قررت الكليات الأهلية في العراق رفع اقساطها الى الضعف، وحذت الكليات الرسمية التي فتحت اقساماً للدراسات المسائية حذوها، فيما اعتبر الطلبة وأولياء امورهم ذلك "صاعقة نزلت عليهم فجأة" بحسب ما افادت صحيفة "الاقتصادي" الاسبوعية الصادرة في بغداد. عميد "كلية الرافدين الجامعية" الدكتور هلال محمد البياتي يرى ان "اسباباً موضوعية" دفعت كليته لاتخاذ قرار رفع الاقساط، مشيراً الى زيادة الخدمات التي توفرها الحكومة الكهرباء والماء والهاتف وارتفاع اسعار الحاسبات والأجهزة الالكترونية المستخدمة في الدراسة والتي توفرها وزارة التجارة، مؤكداً ان اسعار الاجهزة والمعدّات الدراسية هي ذاتها التي تعتمدها الوزارة حين تبيعها للشركات التجارية! ويعتقد البياتي ان 140 الى 200 ألف دينار للسنة الدراسية 70 الى 100 دولار غير مكلفة لو قورنت بما تتكلفه السنة الدراسية في الكليات الأهلية في الدول المجاورة للعراق، منوهاً بأن كليته مطالبة بالحفاظ على ملاكاتها من الأساتذة وتحسين مستواهم المعيشي وزيادة أجورهم، خصوصاً ان تحسناً بدأ يطرأ على دخل الاستاذ في الجامعات الرسمية، ما يشجع اساتذة الكليات الأهلية على "الهجرة المعاكسة" في اشارة الى انهم يفضلون عادة الكليات الأهلية على الرسمية، لما في الأولى من مقدرة على دفع اجور مجزية مقارنة بما تدفعه الثانية. أولياء امور الطلبة يرون المقارنة بين اجور الكليات الأهلية في العراق وبين مثيلاتها في الدول العربية، مقارنة غير منصفة، مؤكدين "اننا نعيش في العراق ولا بد من الأخذ في الاعتبار مستويات الدخل داخل العراق حين يتم تحديد اجور الكليات". وعلى رغم ان الكليات الأهلية التي سمحت لها الحكومة العراقية بالعمل منذ نحو عشر سنوات وبعد 20 سنة من "تأميم" التعليم بمراحله المختلفة وصولاً الى الجامعة، تلتزم "الضوابط التي تفرضها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي" في تثبيت المناهج والامتحانات ومقررات المواد الدراسية ومستويات الأساتذة، إلا انه لا يُسمح لها بفتح اقسام للدراسات العليا، وهو ما يراه عميد "كلية الرافدين الجامعية" مناقضاً لما توفره الكليات الأهلية من مستلزمات اساسية تعزز الجانب العلمي وسعيها الى رفع المستوى! وتختلف الأقساط الدراسية بحسب التخصصات العلمية والدراسية للكليات. ففي "كلية القائد للصيدلة" يتم استيفاء مبلغ مليون ونصف المليون دينار سنوياً وهو مبلغ كبير بحسب المداخيل العراقية، وعن هذا الجانب يقول رئيس لجنة "الاتحاد الوطني لطلبة العراق" في الكلية بسيروان إحسان محمد انها "لا تعتبر مرتفعة، فالنفقات التي تتحملها الكلية في الكتب المنهجية والكومبيوترات الخاصة تجعل الأقساط أقل من مثيلاتها في دراسة الصيدلة في كليات مماثلة عربياً". وفي حين وجد الآلاف من الطلبة في الدراسة الجامعية المسائية فرصة لتحصيل العلم الى جانب الانهماك نهاراً في العمل لتأمين الرزق، لا سيما ان الأجور المستوفاة عن الدراسة المسائية زهيدة، إلا ان الأمر لم يستمر على هذا المنوال. ومع رفع الكليات الحكومية رسوم دراساتها المسائية بدت الفرصة للمواءمة بين العمل والعمل غير ممكنة. وتشير صحيفة "الاقتصادي" في عددها الصادر الاسبوع الماضي الى ان "الكليات الرسمية الدراسات المسائية تتسابق للفوز بتحطيم الرقم القياسي في تصدر قائمة التكاليف حتى اصبحت كالصاعقة التي وقعت على الطلبة". معاون رئيس الجامعة المستنصرية الحكومية يرى ان "موضوع رفع الأجور وزيادتها هذا العام قيد البحث"، فيما تأمل الصحيفة "تدخّل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والعودة بالأسعار وجعلها مناسبة للجميع". المبالغ المستوفاة من الطلبة في الدراسات الجامعية المسائية لا تدخل جيب استاذ ولا تستثمر في تحسين مناهج ولا تجديد مصادر وإنما "تتوزع 50 في المئة الى وزارة المالية و50 في المئة الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من دون ان يكون للكلية او الجامعة حق التصرف بها". استاذ في احدى الكليات الأهلية يرى ان المبالغ التي تتقاضاها الكليات عادية حتى وإن زيدت بنحو 200 في المئة، لافتاً الى "ان من لا يرى في ذلك عدلاً فالطريق الى الكليات والجامعات الرسمية سالك" ويحمّل المؤسسات الحكومية سبب الزيادة، مشيراً الى "ان الكليات الأهلية لا تعاملها المؤسسات الحكومية بصفتها اماكن للعلم والمعرفة والتربية والثقافة، بل شركات تجارية. فهي تقاضت من "كلية الرافدين الجامعية" 16 مليون دينار اجور نصب وحدة "انترنت" في الكلية، وهو مبلغ يزيد ثلاثة اضعاف عما تتقاضاه شركة الاتصالات الحكومية في حال قيامها بنصب وحدة مماثلة في كلية حكومية".