حضت باكستان امس على ان يكون للبشتون الذين يشكلون غالبية السكان في افغانستان، صوتهم المسموع في مؤتمر بون، ملمحة بذلك الى عدم رضاها عن التمثيل البشتوني في المؤتمر الذي سيناقش مستقبل افغانستان. واعتبر وزير الخارجية الباكستاني عبدالستار عزيز في مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني الزائر جاك سترو امس، ان الوقت لم يفت بعد امام اضافة المبعوث الخاص للامم المتحدة الاخضر الابراهيمي اسماء الى لائحة الافغان الذين وجهت اليهم دعوات لحضور المؤتمر. في المقابل، اعلن يونس قانوني الذي يرأس وفد "تحالف الشمال" الى المؤتمر ان الوفد سيضم مندوباً واحداً على الاقل من كل فصيل وامرأة على الاقل، معرباً عن أمله بأن يتطرق المؤتمر الى اسس تشكيل حكومة انتقالية، ومفهوم تلك الحكومة، ويتوصل الى اتفاق حول هذه المسائل. في غضون ذلك، اعتبرت الخارجية الالمانية ان "التوصل الى حل وسط مقبول لتشكيل حكومة انتقالية في افغانستان، عائد في الدرجة الأولى الى المجموعات الأفغانية ذاتها". ورأت ان انعقاد المؤتمر في بون "يعطي الحكومة الألمانية فرصة لاظهار انها تقدم، الى جانب المساهمة العسكرية في التحالف الدولي لمحاربة الارهاب، تصوراً سياسياً كاملاً لمستقبل افغانستان". وأضافت ان "المهم هو عدم سقوط افغانستان في الفوضى بعد الانتهاء من حكم طالبان". وقال وزير الخارجية الباكستاني في المؤتمر الصحافي مع نظيره البريطاني امس، ان "وجوهاً جديدة ترتفع في اجزاء مختلفة من البلاد ونأمل بأن يؤدي الاختيار الذي يجريه الابراهيمي الى تشكيل ادارة انتقالية ذات قاعدة عريضة". وأضاف: "ربما يكون هناك وقت لمراجعة لائحة الاشخاص واضافة اسماء اليها لضمان ان تكون الادارة الانتقالية شاملة التمثيل. وهذا مهم جداً من اجل السلام والاستقرار في افغانستان". وتشعر باكستان بقلق من ان تؤدي أي تسوية سياسية بعد "طالبان" الى تهميش البشتون، الامر الذي يتسبب في نقل التململ الى اراضيها. ولم توجه الدعوة الى "طالبان" لحضور مؤتمر بون، لكن الاممالمتحدة تصر على ان البشتون سيمثلون في شكل جيد في اطار وفود الجماعات المختلفة. ولدى سؤاله هل يريد دعوة معتدلين من "طالبان" الى مؤتمر بون، لجأ عبد الستار الى اجراء مقارنة بين قادة الحركة وجنرالات "تحالف الشمال" الذين تحالفوا سابقاً مع الاتحاد السوفياتي خلال غزوه افغانستان 1979 - 1989، وقال: "غفر لهم كل ذلك. وانا اعتقد ان آخرين ممن تحالفوا مع هذا الجانب أو ذاك يجب عدم استبعادهم لهذا السبب فقط". ألمانيا وقبل يومين من انعقاد مؤتمر بون، نفت الحكومة الألمانية نيتها لعب دور الوسيط بين الفصائل الأفغانية، التي ستبدأ اجتماعاتها في قصر الضيافة الحكومي "بيترسبيرغ" تحت رعاية الأممالمتحدة. وشددت على ضرورة ان يكون المؤتمر افغانياً خالصاً، معتبرة "ان التوصل الى حل وسط مقبول لإقامة حكومة انتقالية عائد في الدرجة الأولى الى المجموعات الأفغانية ذاتها". واعتبرت برلين ان المجتمع الدولي يجب ان يركز الآن على المشاركة في اعمار افغانستان، وأكدت ان مؤتمر الدول المانحة لإعادة الاعمار سيعقد على الارجح اواسط كانون الثاني يناير المقبل في طوكيو. جاء ذلك في ورقة داخلية مشتركة أعدّتها وزارة الخارجية والمستشارية الألمانية ونشرتها وكالة الأنباء الألمانية امس. واشارت الورقة الى ان الحكومة الألمانية تلعب دور "المضيف والمنظم" للمؤتمر، ودور "الداعم بقوة لاعادة اعمار افغانستان حيث ستخصص 160 مليون مارك 8،81 مليون يورو لهذا الغرض". وأضافت ان انعقاد المؤتمر "يظهر التزام ألمانيا كرئيس لمجموعات الدعم الانسانية لافغانستان، اضافة الى استناد هذا الالتزام الى العلاقات التقليدية الوثيقة المعروفة مع هذا البلد، والدور الحيادي الذي لعبته ألمانيا تجاه كل الاطراف فيه". وافادت الورقة ان الأولويات التي طرحتها برلين على الدول التي ستشارك في دعم النشاطات الانسانية وفي اعادة اعمار افغانستان، وجدت دعماً واسعاً و"من هذه الأولويات تأمين الغذاء والبذور، ودعم المرأة الأفغانية، وتأهيل البنى التحتية الصحية والتعليمية". وزادت: "يجب ان تكون مشاركة المرأة في العملية السياسية عنصراً بنّاء في قيام تطور ديموقراطي في افغانستان". وتطرقت الى تكاليف اعادة البناء في افغانستان، مشيرة الى ان منظمة التنمية التابعة للأمم المتحدة قدرت التكاليف في صورة أولية ب5،6 بليون دولار، على مدى السنوات الخمس المقبلة، لكن تقديرات اخرى تحدثت عن 35 بليون دولار. وفي كل الاحوال ستكون المساعدات الدولية لإعادة اعمار افغانستان الاكبر بعد "خطة مارشال"، وهي المساعدات المالية التي قدمتها الولاياتالمتحدة لأوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية لإعادة البناء والاعمار فيها. وقال وزير الدولة في وزارة الخارجية الألمانية لودفيغ فولمر ان مؤتمر بون يعطي حكومته "فرصة كي توضح انها تقدم الى جانب المساهمة العسكرية في التحالف الدولي لمحاربة الارهاب تصوراً سياسياً كاملاً لمستقبل افغانستان". وأضاف: "المهم هو عدم سقوط افغانستان في الفوضى بعد الانتهاء من حكم طالبان". وصرح مصدر مطلع في وزارة الخارجية بأن انعقاد المؤتمر التمثيلي في بون للفصائل الافغانية الرئيسية هو الخطوة الاولى لتنفيذ "خطة النقاط الخمس" التي طرحتها الأممالمتحدة الاسبوع الماضي، تصوراً للمستقبل السياسي لافغانستان. وأكد ان المؤتمر الذي سيفتتح بعد غد ويحضره 50 - 70 شخصاً، سيعقد بعيداً عن الرأي العام وعن رجال الصحافة والإعلام الى حد كبير.