لما كان دده يان انحاز الى الكتلة الوزارية الرافضة لتأجيل إصدار الدفعة الأولى من التعيينات. كما تبين أن ممثل حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان الذي تولى الاتصال بعون لتوضيح موقف الحزب، أكد له عدم التعامل مع تصويت دده يان من باب الانقلاب على تكتل التغيير. ومع أن العماد عون أبدى انزعاجه وهو يستمع الى شروحات الطاشناق لموقف دده يان، اعتبر أن علاقته بالطاشناق ثابتة لا عودة عنها على رغم أن موقفه أحدث في مكان ما ثغرة من شأنها أن تدفع باتجاه تحريك ملف التعيينات وإنقاذ حكومة الوحدة الوطنية من الورطة لو لم تبصر هذه التعيينات النور وهذا ما توقف أمامه وزير «اللقاء النيابي الديموقراطي» وائل أبو فاعور في الجلسة عندما حذر من نعي حكومة الائتلاف الوطني لو أنها تعثرت في خطوتها الأولى على طريق الإفراج عن التعيينات من المراوحة التي تتخبط فيها منذ أكثر من شهرين. كما أن أبو فاعور حاول التدخل لإيجاد حل وسط يكمن في تأجيل بت التعيينات الى جلسة اليوم، لكن الحريري أصر على التصويت في ضوء إصرار وزير التكتل جبران باسيل على ربط موافقته على التعيينات بتعهد خطي من رئيس الحكومة بإقرار ما تبقى من تعيينات، لا سيما تلك المتعلقة بالجسم القضائي. وعلمت «الحياة» أيضاً أن مشاورات سبقت التصويت على التعيينات التي انتهت بإقرارها ب20 صوتاً في مقابل اعتراض 3 وزراء من التيار الوطني وامتناع وزيرين من «حزب الله» على التصويت، لكنها لم تبدل في المواقف نظراً لوجود اتفاق على أن إصدار هذه الدفعة من التعيينات لم يعد قابلاً للتأخير أو النقض. أما في شأن امتناع «حزب الله» عن التصويت، فقالت المصادر نفسها إن ممثلي الحزب في الحكومة الوزيرين محمد فنيش وحسين الحاج حسن اختارا الوقوف في منتصف الطريق بين الحريري من ناحية وحليفهما «التيار الوطني» من ناحية ثانية. وبكلام آخر، فإن الحزب أراد من خلال امتناعه عن التصويت عدم الدخول في صدام مع الحريري في مقابل مراعاته لحليفه العماد عون ورفضه التخلي عنه وهو لم ينفك عن دعمه في القضايا الرئيسة المطروحة على الساحة اللبنانية وأبرزها تأييده لسلاح المقاومة ضد الحملة التي يتعرض لها. ونفت المصادر ما تردد من أنه في اللقاء الذي عقد ليل أول من أمس أي بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء بين الحريري والمعاونين السياسيين لرئيس المجلس النيابي والأمين العام ل «حزب الله» النائب علي حسن خليل وحسين خليل في حضور مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري تبلغ رئيس الحكومة منهما رغبة الحركة والحزب بتجميد التعيينات ريثما يتم الاتفاق عليها في سلة شاملة. وأكدت المصادر أن التعيينات المتفق عليها ستصدر وهذا يعني أن تعيين رئيس وأعضاء هيئة الرقابة على المصارف لن يتعثر، مشيرة الى أن حسين خليل أوضح للحريري خلفية موقف وزيري الحزب في جلسة مجلس الوزراء وفيه أنه مضطر لمراعاة موقف العماد عون من دون أن يعني أنه في حل من ارتباطه بكل ما تم التفاهم عليه بشأن التعيينات.