على طرقات معبدة وأخرى وعرة منوعة بين الرملية والصخرية والموحلة، كان لنا لقاء على مدى يومين مع جيب شيروكي الجديد خرجنا في نهايته بنتيجة مفادها أن شيروكي ليس سيارة مثالية للطرقات الوعرة على أنواعها وحسب، بل سيارة تتمتع بتماسك مرتفع مع راحة تعليق قصوى على الطرقات المعبدة أيضاً، الأمر الذي يجعلها سيارة دفع رباعي عائلية مثالية للجميع سواء كانوا من العازبين أو من أصحاب العائلات المتوسطة الحجم. عند تجربة سيارة تندفع بعجلاتها الأربع تتبادر الى الذهن فكرة مفادها أن هذه السيارة المصممة لعبور أكثر الطرق وعورةً لن توفر لسائقها أو ركابه أية راحة على الطرقات المعبدة. فعلى رغم تطور سيارات الدفع الرباعي على أنواعها لا تزال هذه السيارات تعاني قساوة سيرها على الطرقات المعبدة وبالتالي عدم توفيرها أي راحة لركابها على هذا النوع من الطرقات. ولكن مع جيب شيروكي الجديد تبدلت المقاييس، إذ مع هندسات تصميمية وتقنيات حديثة تمكنت جيب الأميركية من الخروج بجيل جديد كلياً من طراز شيروكي سيشكل شوكة في خاصرة المنافسين ومنهم أولئك الذين يسوقون سيارات 4×4 من الحجم المتوسط الصغير. مزيد من الانسيابية بمجرد النظر إلى سيارة جيب هذه، يلاحظ المرء أنها جديدة كلياً. فهيكلها ابتعد من الزوايا الحادة والخطوط المستقيمة التي ميزت الجيل الأسبق من شيروكي واستعيض عنها بأخرى دائرية تتخللها خطوط منسابة بنعومة، تم معها التركيز على المحافظة على شخصية سيارات جيب المندفعة بالعجلات الأربع وبالأخص في الأمام حيث تبدو الواجهة الأمامية وكأنها واجهة جيب ويليس القديم بنفحة عصرية ومتطورة. فالمقدم الذي يضم مصابيح كبيرة ومستديرة الشكل مائلة في شكل طفيف الى الأمام وتوسط المصباحين واجهة شبكية مائلة أيضاً، يتميز بخطوطه الطولية السبعة، التي تعلو صادماً أمامياً يوحي تصميمه بعصبية السيارة وقدراتها، وهو يحتوي في طرفيه على مصابيح إضافية للضباب في طراز القمة. أما خطوط الجوانب، فتعتمد في شيروكي الجديد على مساحات زجاجية متوسطة تسيطر عليها الزوايا الدائرية والأطر المطلية باللون الأسود، في وقت تتميز هذه الخطوط الجانبية بفتحات الإطارات العريضة والمنفوخة التي تخفي إطارات من صنع غوديير. وفي سياق الحديث عن الجوانب، لا بد من الإشارة الى أن فتحات الأبواب وبالأخص الخلفية منها باتت أعرض من السابق، الأمر الذي يجعل من عمليتي الصعود والنزول الى مقصورة الركاب ومنها أمراً سهلاً بعد أن كان طراز شيروكي الأسبق يعاني صغر حجم القسم الخلفي من مقصورة الركاب. أما في الخلف، وعلى رغم تزويد شيروكي الجديد مصابيح خلفية تقوم على دائرتين مدمجتين داخل كل مصباح، إلا أن تصميم الواجهة الخلفية يتشابه مع عدد من سيارات الدفع الرباعي شأن لاند روفر ديسكفري وسوزوكي غراند فيتارا. وهنا عملت جيب على تعديل تصميم هذه الواجهة عبر تزويدها إطاراً احتياطياً خارجياً تم تثبيته على الباب الخلفي في وضعية مخفوضة مع غطاء خارجي خصص لتثبيت لوحة السيارة الخلفية. كذلك عملت جيب على تزويد الواجهة الخلفية باباًً تم تقسيمه الى جزءين، صنع السفلي منهما من المعدن وثبت حيث يفتح الى اليمين، فيما يفتح العلوي المصنوع من الزجاج الى الأعلى في شكل أوتوماتيكي وبمجرد فتح الجزء السفلي. ومزيد من الأمان التحول إلى الخطوط المنسابة، مكن قسم التصميم لدى جيب من خفض نسبة الجر، وبالتالي تقليل نسبة الضجيج الصادر عن اختراق شيروكي الهواء على مختلف السرعات وهو أمر لاحظناه خلال التجربة حيث وصلنا الى سرعات تراوح في حدود 160 كلم/س، الأمر الذي انعكس في شكل إيجابي على التأدية، إضافة إلى إسهامه في خفض استهلاك الوقود. وإلى جانب التصميم الخارجي الطليعي، ركزت جيب على عوامل السلامة العامة في شيروكي الجديد الذي تمت تقوية هيكله أيضاً، إضافةً إلى زيادة معدلات إلتوائية هذا الهيكل بنسب عالية، ولترتفع على الأثر قدراته على تحمل الصدمات، خصوصاً أن الأقسام الأمامية والخلفية تشمل مناطق هشة تعمل في حالات الاصطدامات المباشرة على امتصاص قوة الصدمة وإبعادها عن مقصورة الركاب التي تمت تقوية جوانبها أيضاً بعد تثبيت عوارض معدن مدمجة في الأبواب. ومن ناحية أخرى، جهزت مقصورة شيروكي بأحزمة أمان بثلاث نقاط تثبيت مع قدرة شد تدريجي، إضافةً إلى مخدات هواء أمامية للسائق والراكب بجانبه، واللذين سيستفيدان أيضاً من الحماية التي يؤمنها لهما الهيكل، الأمر الذي يعزز من فاعلية سلامة ركاب الجوانب الأربعة مهما كانت وضعية جلوسهم. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تقوية الهياكل وزيادة نسب التوائيتها أسهمتا في رفع تماسك شيروكي مع الطريق ومع نفسه. ومزيد من الرحابة أيضاً أبرز ما يميز مقصورة ركاب شيروكي الجديد يتمثل برحابتها. فبناء السيارة على قاعدة عجلات بطول 2.649 متر مكن قسم تصميم مقصورات الركاب من استغلال طول القاعدة في شكل ذكي لمصلحة المقصورة التي تبدو رحبةً في الأمام والخلف. وسيتمكن ركاب شيروكي من السفر براحة بالغة ولمسافات طويلة، خصوصاً أن جيب عملت على توفير مقاعد مريحة لهم، إضافةً إلى أن المساحات المخصصة لرؤوسهم وأكتافهم وأرجلهم كافية حتى ولو كانوا من أصحاب القامات الطويلة. كما أن وضعية جلوس الركاب جيدة جداً بفضل الوضعية المرتفعة للمقاعد والمساحات الزجاجية الكبيرة التي تلف السيارة من جوانبها كافة. أما وضعية جلوس السائق، فهي ممتازة بفضل التعديل الكهربائي للمقعد وإمكان إمالة عمود المقود. ومن ناحية أخرى، لا يمكن إغفال لوحة القيادة التي اتسمت بوضوح عداداتها وتكاملها وبسهولة استعمال مفاتيح تشغيل معظم أجهزتها. فتجويف العدادات، يضم عدادين كبيرين للإشارة الى سرعة السيارة والى دوران المحرك، إضافةً إلى عدادين صغيرين لمستوى الوقود في الخزان ولدرجة حرارة المحرك، وذلك إلى جانب عدد من المؤشرات الضوئية. أما الكونسول الوسطي، فقد احتوى على جهازي التكييف الفاعل والاستماع الموسيقي المتطور والمربوط الى مجموعة من مكبرات الصوت. أما مفاتيح تشغيل بقية الأجهزة الحيوية، فقد تم تثبيتها إلى جانبي المقود وفي الكونسول الوسطي هذا الأخير مبطن بالألمنيوم المصقول حيث يسهل الوصول إليها. وفي سياق الحديث عن مكيف الهواء أيضاً، يذكر أن جيب قامت بتوزيع فتحاته بشكل مدروس في كل أقسام المقصورة، وزادت تدفق الهواء فيه بنسبة عالية مقارنةً بالطراز السابق. محركان يلبيان الطلبات كافة لسيارتها الجديدة هذه، اعتمدت جيب على محركين جديدين تم تعديلهما ليتناسب استعمالها مع سيارات الدفع الرباعي. ويقوم المحرك الأول المتميز بنعومة عمله الفائقة، على تقنية الأسطوانات الست على شكل 7. وتبلغ سعة هذا المحرك 3701 سم3 وقد زود بخاخاً إلكترونياً، الأمر الذي رفع قدرته الحصانية الى 211 حصاناً يمكن استخراج حدها الأقصى عند مستوى 5200 دورة في الدقيقة يرافقها عزم دوران يبلغ 235 نيوتن متر عند 3800 دورة في الدقيقة. أما المحرك الثاني الذي سيبدأ تصنيعه مطلع العام المقبل 7 كانون الثاني/ يناير 2002، فيعتمد مبدأ الأسطوانات الأربع المتتالية وهو بسعة 2429 سم3 يولد بالتعاون مع جهاز البخاخ الإلكتروني قدرة تصل الى 147 حصاناً تتوافر عند مستوى 5200 دورة في الدقيقة تتناقص الى 4000 عندما يتعلق الأمر بعزم الدوران البالغ 165 نيوتن متر. وهنا لا بد من الإشارة الى أن جزءاً كبيراً من هذا العزم يتوفر عند مستوى دوران مخفوض للمحركين، ما يعني مرونة عالية في عمل المحركين وقدرة كبيرة في الخروج من عوائق الطرق الرملية الناعمة أو الموحلة وحتى تلك الضحلة، وبالتالي قدرة قطر عالية تمكن السيارتين من جر مقطورات بوزن مرتفع. وقد اختبرنا هذه الليونة في محرك ال 3.7 ليترات عند التجربة سواء كان ذلك على الطرقات المعبدة أو تلك الوعرة على أنواعها حيث أبدى شيروكي الجديد قدرات هائلة لم نكن نتوقعها. وقد تم ربط المحركين المذكورين إلى علبة تروس أوتوماتيكية تتألف من أربع نسب أمامية بتحكم إلكتروني في اختيار نسبها تبعاً لظروف القيادة وأسلوبها، وتعمل علبة التروس هذه على نقل القوة إلى العجلات الدافعة. وهنا نشير إلى أن شيروكي تندفع بالعجلات الخلفية في ظروف القيادة العادية، ويتم التحويل إلى الدفع الرباعي البطيء أو السريع عبر مقبض خاص مثبت في الكونسول الوسطي قرب مقبض علبة التروس، وحيث يعمل نظام سيليك تراك المتوافر مع محرك ال 3.7 ليترات أو نظام كوماند تراك المتوافر مع محرك ال 2.4 ليتر عند التحول إلى برنامج الدفع الرباعي على مراقبة انزلاق العجلات، ليحول بين الدفع الثنائي والرباعي. متماسكة ومريحة عندما يتعلق الأمر بسيارات الاندفاع الرباعي، يوضع التماسك على سلم الأولويات. لكن التماسك غالباً ما يكون على حساب الراحة، إلا أن جيب تمكنت من إيجاد الحل من طريق اعتماد تعليق مستقل للعجلات الأمامية، يعتمد على تقنية الأذرع العلوية والسفلية التي أخذت لنفسها شكل حرف "أيه" والتي تجهز بها عادةً سيارات السيدان السياحية، والتي تم دعمها بنوابض معدن حلزونية ومصاصات صدمات تعمل بضغط الغاز تسهم في زيادة التماسك والراحة، إضافةً الى قضيب يعمل على الحد من تمايل السيارة حول محور أفقي طولي وهمي. أما التعليق الخلفي، فيقوم على محور إلتوائي مع ذراع علوية على شكل حرف "أيه" تم ربطها الى أذرع مزدوجة سفلية ونوابض معدن حلزونية ومصاصات صدمات عاملة بضغط الغاز مدعومة بقضيب مقاوم للانحناء. وفي هذا السياق، نشير إلى أن جيب زودت سيارتها قضبان مقاومة للانحناء والغوص في الأمام والخلف بقطر أكبر من السابق وذلك لتعويض التأثير السلبي لمركز الثقل المرتفع في سيارات الدفع الرباعي الكبيرة. وترتكز السيارة التي تتميز بالثبات والتماسك المدعوم براحة التعليق، على عجلات معدن بقياس 16 إنشاً ملبسة بإطارات من صنع شركة غوديير بقياس 235 / 70 آر 16 اس تخفي خلفها جهاز مكابح قوامه الصحون المهواة في الامام والطبلات المزدوجة في الخلف والمدعومة بجهاز لمنع انغلاق المكابح يتوافر كتجهيز إضافي. قريباً في أسواقنا أخيراً يبقى أن نشير الى أن شيروكي الجديد يتوافر بهيكل من خمسة أبواب يندفع بالعجلتين الخلفيتين أو العجلات الأربع. وسيتم بيع طراز القاعدة المزود محرك ال2.4 ليتر بسعر يراوح بين 73 و98 ألف درهم إماراتي لطراز القمة المزود محرك ال3.7 ليتر. ومع هذه الأسعار سيتمكن شيروكي الذي سيتوفر في منطقة الخليج العربي إبتداء من شهري أيلول سبتمبر وتشرين الأول أكتوبر من احتلال موقع متقدم في سوق سيارات الدفع الرباعي المتوسطة الحجم وقد يتمكن من قطع الطريق على بعض سيارات هذه الفئة التي تنتمي الى فئة السيارات المتوسطة الصغيرة.