أثارت ملابسات وفاة علي الرشيدي المعروف باسم "أبو عبيدة البنشيري"، أحد مؤسسي تنظيم "القاعدة"، كثيراً من اللغط منذ انكشافها سنة 1996. و"الحياة" تورد هنا تفاصيل وفاته غرقاً في بحيرة فيكتوريا، كما رواها صهره آشيف محمد جمعة الذي كان معه في السفينة المنكوبة لدى غرقها. يقول جمعة من مواليد تنزانيا سنة 1965 ان شخصاً مصرياً يحمل الجنسية الهولندية يُدعى "جلال" تزوج اخته طاهرة، لكنه لم يعرف اسمه الحقيقي سوى بعد وفاته في 1996 قيل له في البدء انه اسمه "عادل حبيب"، لكنه عرف لاحقاً انه صهره هو "أبو عبيدة البنشيري". ويروي جمعة حادثة الغرق: بدأت القصة عندما تشاجرت إحدى أخواته منيرة مع زوجها وارادت الطلاق. فقرر زيارتها لمصالحتها مع زوجها الذي كان يريد العيش في بوكوفا في تنزانيا في حين أصرت هي على البقاء في نيروبي. وتقع بوكوفا شمال غربي مدينة موانزا على سواحل بحيرة فيكتوريا. ذهب جمعة واخته منيرة وصهره "جلال" في عبّارة من موانزا الى بوكوفا. بقوا أقل من يوم. بقيت منيرة هناك، في حين استقل جمعة و"جلال" العبارة عائدين الى موانزا. كانت عبّارة كبيرة تتسع ل 480 شخصاً إضافة الى المساحة المخصصة فيها للشحن الكارغو. لكنها لم تكن فقط ممتلئة بهذا العدد من المسافرين، بل كانت تقل أكثر من 1200 شخص. سبعة أشخاص كانوا في مقصورة جمعة و"جلال". قرابة السابعة صباحاً ولدى اقتراب العبّارة من موانزا نفسها، بدأت في الانقلاب بسبب خلل في أرضيتها. انحرفت الى اليمين، فصرخ جمعة ب "جلال" لإيقاظه من النوم. صحا جلال لكنه قال لجمعة "عد للنوم. الله معنا". ما كاد "جلال" ينهي جملته حتى انحرفت العبّارة مجدداً ومالت بالكامل الى جانبها، فبات باب المقصورة المؤدي الى الممر الخارجي "الكوريدور" "سقف الغرفة". صراخ المسافرين يدوي في أرجاء السفينة. الركاب يتراكضون بحثاً عن مخرج للهرب من المقصورات قبل ان تتحول قبوراً لمن فيها. قفز جمعة عبر الباب الذي بات "سقف الغرفة". أمسك بيد "جلال" الذي كان ما زال داخل الغرفة. استطاع ان يسحب نصف جسمه خارج الغرفة. لكن فجأة سقط الباب ومعه "جلال" الى داخل الغرفة. سقط "جلال" على الآخرين المحاصرين داخلها. لا يعرف جمعة لماذا سقط صهره، وهل كان ذلك بفعل الناس المتمسكين به من الداخل والذين كانوا يجاهدون بدورهم للخروج منها. في تلك اللحظات كانت المياه تتدفق من شباك الغرفة كونه كان مفتوحاً. مد جمعة يده مجدداً الى داخل الغرفة لسحب "جلال"، لكن الماء كانت تتدفق الآن من الممر "الكوريدور" نفسه. كانت المياه تتقدم بسرعة رهيبة. ركض الى الباب الثاني في الكوريدور محاولاً فتحه. كانت المياه تحاول سحبه معها. كاد يفقد قدرته على التنفس بعدما غمرته المياه. لكنه ظل يبحث عن باب مفتوح يستطيع الخروج منه، الى ان وجد واحداً يقوده الى الخارج. ما ان وصل الى تلك النقطة من العبّارة حتى وجد ان نصفها بات تحت الماء. نظر حوله فوجد قرابة 30 شخصاً يحاولون النجاة. لكنه رأى أيضاً جثثاً تطفو على سطح الماء. فكّر في انه لو بقي معهم فإن بينهم من سيحاول التمسك به عند غرق السفينة مما سيؤدي الى غرقه ايضاً. في تلك اللحظة، قرر الفرار بمفرده. خلع ثيابه وقفز في الماء وبدأ السباحة ... قبل ان يتعلق به الآخرون. سبح نحو 500 متر، لكنه لم يكن قادراً على قطع المسافة كلها في اتجاه الشاطئ الذي كان يبعد من جهة نحو تسعة كيلومترات ومن جهة ثانية قرابة ثلاثة كيلومترات. فقرر السباحة الى مكان قريب من السفينة المنكوبة والتمسك بطوافة، وهو أمر فعله مع نحو عشرة آخرين. جاءت سفينة انقاذ للشرطة. سمعوا طرقاً من داخل السفينة. اردوا فتح فجوة فيها لسحب العالقين في الداخل. لكن هناك من قال انه لو فُتحت فجوة فإن الهواء العالق في الداخل والذي يسمح بعدم غرق العبارة سيخرج ويؤدي الى امتلائها بالماء فوراً وغرقها. قال آخرون لماذا لا نسحبها الى جانبها الثاني من اجل توزانها. لكن في النهاية تقرر فتح فجوة لانقاذ شخص عالق في الداخل كان صُراخه مسموعاً من الخارج. ما ان فعلوا ذلك حتى خرجت كمية كبيرة من الهواء المنحبس في الداخل. أُنقد الرجل لكن السفينة غرقت فوراً، ومعها ما لا يقل عن الف شخص دُفنوا في مقصورات تحوّلت "قبوراً" تحت الماء.