} في اليوم الثالث عشر من الغارات الجوية على افغانستان، صمتت الدفاعات الجوية لحركة "طالبان" فحلّقت الطائرات الأميركية بحرية كاملة. وجددت الحركة موقفها الرافض تسليم اسامة بن لادن، مؤكدة استعدادها لمواجهة الأميركيين براً. وأعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الذي رفض التعليق على عمليات جيشه البرية، انه نال موافقة الصين على التعاون الاستخباراتي والوقوف جنباً الى جنب ضد الارهاب، لكن بكين طالبته بتحديد الأهداف العسكرية بدقة. ومع منح باكستان الأميركيين مطاراً قرب الحدود الأفغانية، اكدت باريس انها ستوسّع حجم مشاركتها في العمليات العسكرية وأيّدت بروكسل التدخل البري، في حين يعكف الاتحاد الأوروبي الذي بدأ قمة امس في بلجيكا على إعداد بيان يعتبر اطاحة "طالبان" عملاً مشروعاً. كابول، اسلام آباد، واشنطن، بروكسل - "الحياة"، أ ف ب، رويترز، أ ب - تجاهلت المقاتلات الاميركية عطلة يوم الجمعة أمس، وقصفت افغانستان لليوم الثالث عشر على التوالي، واخترقت سماء العاصمة كابول وألقت عليها أربع قنابل، سقطت احداها قرب فندق "انتركونتيننتال" جنوب غربي العاصمة. وذكر شهود ان اصوات نيران الدفاعات الارضية لم يسمع، وكذلك في قندهار. وأثار سكوت المضادات توقعات بانهيار دفاعات "طالبان" في شكل كامل. وذكرت "وكالة الانباء الاسلامية" الافغانية الخاصة التي تتخذ من باكستان مقراً لها ان سبعة قتلوا وجرح 15 عندما سقطت قنبلة على ميدان مدد في قندهار، معقل زعيم "طالبان" ملا محمد عمر. ويمكن ان يكون مكتب وزارة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الافغانية القريب هو الهدف المعني. وسقط عدد من القنابل قرب اكثر الاسواق ازدحاماً جنوبالمدينة. وقصفت المقاتلات ايضاً مدينة جلال آباد شرق البلاد التي تحيط بها معسكرات تدريب واستهدفت خمسة اهداف منها موقع اللواء ال81 التابع ل"طالبان". وكانت القوات الاميركية اعلنت الجمعة الماضي وقف القصف احتراماً لعطلة المسلمين. وقال الناطق باسم "طالبان" عبدالحي مطمئن ان بين 600 و900 شخص قتلوا او فقدوا منذ بدء الهجوم الاميركي. وقال شهود ان عدداً كبيراً من القتلى والمفقودين مدنيون. وأعلن سفير "طالبان" لدى باكستان عبدالسلام ضعيف ان ملا عمر وأسامة بن لادن ما زالا على قيد الحياة بعد الضربات الاميركية الاخيرة. وأكد ان الحركة لن تسلم بن لادن. وقال: "لم نغير موقفنا في شأن اسامة"، مضيفاً: "هذه قضية اسلامية ومسألة عقيدة ولن نغير عقيدتنا تحت اي ظرف". وكان الرئيس الاميركي جورج بوش اعلن الاسبوع الماضي انه في حال سلمت "طالبان" بن لادن فوراً ومن دون شروط، فإن واشنطن قد توقف غاراتها الجوية على افغانستان. وسريعاً ما اعلن ملا محمد عمر رفضه هذه "الفرصة الثانية". وأكد ضعيف ان قوات "طالبان" مستعدة لمحاربة اي قوات برية اميركية تدخل افغانستان. وأمضى السفير اسبوعاً في افغانستان التقى خلاله زعماء "طالبان"، وقال في وقت سابق انه عاد ومعه خطة سيعرضها على باكستان، لكن اسلام آباد نقلت عنه قوله انها لا تتضمن أي اقتراحات جديدة. وفي اطار المساعي لتوسيع دائرة المواجهة ضد التحالف الدولي، أعلنت مصادر عسكرية على الجبهة الشمالية الشرقية في افغانستان ان ملا محمد عمر اوفد مبعوثين الى مقاتلي المعارضة يقترح عليهم الانضمام الى صفوفه لمحاربة "الاجتياح الاميركي". وأكد القائد داود الذي يترأس قوات المعارضة في فرخار شرق طالوقان اقليم تخار انه استقبل أخيراً في مقر قيادته موفدين ل"طالبان" نقلوا اليه رسالة شفوية من ملا عمر. وأوضح ان الوفد ضم ستة وجهاء من طالوقان عاصمة اقليم تخار الذي استولت عليه "طالبان" في ايلول الماضي. بوش - جيانغ وفي اطار حشد الدعم للتحالف الدولي، حقق الرئيس الاميركي خرقاً مهماً في شنغهاي، بعدما اتفق والرئيس الصيني جيانغ زيمين خلال اول لقاء جمعهما أمس على تعزيز روح التعاون الجديدة بين واشنطنوبكين بتضافر جهودهما، ووقوفهما جنباً الى جنب، في الحرب ضد الارهاب. وأعلن بوش انه تلقى من نظيره الصيني "التزاماً حازماً للتعاون في مجال الاستخبارات وفي تقفي آثار اموال الارهاب"، بينما أعلن جيانغ انه تم التوصل "الى اجماع حول سلسلة من القضايا المهمة على الصعيد الثنائي وعلى مكافحة الارهاب وحفظ السلام والاستقرار". وأدلى الرئيسان بهذه التصريحات خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد في اعقاب محادثاتهما. وكان هذا اول لقاء بين الرئيسين اللذين سيشاركان اليوم في القمة الاقتصادية لمنتدى دول آسيا والمحيط الهادئ "ايبك" الذي يشارك فيه 21 بلداً مطلاً على المحيط الهادئ في شنغهاي. وأعطت بكين موافقتها الضمنية على الغارات الجوية الاميركية على افغانستان، على رغم ان جيانغ شدد أمس على انه يأمل في ان يستهدف القصف "أهدافاً محددة بوضوح"، وانها يجب ان "تكون مدققة لتجنب سقوط الابرياء". لكن بوش أعلن انه لن يلتزم اي هدنة في الغارات الجوية الاميركية على افغانستان لتسهيل وصول قوافل المساعدات الانسانية الى الشعب الافغاني. وكانت مجموعة من ست منظمات انسانية تعمل في افغانستان وجهت نداء لهدنة في الضربات لتسهيل مرور قوافل المساعدات الانسانية. ورفض بوش من جهة أخرى، تأكيد الانباء الصحافية التي تحدثت عن دخول القوات الخاصة الاميركية الى أفغانستان. وقال: "لن أعلق على العمليات العسكرية. منذ بداية الحملة قلت انني لن ارد على الإشاعات والتسريبات، لكننا سنتسخدم كل السبل الممكنة للوصول الى أهدافنا". لكن "طالبان" ردت بالتأكيد ان قواتها مستعدة لمواجهة نشر محتمل لقوات أميركية برية على الاراضي الافغانية، وستكون مسرورة بأن تتاح لها الفرصة للانتقام من عمليات القصف الأخيرة. الى ذلك، أعلن وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد أول من أمس ان الولاياتالمتحدة ستقدم دعماً جوياً وذخائر الى قوات المعارضة الافغانية اثناء تقدمها نحو كابول ومدينة مزار الشريف شمال. وقال ان "ما هو الآن مختلف مقارنة بالوضع السابق، هو ان المعارضة ستتلقى المساعدة". وهذه هي المرة الاولى التي يتحدث فيها وزير الدفاع بهذه الصراحة عن تقديم مساعدة الى قوات المعارضة المسلحة لحركة "طالبان". المساهمة الفرنسية وفي باريس، اعرب وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين أمس عن اعتقاده بان الاميركيين "يدخلون في شكل تدريجي مرحلة العمليات البرية" في أفغانستان، لكن هذه العمليات لم تبدأ فعلياً بعد. وأضاف ان قوات فرنسية يمكن ان تشارك في بعض العمليات، وترفع من حجم مساهمتها في الحرب ضد الارهاب، وهو ما أعلنه وزير الدفاع الفرنسي آلان ريشار أول من أمس. وقال فيدرين: "اننا على اتصال لوضع خطة لمشاركة فرنسية محتملة"، موضحاً ان العمليات العسكرية المعنية "ستجرى بعد المرحلة الاولى من القصف الجوي". وفي هذا الصدد، أعلن وزير خارجية بلجيكا لوي ميشيل الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي مساندته لإنزال قوات أميركية خاصة في افغانستان، واصفاً وجود تلك القوات بالخطوة المنطقية التالية في الحملة على الارهاب. وقال ميشيل الذي يرأس اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي: "وجود قوات خاصة على الارض ضروري لاستئصال شأفة الشر أينما وجد". واعترفت الولاياتالمتحدة أمس بدخول افراد من قواتها الخاصة الاراضي الافغانية بعد قرابة اسبوعين من الغارات الجوية لاسقاط حكام "طالبان". الاتحاد الأوروبي وجاء في مسودة بيان حصلت "رويترز" على نسخة منها ان زعماء الاتحاد الاوروبي يعدون لاصدار اعلان يشير الى ان الاطاحة بحركة "طالبان" "هدف مشروع" للحرب الدولية ضد الارهاب. ويستعد زعماء 15 دولة اوروبية بدأوا في بلدة غاند شمال غربي بلجيكا اجتماعات قمة مخصصة لبحث الوضع في أفغانستان، الى توجيه نداء الى الرأي العام الاوروبي بأن يبقى هادئاً وأن يتوخى اليقظة بعد سلسلة هجمات احتوت في ما يبدو على بكتيريا الجمرة الخبيثة في الولاياتالمتحدة قتل فيها شخص واحد على الأقل. وجاء في مشروع البيان "وبينما ترفض "طالبان" تسليم اسامة بن لادن وزعماء تنظيم القاعدة فإن الاطاحة بنظامهم السياسي أصبح هدفاً مشروعاً في الحملة ضد الارهاب. وعلى رغم انه لم يقع هجوم بيولوجي أو كيميائي في اوروبا، الا ان هناك حاجة متزايدة الى توخي اليقظة ... ويناشد رؤساء الدول والحكومات الشعوب ان تلزم الهدوء، ووسائل الاعلام الا تنشر الذعر". وأكدت الوثيقة مجدداً تأييد الاتحاد الاوروبي للهجمات العسكرية بقيادة الولاياتالمتحدة في افغانستان، وتعهدوا بتقديم مزيد من المساعدات الانسانية لضحايا الصراع، وبتعاون أوثق بين قوات الشرطة والامن في الدول الاعضاء في الاتحاد. ودعا الزعماء لاستئناف الجهود لوقف العنف في الشرق الاوسط. وقبيل قمة الاتحاد، بدأت في غاند أمس قمة ثلاثية تضم فرنسا والمانيا وبريطانيا للتشاور في القضية الافغانية، وشارك في القمة الرئيس جاك شيراك ورئيس الوزراء ليونيل جوسبان من الجانب الفرنسي والمستشار الالماني غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وكان رئيس الدولة الفرنسي الذي دعا الى عقد القمة، رأى "ان التشاور بين الدول الثلاث على أعلى مستوى امر مفيد وضروري للبحث في الوضع على الساحة الدولية اثر اعتداءات 11 ايلول الماضي. وأثارت هذه المبادرة انتقاداً من رئيس المفوضية الاوروبية رومانو برودي، لكن باريس حرصت على التأكيد ان "الاجتماع الثلاثي" لا يهدف بأي شكل من الاشكال الى التحضير لقمة الدول الخمس عشرة للاتحاد الاوروبي في غاند، وأنه "لا يهدف الى اطلاق اي مبادرة خاصة".