كانت شركات الصرافة المتهم الأول من جانب بعض المسؤولين في افتعال ازمة الدولار في مصر لدرجة ان محافظ بنك مركزي سابق حضر اجتماعاً لمجلس الوزراء طالب بشطب كل شركات الصرافة والبالغ عددها 124 شركة ويعمل لديها نحو 10 آلاف موظف. انفض اجتماع مجلس الوزراء المصري أول من أمس من دون وضع حلول جذرية لازمة الدولار التي بلغت ذروتها في الايام الماضية، حتى وصل سعر الدولار امام الجنيه الى 420 قرشاً بدلاً من 342 قرشاً قبل شهور. ازمة الدولار كما يرى المعنيون تفاعلت عقب حادث الاقصر في تشرين الاول اكتوبر عام 1997، ما أدى الى انحسار واضح في السياحة رافقه انخفاض كبير في اسعار البترول وتراجع حصيلة قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج. وأدت تلك الاسباب الى انخفاض موارد البلاد من القطع الاجنبي وارتفاع سعر الدولار بضعة قروش. واعقبت ذلك ازمة جنوب شرقي آسيا واندفاع التجار المصريين الى الاستيراد من تلك الدول حتى وصلت الواردات الى نحو 47 بليون جنيه بين عامي 1998 - 1999 وتراجعت الصادرات الى نحو 13 بليون جنيه خلال الفترة نفسها. وسعت الحكومة الى احتواء الازمة فتم طرح نحو 8.5 بليون دولار من الاحتياط النقدي الذي هبط من 4.20 إلى 6.14 بليون دولار في الاعوام الاخيرة. لكن على رغم ذلك لم تحل المشكلة بل زادت تعقيداً في ظل تجاهل الدولة للأزمة واعتبارها حدثاً بسيطاً، حتى أخذ الرئيس حسني مبارك زمام الأمور ودعا الى اجتماع عاجل في تشرين الاول اكتوبر الماضي للبحث في الأزمة ومحاسبة شركات الصرافة الخارجة عن القانون نتيجة ممارسات سلبية ومضاربات غير مشروعة في السوق. وأعلن رئيس الحكومة عاطف عبيد قبل أيام أن البنك المركزي سيحدد السعر الذي يمثل المتوسط المسجل للاسعار والتي تمت بها عمليات الشراء والبيع خلال الاسابيع الثلاثة الماضية. وقال إن هذا السعر سيتخذ كأساس يدور حوله سعر السوق وهو ما يسمح بتحرك سعر الصرف صعوداً وهبوطاً في حدود اثنين في المئة عن السعر المتوسط وبتدخل البنك المركزي وبقوة مانعاً أي تجاوز لهذه الحدود. وقال ل"الحياة" رئيس شعبة الصرافة في اتحاد الغرف التجارية محمد حسن الابيض: "ان هناك نقاشاً يدور حالياً وحلولاً تقترح ... لا توجد مسكنات كما كان في السابق. كنا نتعرض لقرارات تعسفية غريبة وانذارات بالغلق والشطب من آن لآخر ما يعني أن المناخ كان سيئاً". اصحاب شركات الصرافة لا يعترضون على قرار وزير الاقتصاد في اليومين الماضيين بغلق 13 شركة، لكن اعتراضهم اساساً على اسباب الغلق، ويشيرون الى أمور بسيطة جداً لا تستدعي الغلق مثل تعطل ماكينة الطباعة وعدم استطاعة احدى الشركات موافاة البنك المركزي بالبيانات المطلوبة وهذان امران يتوقع حدوثهما. ويرى الابيض ان تعليق كل الاخطاء على شركات الصرافة خطأ كبير. وعن الاجراءات المستقبلية، هناك اقتراح بتشكيل لجنة ثلاثية لتحديد سعر الدولار. وتقرر تشكيل لجنة عليا لتحديد سعر صرف الدولار تلتزمه البنوك العاملة وشركات الصرافة.