هاجم رئيس الوزراء الكويتي بالوكالة وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد أمس، المواطن الكويتي سليمان أبو غيث لانضمامه الى قيادة تنظيم "القاعدة" في أفغانستان، وقال: "نعتبر ما قام به ليس خيانة فقط بل اجراماً في حق بلده". في الوقت ذاته تحدثت مصادر الاسلاميين في الكويت عن "ضغوط" اميركية شديدة على الحكومة، لإغلاق عدد من الجمعيات الخيرية الاسلامية. وأثار ظهور سليمان أبو غيث الى جانب أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، في الشريط الذي بثته قناة "الجزيرة" الفضائية بعد بدء الهجمات على أفغانستان ذهول الأوساط الاسلامية في الكويت. وقال ل"الحياة" اسلامي يرتبط بمعرفة قديمة بأبي غيث: "كانت معروفة لنا حماسة أبو غيث لأفكار أسامة بن لادن، لكننا لم نتصور أنه يحمل صفة قيادية رفيعة في تنظيم القاعدة. لا بد أنه معهم منذ سنوات". لكن اسلامياً آخر قال ان حصول أبو غيث 36 سنة على صفة الناطق الرسمي باسم تنظيم القاعدة "مؤشر الى الفراغ الداخلي للتنظيم وقابليته لاستقبال أي عناصر مؤيدة واستيعابها بسرعة". وأوضح أن أبو غيث لم يكن ضمن أي مجموعة اسلامية معروفة في الكويت منذ انفصل عن تيار "الاخوان المسلمين" عام 1992، كما أن تنظيم القاعدة "لا يعتبر الكويت مسرحاً لعملياته على رغم وجود قوات أميركية فيها منذ عشر سنين". وحصلت "الحياة" من مصادر الاسلاميين على صورة متكاملة عن أبو غيث، فهو يكنى "أبو يوسف" ومن مواليد عام 1965، سكن في منطقة "الرميثية" جنوب شرقي العاصمة الكويتية، في منزل والده جاسم أبو غيث الذي توفي قبل سنوات. وتخرج سليمان من كلية الشريعة وعمل مدرساً للتربية الاسلامية في مدرسة "العسعوسي" المتوسطة في "الرميثية"، وانضم خلال الثمانينات الى تيار "الاخوان المسلمين" النشط في تلك المنطقة. وخلال الاحتلال العراقي للكويت عامي 1990 - 1991 أصبح أبو غيث مسؤولاً عن احدى خلايا "التكافل الاجتماعي" التي انشأها "الاخوان" تحت الأرض لتسهيل توزيع المواد الغذائية والأموال على المواطنين من دون علم العراقيين. وخلال شهور الاحتلال أيضاً أصبح إماماً وخطيباً في احد المساجد، واستمرت الحال كذلك حتى 1992 عندما اختلف مع "الاخوان المسلمين" على مبدأ المشاركة في الانتخابات البرلمانية وانفصل عنهم. اذ يرى أن الديموقراطية الغربية تتناقض مع الاسلام، وقال في احدى خطب الجمعة ان "الدستور الكويتي تحت نعالي" ففصلته وزارة الأوقاف عن وظيفة الخطابة. عام 1994 تطوع أبو غيث للقتال في البوسنة، حيث مكث هناك شهرين، ثم بدأ يتردد على افغانستان. وفي 1997 أعيد الى الخطابة في مسجد في منطقة "بيان" بعد توسط بعض الاسلاميين، لكنه عزل عنها لاحقاً بسبب بعض خطبه التي اعتبرتها وزارة الأوقاف متطرفة. وبدأت صلاته كما يبدو بأسامة بن لادن بعد خطبة مشهورة له عنوانها "يا أسامة..."، يمتدح فيها النشاطات والعمليات التي ينفذها تنظيمه. وفي حزيران يونيو الماضي طلب نقله من وظيفة التدريس ليتفرغ لوظيفة الإمامة، لكنه فصل بعد ذلك لتغيبه عن العمل لأكثر من 15 يوماً من دون عذر. ويقول بعض معارفه انه زار الكويت آخر مرة قبل ستة أسابيع تقريباً، ثم غادر الى أفغانستان مصطحباً معه زوجته وذريته المؤلفة من ولد وخمس بنات، معتبراً أن نشوءهم هناك في "بيئة اسلامية" أفضل لهم. لكن الزوجة والأولاد عادوا قبل عشرين يوماً تقريباً بسبب مرضها، وقبل أن يغادر أعطى أبو غيث لشقيقه توكيلاً قانونياً يخول اليه تصفية كل أوضاعه المالية والوظيفية، مما يدل على أنه قرر عدم العودة. يصف أحد الاسلاميين أبو غيث بأنه "هادئ دمث الخلق وقليل الكلام، لكنه حماسي عندما يتحدث عن الجهاد والمواجهة مع الغرب، ويبدو أن موهبته في الخطابة هي التي قرّبته من أسامة بن لادن". وسأل صحافيون أمس الشيخ صباح الأحمد عن الاجراءات التي ستتخذها الحكومة ضد أبو غيث، فقال انه "مطلوب للعدالة"، لكنه استبعد أن يسبب احراجاً للكويت، لأنه "لا يمثل الشعب الكويتي". ورفض التعليق حين سئل هل ستسحب الحكومة جنسية أبو غيث كما حدث لأسامة بن لادن. معلوم أن الدستور الكويتي لا يعطي الحكومة حق سحب الجنسية من المواطنين. الى ذلك، تحدثت مصادر الاسلاميين في الكويت عن "ضغوط" اميركية شديدة على الحكومة من أجل اغلاق جمعيات خيرية، على خلفية الحملة الدولية لتجفيف منابع المال للمجموعات التي تعتبرها واشنطن ارهابية. وأشارت الى ان هذا الأمر أثاره مندوبان عن الولاياتالمتحدة زارا الكويت. وفي الجانب الأمني أشارت المصادر الى احتجاز الأمن الكويتي أربعة كويتيين الخميس الماضي، قبل صعودهم الى طائرة كانت متوجهة الى مدينة مشهد شرق ايران. وذكر ان الأربعة الذين اطلقوا بعد ذلك قالوا انهم كانوا في سبيلهم الى دخول افغانستان من حدودها الغربية لإيصال معونات الى لاجئين أفغان، لكنهم أصبحوا الآن ضمن قائمة الممنوعين من السفر، الى جانب عشرات من الاسلاميين الذين وضعوا على القائمة ذاتها. ومنعت السلطات كثيرين من العاملين الكويتيين في مجال الاغاثة والعمل الخيري من التوجه الى افغانستان، خشية ان يكون بينهم مؤيدون لتنظيم القاعدة.