بغداد - أ ف ب - في مواجهة الحظر الدولي المفروض على العراق منذ ثماني سنوات، والذي أدى الى نقص حاد في الأرصدة المخصصة لقطاع التربية والتعليم، وجدت جامعة بغداد نفسها مضطرة الى اعتماد اسلوب التمويل الذاتي عن طريق بيع خدماتها لمؤسسات وشركات رسمية وخاصة، للتمكن من الاستمرار وتأمين الحد الأدنى لأفراد هيئتها التعليمية. وقال رئيس الجامعة عبدالإله الخشاب ان الجامعة بدأت قبل سنوات تطبيق تجربة "الجامعة المنتجة" عن طريق تقديم خدماتها على شكل "دراسات وتصاميم واستشارات واشراف على مشاريع للمؤسسات الرسمية والقطاع الخاص" في مقابل أجور يصرف معظمها للهيئة التعليمية وافراد الهيئات العلمية في الجامعة. جامعة بغداد تأسست عام 1975 وتضم الآن 50 ألف طالب وطالبة موزعين على 21 كلية اضافة الى بضعة آلاف من طلاب الدراسات العليا الذين يتابعون التحصيل لنيل الماجستير والدكتوراه. وهي واحدة من 12 جامعة موزعة بين بغداد والمدن الأخرى العراقية تضم 250 ألف طالب ويتولى التدريس فيها حوالى 10 آلاف استاذ. وبسبب الهبوط الحاد لقيمة الدينار العراقي منذ فرض الحظر لا يتجاوز راتب الاستاذ الجامعي الآن ما يعادل عشرة دولارات. وقال الخشاب لوكالة "فرانس برس" ان تجربة الجامعة المنتجة شملت فتح ابواب عشر كليات للعلوم الانسانية للتعليم المسائي في مقابل اجور اضافية واعداد مراكز البحوث والمختبرات في الجامعة البحوث والدراسات العلمية لحساب مؤسسات من القطاعين الرسمي والخاص. وأوضح ان الخدمات التي تقدمها الجامعة تشمل اعداد تصاميم لبيوت ومجمعات ومصانع، واعداد دراسات جدوى للمشاريع وسبل تطويرها ومتابعة تنفيذ انشاء المصانع والمشاريع المختلفة، وتدريب العمال والكوادر واعداد التراجم والبحوث بحسب الطلب وزراعة أراض وبيع انتاجها وتقديم الاستشارات للمزارعين، وتصنيع مشتقات الحليب وبيعها. وشملت التجربة ايضاً استثمار امكانات عدد من الكليات مثل الزراعة والبيطرة في الانتاج الزراعي والحيواني، وطرح منتجاتها للبيع للحصول على ايرادات تساعد في تأمين احتياجات الهيئة التعليمية والطلاب وصيانة المعدات. في هذا الاطار استعادت كلية الزراعة في جامعة بغداد أخيراً معمل ألبان لها من القطاع الخاص وستباشر تشغيله وبيع منتجاته. كما بدأ المستشفى التعليمي التابع لكلية الطب البيطري تقديم الخدمات والعلاج لحيوانات المزارعين في مقابل أجور. وأشار الخشاب الذي درس الكيمياء في جامعة تكساس الاميركية الى ان جامعة بغداد حصلت العام الماضي على 600 مليون دينار 400 ألف دولار ايرادات من الخدمات التي قدمتها في مقابل 350 عقداً نفذتها. وزاد ان هذه الايرادات صرفت على "المسيرة التعليمية ورفع مستوى دخل الاساتذة". وأكد ان "تجربة الجامعة المنتجة ساعدت كثيراً في خفض الاعتماد على الدعم المالي الحكومي نظراً الى ظروف الحصار على العراق". واعرب عن الأسف لأن الحظر المفروض منذ العام 1990 أدى الى "حرمان الجامعة من الحصول على حوالى ثلاثة آلاف مطبوع علمي شهرياً، اضافة الى المعاناة في استيراد المختبرات وتحديث التي انتهى عمرها".