يبدأ الرئيس الفرنسي جاك شيراك غداً السبت جولة سريعة تشمل كلاً من تونسوالجزائر والمغرب حيث يمضي ليلة السبت، ومن ثم يعود الى باريس. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي ل"الحياة" ان توقف شيراك في الجزائر حيث يمضي بضع ساعات يتناول خلالها الافطار مع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، ينطوي على بعد خاص، فهذه الزيارة هي الاولى التي يقوم بها رئيس فرنسي الى الجزائر منذ الزيارة التي قام بها الرئيس الراحل فرانسوا ميتران سنة 1989، عندما كان الشاذلي بن جديد رئيساً للبلاد. واشار المصدر الى انه على رغم ان هذه الزيارة ليست ثنائية ولا زيارة دولة، فان من المتوقع ان يلقى شيراك استقبالاً جيداً من قبل بوتفليقة. لكن مصادر اخرى قالت ل"الحياة" ان بوتفليقة كان يتوقع ان يلبي شيراك او رئيس الحكومة الفرنسي ليونيل جوسبان، الدعوة التي وجهها لهما للقيام بزيارة رسمية الى الجزائر. واوضحت المصادر ان ما حال دون تلبية هذه الدعوة هو عدم توافر الشروط اللازمة لذلك خلال السنتين الماضيتين، اذ كان هامش المناورة محدوداً امام الرئيس الجزائري لجهة علاقته مع المؤسسة العسكرية مما حال دون القيام والاسراع بالاصلاحات المطلوبة. وقالت المصادر انه اضافة الى ذلك فان زيارة الرئيس او زيارة مسؤول فرنسي كبير للجزائر تنطوي على حساسية على صعيد الساحة الداخلية الفرنسية نظراً للعلاقة التاريخية الاليمة بين البلدين، وان شيراك وجوسبان كليهما يفضلان تجنب اثارة حساسية الفرنسيين قبيل انتخابات الرئاسة. لكن المصدر الديبلوماسي الفرنسي اكد ل"الحياة" ان العلاقات الجزائرية الفرنسية احرزت تقدماً ملموساً وانها في طور اعادة التأسيس. وذكر ان الجانب الجزائري تفهم تماماً قيام شيراك بجولة على دول المغرب الثلاث مرتبطة باحداث 11 ايلول سبتمبر واقتصار مدة زيارته للجزائر على بضع ساعات. واضاف ان الرئيس الفرنسي سيستغل وجوده في الجزائر للتعبير عن تضامن فرنسا معها نتيجة كارثة الفيضانات التي اسقطت مئات القتلى. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان شيراك سيقوم بمبادرة تضامن مع الشعب الجزائري عبر جولة تفقدية سيقوم بها الى بعض المناطق المتضررة من الفيضانات. وقال المصدر ان وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الذي اطلق مسيرة اعادة تأسيس العلاقات الفرنسية الجزائرية لن يرافق شيراك خلال جولته كونه مرتبطاً بالتزامات اخرى. واكد ان شيراك دعم المسيرة التي اطلقها فيدرين عندما استقبل بوتفليقة في باريس في اطار زيارة دولة، وانه ليس هناك اي تباين بين الرئيس الفرنسي والحكومة في تقويمها للوضع الجزائري. ورأى انه على رغم الصعوبات التي يواجهها بوتفليقة الذي كان يتمنى ان تتقدم الامور بسرعة اكبر، وهو صادق عندما يتكلم عن ذلك فانها لا تحول دون تقدم العلاقات الفرنسية الجزائرية بشكل مستمر. واضاف ان الحوار السياسي عاد بين البلدين بعد غياب طويل، اذ التقى فيدرين نظيره الجزائري مرارا في نيويوركوالجزائر واغادير وبروكسيل. وتقول الاوساط الفرنسية ان لدى الجزائر عائدات نفطية وغازية ضخمة لكنها لا تستثمر وليس هناك مشاريع كبرى تنفّذ في البلاد. لكن الاوساط تقرّ بأن هناك اصلاحات جيدة تطبّق في مجال التربية والتعليم، غير ان مسيرة الخصخصة تواجه صعوبات وتسير ببطء، نظراً لثقل البيروقراطية الادارية والنقابية والحزبية وليس بسبب المؤسسة العسكرية مثلما يقال. واستبعدت الاوساط ما تردد من ان بوتفلية مهدد بعدم انهاء مدة ولايته الرئاسية او مهمّش، وقالت انه ربما يفكر بتجديد هذه الولاية، ما بعد 2004. واشارت الى ان شيراك سيطمئن مجدداً المسؤولين في الدول الثلاث التي يزورها الى اوضاع جالياتها المسلمة في فرنسا، ويجدد حرص المسؤولين الفرنسيين على تجنب اي خلط بين الارهاب والعالم العربي والاسلامي.