إسلام آباد، بيشاورباكستان، طشقند، دوشانبيه، لندن - "الحياة"، أ ف ب، رويترز، أ ب - عبرت أوساطة باكستانية عن مخاوفها من تفرد "تحالف الشمال" الأفغاني بالسلطة، وتبوؤ المواقع المهمة في الحكومة المقبلة. ورأت هذه الأوساط في لقاءات مع "الحياة" أمس أن إصرار قوات الطاجيك على التفرد أولاً بكابول، ومنع حتى حلفائهم الهزارة الشيعة من الانتشار في العاصمة، يشير إلى أنهم يرغبون في تعزيز وجودهم وهو ما سيساعدهم على صوغ المستقبل السياسي الأفغاني. وكان ألف من مقاتلي الشيعة الآتين من هيرات جنوب غربي أفغانستان منعوا أمس من دخول العاصمة، وهو ما يخول الطاجيك بزعامة الرئيس الأفغاني برهان الدين رباني التفرد بالسيطرة على المواقع الحيوية. وجاء إصرار رباني على عقد مؤتمر أفغاني موسع خارج العاصمة كابول، ليؤكد أنه يعمل لانتقاء المؤيدين، والمتعاطفين معه من أجل اختياره رئيساً للبلاد، وهو ما سترفضه أطراف أفغانية على رأسها البشتون الأمر الذي سيعني استمرار الحرب الأهلية وعودة شبح الفترة الممتدة بين عامي 1992 و1996. لذلك، تسعى الأممالمتحدة من خلال مساعدة المبعوث الدولي إلى أفغانستان فرانسيس فيندريل إلى إقناع "تحالف الشمال" بحضور مؤتمر سلام تدعى إليه الفصائل الأفغانية كافة، في دولة عربية لتشكيل حكومة موسعة في أفغانستان. لكن المراقبين يرون أن سعي روسيا وايران إلى فتح سفارتيهما في كابول يشير إلى تلقي رباني دعماً من هاتين الدولتين المهمتين في الأزمة الأفغانية، الأمر الذي قد يعني أن جهود الأممالمتحدة لتشكيل حكومة موسعة من دون أن يرأسها رباني بعيدة عن النجاح. وتخشى إسلام آباد أن تصبح خارج اللعبة الأفغانية بعدما خسرت جميع مؤيديها وحلفائها داخل أفغانستان، بالتالي أن تستفرد القوى الاقليمية المعادية والمنافسة لها بصوغ المستقبل الأفغاني، خصوصاً بعدما طرح المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي فكرة توسيع مجموعة 6" 2 والتي تضم الدول المجاورة لأفغانستان إضافة إلى روسيا و أميركا لتصبح 21 دولة. بالتالي ستكون باكستان لاعباً من ضمن هذه الدول. وجاء رفض وزير الدفاع الأفغاني الجنرال فهيم خان وجود قوات أجنبية على الأراضي الأفغانية ليزيد عبء صناع القرار الباكستاني الذين يعدون الآن جزءاً من التحالف الدولي في أفغانستان، وإن كان بعض الأوساط لا يعتقد أن التحالف الشمالي مستعد لطرد القوات الأجنبية، وأن كل التصريحات التي صدرت عن قادته هي للاستهلاك المحلي، في ظل الصور التي تنشر للقوات البريطانية والأميركية خارج قاعدة باغرام وداخلها شمال كابول. ومع استمرار القصف الأميركي على المناطق البشتونية ورفض "طالبان" التخلي عن مدينة قندهار، ثاني أهم المدن الأفغانية بعد كابول، يصبح الأمن القومي الباكستاني في مواجهة خطر جدي. وتخشى إسلام آباد أن يؤثر استمرار هذا القصف على البشتون الباكستانيين. وتأخذ في الاعتبار الجماعات الباكستانية المتطرفة التي كانت تقيم في أفغانستان، إذ أن هذه الجماعات ربما تعود إلى الأراضي البشتونية الباكستانية المحاذية لهذا البلد وتقوم بأعمال إرهابية للانتقام من موقف حكومة الرئيس برويز مشرف الداعم للتحالف الغربي ضد أفغانستان . الانتصارات والسلطة الى ذلك، أعلن وزير خارجية "تحالف الشمال" عبدالله عبدالله أن التحالف لا ينوي الاستئثار بالسلطة في أفغانستان. وقال لدى وصوله الى طشقند آتياً من أفغانستان أن "الانتصارات الاخيرة التي حققتها الجبهة الموحدة الاسم الآخر لتحالف الشمال لا تعني، في أي حال اننا نريد أن نفرض حلنا الخاص على المنطقة". وأعلن أن التحالف ملتزم تشكيل حكومة تمثل كل المجموعات العرقية في أفغانستان، وتعترف بها الاممالمتحدة. وتحالف الشمال، وهو ائتلاف يضم خليطاً من الطاجيك والأوزبك والهزارة إضافة الى أقليات صغيرة، متهم بأنه يتعمد تأخير بت الامور على الصعيد السياسي منذ بسط سيطرته على كابول في 13 تشرين الثاني نوفمبر الجاري. وقال عبدالله إن التحالف سيشارك في اجتماع يتناول شكل الحكومة المستقبلية، يعقد في مكان لم يحدد بعد في أوروبا هذا الاسبوع، وذلك بعد اجتماعات في العاصمة الاوزبكية مع جيمس دوبنز، مبعوث الولاياتالمتحدة الى المعارضة الافغانية. في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الطاجيكية أن ملحقين عسكريين تابعين لعدد من السفارات المعتمدة في دوشانبيه سيتوجهون بعد غد الى كابول للقاء قادة "تحالف الشمال". وأضافت أن هؤلاء الديبلوماسيين الذين يعملون في سفارات الهند وإيران والولاياتالمتحدةوروسيا والصين وكازاخستان سيلتقون الرئيس رباني الذي تعترف به الاممالمتحدة. وفي لندن، قال ملك أفغانستان السابق ظاهر شاه 87 سنة في مقابلة نشرت في صحيفة "صنداي تلغراف" أن لا أمل بالسلام في أفغانستان، إذا لم يتسن تمثيل كل الجماعات العرقية في حكومة جديدة. وأبلغ الجنرال عبدالولي صهر ظاهر شاه الصحيفة أن استيلاء "التحالف" على كابول الاسبوع الماضي زاد مخاوف الملك السابق. ورأى مسؤول قريب الى الملك الافغاني السابق في مدينة بيشاور أن أفغانستان "مهددة بالغرق مجدداً في الفوضى، في حال لم يمارس المجتمع الدولي والاميركيون خصوصاً ضغوطاً على تحالف الشمال". وقال عبدالكريم خرم عضو اللجنة السياسية لتجمع السلام والوحدة الوطنية في أفغانستان، الموالي للملك السابق: "نعيش الحال التي سادت عام 1992"، عندما سيطر المجاهدون على كابول وأدت صراعاتهم الداخلية الى سفك الدماء في المدينة. وحذر خرم من الفصائل "التي تسارع الى السيطرة على هذه المنطقة أو تلك في البلاد"، وأصر على ضرورة عقد اجتماع "لويا جيرغا" مجلس تقليدي بسرعة، معتبراً انه "الحل الوحيد لتشكيل حكومة يرضى بها جميع الافغان". وينفرد أفراد التيار الملكي، الذي ينتمي اليه خرم، بأنهم وحدهم بين الافغان الذين لم يعودوا الى أفغانستان.