} يواجه محافظ البنك المركزي المصري الجديد محمود ابو العيون 4 قضايا صعبة هي استعادة "استقلالية المركزي" واستقرار اسعار الصرف والفائدة وحل مشكلة الديون المتعثرة وابرزها محاولة اعادة بناء احتياط العملات الاجنبية. يأتي اختيار الرئيس حسني مبارك الدكتور محمود ابو العيون محافظاً للبنك المركزي المصري خلفاً للسيد اسماعيل حسن، الذي انتهت فترة ولايته قبل 20 يوماً واعتذاره عن التجديد، اشارة الى توجه تجديد يختلف عن السابق لرسم السياسة النقدية والمالية للبلاد التي ستنعكس على إدارة الاقتصاد القومي ككل، في ظل عولمة مالية واقتصادية شديدة التأثير والتأثر لما يجري حولها خصوصاً في ظل الاحداث الدولية الراهنة. ورسم ابو العيون في تصريحاته الاولى سياسة البنك الجديدة خلال المرحلة المقبلة قائلاً: "سيستمر البنك في سياساته المالية بما يخدم الاقتصاد القومي ويحقق الاستقرار" مشيراً الى أن أوضاع سوق الصرف واسعار الفائدة وتطويرالعمل المصرفي ككل ستكون في مقدم أولوياته لكن الأهم، حسب الرأي العام وخبراء الاقتصاد هو استقلالية البنك المركزي بعيداً عن أي سلطة بدلاً من انصياع البنك للحكومة واقتناعه بوجهة نظر رئيس الوزراء كما حدث مع الحكومة السابقة والمحافظ السابق، ما يعني ضرورة ان يكون المحافظ الجديد مستقلاً ويمكنه مواجهة الحكومة. وفي الوقت نفسه ينبغي إرساء مبادئ للغرف والتنظيم المؤسسي للعلاقة بين المركزي والحكومة وهي علاقة لا يمكن صوغها في قانون، لان المحافظ يشارك في المجموعة الوزارية الاقتصادية ويعبر عن وجهة نظر البنك في سياسات الحكومة لضمان الاستقرار النقدي، وان لا يصل الخلاف بينهما الى مرحلة القطيعة كما حدث مع محافظين سابقين مثل محمد شلبي وصلاح حامد اللذين قدما استقالتهما بناء على رغبة رئيس الوزراء في حينه. والمؤكد أن الجميع لا يرغب في تكرار ما حدث بين الحكومة الحالية والمحافظ السابق من قطيعة جعلت المحافظ يدخل مفرمة المجموعة الاقتصادية الوزارية، وبدلا من أن يكون مستقلاً في إدارة السياسة النقدية أصبح يتلقى التعليمات من هذه المجموعة باعتباره عضواً فيها، وبدلاً من أن يؤكد على استقلالية البنك المركزي في كل لحظة اصبحت هذه الاستقلالية "محل خلاف" مع انعقاد كل اجتماع. كما أن الآراء والاقتراحات التي كان يقدمها المحافظ لأعضاء المجموعة لاتخاذ قرار بتطبيقها كان يتم تجاهلها لأسباب سياسية، كما حدث في مسألة تحديد كمية النقد التي يحصل عليها المودع يوميا وكذا سياسات تتعلق بإدارة سعر الصرف والاحتياط. وكان المحافظ السابق يتلقى تعليمات بعدم الاقتراب من الاحتياط وبعدها يتلقى تعليمات مناقضة على رغم انه كان يؤكد في كل مناسبة أن البنك المركزي مستقل، وإذ يفاجأ بعد لحظات أن أحد اعضاء الحكومة يتحدث عن سياسة سعر الصرف وإدارتها وأنه ستتم تلبية حاجات العملاء بالكامل. والمراقب للأحداث يلاحظ خلافاً نشب بين وزراء المجموعة الاقتصادية ومحافظ المركزي السابق بعد تحفظه على استمرار تحمل الجهاز المصرفي عبء تمويل الخطط التي تتسرع الحكومة في الإعلان عنها من دون موارد اضافية، والتي استكملتها الحكومة أخيراً بالإعلان عن اتفاق مع المصارف لتسوية ديون صغار التجار المتعثرين الذين تقل ديون الواحد منهم عن مليون جنيه. في الوقت ذاته كان المحافظ السابق طالب الحكومة بايجاد موارد اضافية من القطع الاجنبي خصوصاً الدولار بعدما استمرت مطلوبات المصارف كما هي من دون تغيير على رغم نجاحها في انتزاع جزء كبير من حصة شركات الصرافة في السوق، وهو ما كان يوجب عليها الاعتماد على مواردها من التعامل في سوق الصرافة، إلا أن هذا لم يحدث ليتحمل "المركزي" فروق التوظيف من أرصدة الاحتياط. وازداد الوضع سوءاً مع الأحداث التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة والحرب التي شنتها تحت شعار مواجهة الإرهاب إذ زادت مؤشرات اتجاه الاقتصاد العالمي إلى مزيد من الانكماش الذي يؤثر بدوره على موارد الدولة من النقد الأجنبي، وهو ما ظهر واضحاً على قطاع السياحة الذي فقد نحو 65 في المئة حتى الآن من موارده. في ظل هذه الأوضاع كان على محافظ المركزي أن يبتعد وهو يعلم نية الحكومة تحميله مسؤولية التراجع الهائل في حجم الأرصدة الدولارية في الاحتياط بواقع 4 بلايين دولار في أقل من ثلاث سنوات.