للمرة الأولى منذ وقوع الهجمات في نيويورك وواشنطن في 11 أيلول سبتمبر الماضي أدخلت الولاياتالمتحدة "جماعة الإخوان المسلمين" كطرف في معركتها ضد الإرهاب، ولبّت السلطات الإيطالية أمس طلباً اميركياً بتوقيف اثنين من أبرز القادة التاريخيين للإخوان في أوروبا هما السيدان يوسف ندا المصري الجنسية وغالب همّت سوري، وجمدت أرصدتهما المالية في البنوك الإيطالية واتخذت اجراءات أخرى ضد أصول "بنك التقوى" الذي أسسه الاثنان قبل اكثر من عشر سنوات في جزر الباهاما مع شخصيات اسلامية أخرى غالبيتها من المحسوبين على "الإخوان". ورغم أن نائب المرشد العام ل "الإخوان" المستشار مأمون الهضيبي نفى صلة الجماعة بالبنك أو بندا وهمّت، إلا أنه شن هجوماً حاداً ضد الولاياتالمتحدة التي اعتبر أنها "تتخبط ولا تدري ماذا تفعل". وقال الهضيبي ل "الحياة": "هذا البنك تحت التصفية منذ نحو سنين والمودعون فيه والمؤسسون لا صلة لنا بهم وهم يتصرفون وفقاً لمصالحهم ومنطقهم وأنا شخصياً لم أودع جنيهاً واحداً في ذلك البنك، ومنذ نُقل نشاط البنك قبل سنوات إلى ايطاليا فإن الحكومة الإيطالية تراقبه وتراجع حساباته وعندما أفلس أشرفت على عملية تصفيته"، وأضاف: "من الواضح أن الاميركيين يتخبطون وليس لديهم أي معلومات عن أي شيء على الإطلاق، وشغّالين مثل الذي يخاف من خياله ولا يدرون رؤوسهم من أرجلهم، والزعم بتورط البنك في تمويل تنظيم "القاعدة" أو الجماعات الارهابية دليل على أن الاميركيين في ضياع كامل". وتابع الهضيبي: "لو كان لديهم أدلة ضد بن لادن أو غيره لقدموها للرأي العام وليس للحكومات كما فعلوا. والاميركيون لا يقيمون أي وزن لغيرهم، ويعتبرون أنهم السلطة التي تأمر وعلى الجميع أن يطيع حتى انهم حولوا التحالف الدولي ضد الارهاب الى تحالف ضد كل من يعارض توجهاتهم وتصرفات اسرائيل وصارت منظمة التحرير وعرفات وحماس والجهاد ارهابيين وشارون وحده الوجه المقبول لدى الاميركيين". ولم يرد اسم أي من قادة "الإخوان" أو المحسوبين على الجماعة في أي من اللوائح الاميركية التي صدرت منذ وقوع الهجمات في نيويورك وواشنطن والتي حوت اسماء شخصيات ومنظمات اعتبرتها اميركا ارهابية أو ذات صلة باستهداف المصالح الاميركية". وكانت الشرطة الايطالية قامت أمس بتفتيش منزلي ندا وهمت اللذين يقعان في قرية "كامبيون دي ايطاليا" الواقعة على الجزء الايطالي من بحيرة "لوغان" التي يحيط بها الاراضي السويسرية، استناداً الى طلب قدمته السلطات الاميركية، وبررت الأجهزة الايطالية الاجراء بأن وزارة الخزانة الاميركية تشك في كون بنك التقوى الذي يملكه ويديره الاثنان على علاقة بتنظيم "القاعدة" الذي يقوده اسامة بن لادن، وفي الوقت ذاته قدم الاميركيون طلباً الى القضاء السويسري للتحقيق في وقائع تتعلق بارتباط البنك وندا وهمت بشبكات الارهاب الدولية. وتأسس "بنك التقوى" قبل اكثر من عشر سنوات في جزر الباهاما لكنه نقل نشاطه لاحقاً الى ايطاليا، وبدا أن السلطات الايطالية ظلت راقبت نشاط البنك قبل تصفيته وكان وقتها الشيخ يوسف القرضاوي يتولى موقع رئيس "هيئة الرقابة الشرعية" فيه ويعتقد انه كان من المساهمين في رأس مال البنك الذي بلغ عند تأسيسه 50 مليون دولار، وزاد لاحقاً الى مئة مليون دولار. لكن خسائر كبيرة لحقت بالبنك قبل نحو ثلاث سنوات بسبب الانهيار الاقتصادي في دول جنوب شرق آسيا، وكذلك مضايقات تعرض لها المتعاملون معه من دول غربية نظراً الى الواجهة الاسلامية التي يرفعها فتمت تصفيته، إلا أن الاميركيين تحدثوا بعدها عن نشاط شركة اسسها ندا تحمل اسم "ندا ماناجيمنت" وزعموا ان لها علاقات بتمويل جماعات اسلامية راديكالية. ووفقاً لمصادر مطلعة فإن يوسف ندا يعد واحداً من ابرز القادة التاريخيين ل "الإخوان" وينتمي الى جيل الهضيبي والمرشد العام للجماعة مصطفى مشهور. هاجر ندا من مصر بعد وقوع الصدام بين "الجماعة" والرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1954 وأقام لسنوات في الخليج وانشأ عدداً من الشركات عملت في مجالات مختلفة بينها المقاولات والتشييد كما ساهم في مشاريع في ليبيا ومن بين من ساهموا في اصول البنك عدد من قادة الاخوان ومنهم السادة: عباس السيسي وحلمي عبد المجيد والقرضاوي، ولم يزر ندا مصر إلا مرة وحدة قبل نحو 15 سنة إلا أنه غادرها بعد ساعات من وصوله احتجاجاً على اخضاعه للتحقيق في المطار.