} برز خلاف جديد بين الفصائل الافغانية أمس على انتشار قوات دولية تحت مظلة الاممالمتحدة في أفغانستان. وفي حين ربط الملك السابق محمد ظاهر شاه عودته بتشكيل قوة محايدة، اكد الرئيس الافغاني السابق برهان الدين رباني أن اي قوة أجنبية لن تستدعى الا لحماية الملك، ملمحًا الى أن ظاهر شاه لا يثق بالافغان. ومع معارضة رباني للقوة الدولية، دعا فصيل آخر في تحالف الشمال الى ضرورة نشر هذه القوة بحجة أنها مصدر اطمئنان للافغان. وفي موازاة الاراء الافغانية المتناقضة قالت الولاياتالمتحدة انها لا تحبذ وجود قوة متعددة الجنسيات في أفغانستان كي لا تعرقل تحقيق أهدافها العسكرية فيها. بون، واشنطن، كابول - رويترز، أ ب ، أ ف ب - أعلن رئيس تحالف الشمال الرئيس الافغاني السابق برهان الدين رباني أمس أن قوة دولية عددها بين 100 و200 شخص ربما تكلف حماية مندوبي الملك السابق محمد ظاهر شاه في مجلس "لويا جيرغا" في كابول "إذا كان الملك لا يشعر بالثقة". وقال رباني، وهو رئيس الجبهة الموحدة، في مؤتمر صحافي أنه اذا كان مندوبو الملك السابق لا يثقون بقوات "تحالف الشمال" التي تضمن الامن في افغانستان الان، من الممكن أن يرافقهم مقاتلون أفغان من اختيارهم "لا يتجاوز عددهم الالف" او من 100 الى 200 عسكري أجنبي. وقال رباني "آمل أن تحل هذه المشكلات"، ودعا المجتمع الدولي الى الإسهام في اعادة بناء البلاد وان يساعدها بخبرته في الديموقراطية. وكان مصدر قريب الى ظاهر شاه أعلن للصحافيين ان الملك السابق لن يعود الى افغانستان "في حال عدم تشكيل قوة محايدة" لضمان الامن في المرحلة الانتقالية. وأضاف أن الامر يشكل عاملاً حاسماً في المفاوضات مع تحالف الشمال. في المقابل دعا كريم خليلي، زعيم حزب الوحدة الشيعي المشارك في التحالف الشمالي، أمس الى نشر قوات حفظ سلام دولية في العاصمة، تحت رعاية الاممالمتحدة، شاكياً من عدم تمثيل الهزارة تمثيلاً كافيًا في محادثات بون التي ترعاها المنظمة الدولية. وطالب بنشر القوات الاجنبية تحت مظلة الاممالمتحدة ليطمئن الافغان من وجود قوات التحالف في العاصمة وغيرها من المناطق. ومع تفاوت الاراء الافغانية في شأن نشر قوات دولية، أعلن كل من الولاياتالمتحدةوالاممالمتحدة عدم وجود نية لارسال قوات حفظ سلام الى افغانستان، لا في الوقت الحالي ولا في نهاية الحرب، خشية ان تتعرض هذه القوات الى اعتداءات من الفصائل الاخرى وتغرق في هذا المستنقع لسنين عدة. ويؤيد الاثنان قيام الافغان بحفظ السلام في بلدهم على رغم الاعتراف بانهم غير قادرين على الاضطلاع بهذه المهمة. وفي هذا الاطار نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن الادارة الاميركية ان المسؤولين العسكريين في واشنطن لا يحبذون ارسال قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات الى افغانستان لان وجود هذه القوة يمكن ان يعرقل تحقيق اهداف الولاياتالمتحدة في هذا البلد. وافادت الصحيفة ان الجنرال تومي فرانكس قائد العمليات العسكرية الاميركية في أفغانستان يعتبر ان من السابق لاوانه البحث في العروض المقدمة للمشاركة في هذه القوة بسبب الوضع المتغير في هذا البلد. وقال نائب الادميرال كريغ كويغلي "ان الاولوية الآنية بالنسبة اليه للجنرال فرانكس ليست بالطبع حفظ السلام ... لا بد من الوصول الى السلام قبل العمل على حفظه". وأبدت ايران من جهتها تحفظًا عن وجود قوة دولية على حدودها مع افغانستان. اما الجارة الاخرى باكستان فتريد حماية مصالح الاتنية البشتونية المسيطرة على جنوب البلاد وغير المرتبطة بتحالف الشمال. وعرضت اسلام آباد تأمين الحماية لعمال الاغاثة التابعين للامم المتحدة داخل الاراضي الافغانية، مما اثار حفيظة التحالف، بسبب العلاقات الجيدة السابقة بين باكستان وحركة "طالبان" الممثلة للبشتون. وفي الواقع تقوم قوات اجنبية اميركية وبريطانية وفرنسية وحتى روسية بالتصرف كأنها قوات حفظ سلام وتعمل على اصلاح المطارات والحفاظ على الامن لتسهيل مرور المساعدات الغذائية. وجاء في تقرير لوكالة "رويترز" ان دولة كافغانستان تتلقى الدعم من الولاياتالمتحدة وتطالب بانزال قوة دولية أمر غريب، ويعد من سخرية الاقدار. فافغانستان كانت تفخر بتاريخها العريق في مقاومة القوات الاجنبية. الا ان سقوط حكومة "طالبان"، والفوضى الامنية التي تسود مناطق سيطرة التحالف جعل المطالبة بانتشار قوة حفظ سلام أمرًا ملحاً. وقال مبعوث للامم المتحدة اثناء المحادثات في ألمانيا في شأن تشكيل حكومة جديدة: "لا بد من ارسال قوة حفظ سلام لتفادي حرب اهلية جديدة". وقال مبعوث آخر: "اذا لم يكن في استطاعة الاممالمتحدة ان ترسلهم بالسرعة الكافية سنطلبهم من الولاياتالمتحدة وبريطانيا". ويبدو ان مقاومة الاجانب لم تعد المسألة الاساسية في أفغانستان، فكل ما يريده الشعب الافغاني الان هو حمايته من نفسه. وفي الكواليس يحاول تحالف الشمال ان يرسم خططًا سياسية بدل اعتماد مبدأ ان الرابح ينفرد بالغنيمة. فاعضاؤه يعرفون تمامًا ان "لا احد سيقبل بان يفرض التحالف الامن بمفرده. ففي العام 1990 سيطر التحالف على كابول فقط ونشبت معركة ولا يمكننا السماح بحدوث ذلك مرة اخرى"، بحسب ما قال احد المبعوثين. ولكن في مرحلة ما بعد "طالبان" يعتبر حفظ السلام عملية شائكة تمامًا مثل القبض على اسامة بن لادن واعضاء شبكة "القاعدة". والمسألة دقيقة لان ايًا كانت الفئة التي ستفرض الامن فهي ستطالب لاحقًا بالحكومة. واتخذت هذه المطالب في الاونة الاخيرة طابعًا طارئًا لان الوضع الانساني داخل البلد يتدهور باستمرار إضافة الى ان سيطرة العصابات وقطاع الطرق على المنافذ الاساسية للمدن يمنع وصول المساعدات الغذائية. ويقول جيمس ليندسي، وهو خبير في شؤون حفظ السلام من معهد "بروكينغز": "الجزء السهل في هذه العمليات هو القضاء على الحكومة السيئة. اما الجزء الصعب فهو بناء حكومة جديدة ومستقرة". ويرى ليندسي ان "قوات حفظ السلام تقوم بعمل رائع اذا كان الامن مستتبًا في الاصل واذا قرر الفرقاء ان يتصالحوا، لكنهم يحتاجون الى بعض المساعدة، اما في فرض السلام والامن الحقيقيين فعملهم يفشل فشلاً ذريعًا".