مهدت حكومة شارون - بيريز لزيارة الجنرال الاميركي السابق انتوني زيني مستشار وزير الخارجية كولن باول ومساعد وزير الخارجية وليام بيرنز اليوم الاثنين بالتصعيد العسكري وتوتير الاجواء السياسية بما في ذلك عمليات اغتيال وقتل جماعي وضرب الاحياء المدنية بالمدفعية، مما يطلق عليه في القاموس السياسي "ارهاب الدولة". والهدف من وراء الارهاب الاسرائيلي هذا ليس فقط ارهاب الفلسطينيين وانما ايضاً ارهاب الادارة الاميركية سياسياً. وجاء هذا التصعيد الشاروني تمهيدا لمواجهة اية عروض اميركية جديدة يمكن ان تفسر على انها ضغوط على حكومة اسرائيل. واصر شارون على ان يرأس الوفد الاسرائيلي للمحادثات مع المبعوثين الاميركيين حتى يتسنى له ان يقنع ادارة بوش بضرورة ان يستسلم الفلسطينيون بدون شروط، وليؤكد ان حكومته لن تتراجع عن سياستها التي تتماشى مع روح واستراتيجية "الحرب على الارهاب" التي اطلقتها ادارة بوش بعد 11 ايلول سبتمبر الماضي. وكان اللوبي الاسرائيلي في واشنطن قد نفس عجلات عربة الديبلوماسية الاميركية حين عمل الاسبوع الماضي على جمع تواقيع 89 عضوا من اعضاء مجلس الشيوخ على رسالة صدرت باسمائهم تطالب الادارة الاميركية بعدم انتقاد اسرائيل في ايه مبادرة او خطاب. وتنذر هذه الاجواء السياسية بان مهمة زيني ستضاف الى مهمات اخرى سبقتها وحملت اسماء اصحابها وانتهت في مزبلة الديبلوماسية الشرق اوسطية، وتؤكد ان خفض سقف المبادرات الاميركية من ايام وزير الخارجية وليام روجرز الذي اقترح انسحابا من الاراضي المحتلة حتى جورج تينيت مدير ال"سي.آي.اي"، الذي حاول ان يجهض ما تبقى من الانتفاضة الفلسطينية مقابل تجميد الاستيطان، مرورا بكيسنجر وفانس وفيليب حبيب الى بيكر وكريستوفر، تؤكد ان اسرائيل التي تزداد تطرفا ليست معنية بمبادرات واشنطن الا اذا كان المغزى منها دعم اسرائيل في احتلالها وبطشها وارهابها. وعلى رغم تراجع الموقف الاميركي المتدهور اصلا، الا ان القيادات العربية والفلسطينية ما زالت تراهن على ضغط اميركي على اسرائيل، وهو امر غير وارد حالياً وفي ظل الحرب في افغانستان. وحتى لو افترضنا ان حكومة شارون ستقبل بعد استسلام الفلسطينيين الكامل واعتذارهم لها، بتجميد تصعيدها العسكري، فالى اين يمكن ان يؤدي ذلك سوى استمرار الاحتلال؟ لا تعرض حكومة شارون اية اجوبة سياسية ناهيك عن مشروع سلام. ووافقت ادارة بوش بعد الضغوط المحلية والارهاب السياسي الاسرائيلي، على ان تجعل "رؤيتها" الجديدة التي عقب عليها دينس روس في "واشنطن بوست" بالقول ان لا جديد فيها خاضعة لفيتو حكومة شارون او لشروطها في كل تفاصيلها ورزنامة عملها. لم تؤد سبع سنوات من التقرب الى ادارة كلينتون واستجابة مطالبها الى حلول فلسطينية. ويقال ان الرئيس ياسر عرفات التقى الرئيس بيل كلينتون اكثر من اي زعيم دولة آخر في العالم خلال تلك السنوات. واليوم يرفض الرئيس جورج بوش ان يستقبل عرفات الى ان يبطش بشعبه وينفذ الاملاءات الاسرائيلية، وما زالت القيادة الفلسطينية تعتبر ان اوراق الحل في واشنطن. آما واشنطن فقد اعتبرت منذ بدء العملية التفاوضية ان اوراق الحل عند عرفات، وهي تتمثل بتنازل الفلسطينيين عن حقوقهم المشروعة وقبولهم بما تقدمه لهم حكومات اسرائيل من "تنازلات" ناتجة عن "فائض اخلاق" سياسي اسرائيلي. الا ان شارون اصبح يشكل عقبة جديدة، فهو يرفض كل خطوة ديبلوماسية ولو تضمنت تنازل الفلسطينيين، لأنه ببساطة يرفض ان يلتقي عرفات الا حياً مستسلماً رافع اليدين او...!