سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"آن الأوان كي تتحرر أميركا من الإرهاب الصهيوني ... والتحريض العلماني لن ينجح". الأمين العام ل"الحركة الإسلامية" الكويتية ل"الحياة": أبو غيث ظاهرة استثنائية واساءة الشيخ سعود ليست أقل
} قال عيسى ماجد الشاهين، الأمين العام ل"الحركة الدستورية الإسلامية"، كبرى الجماعات الإسلامية في الكويت، إن علاقة التيار الإسلامي بالحكومة لم تهتز بسبب الأحداث الأخيرة المتصلة بالحملة الدولية على الإرهاب. واعتبر أن التحريض الذي تمارسه "الفئة العلمانية المتطرفة" على الإسلاميين لدى الحكومة الكويتية ولدى حكومات غربية "لن ينجح". وفي حديث إلى "الحياة" انتقد الشاهين بشدة تصريحات لوزير النفط السابق الشيخ سعود ناصر الصباح، هاجم فيها الإسلاميين واعتبر أن الحكومة الكويتية لم ترد الجميل إلى الولاياتالمتحدة. وقال الشاهين إن هذه التصريحات لا تخدم الكويت، وان الوزير السابق "يسعى من خلالها إلى تسويق شخصه لدى الدوائر الأميركية". واعتبر أن سليمان أبو غيث، الناطق باسم تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن، يمثل ظاهرة استثنائية في المجتمع الكويتي، وأن ليس للتنظيم وجود في الوسط الإسلامي العام في الكويت. ورأى أن "اساءة الشيخ سعود ليست أقل من اساءة أبو غيث". وأكد موقف الإسلاميين المعارض للحرب على أفغانستان، مشيراً إلى أن "قوى عالمية واقليمية تسعى إلى تحويل الحملة الحالية إلى حرب شاملة على الإسلام". وشدد على أن "الحركة الدستورية" تعتبر نصرة الشعب الأفغاني واجباً على كل مسلم. وهنا نص الحديث: كيف أثرت أحداث 11 أيلول سبتمبر في أميركا ثم الحرب ضد أفغانستان على علاقة الإسلاميين الكويتيين بالحكومة؟ - تاريخ العلاقة بين الإسلاميين والحكومة يظهر أن الأزمات والفترات العصيبة ترسخ الثقة بين الطرفين، وتبيّن قوة انضباط القوى الإسلامية، وتقديرها المسؤولية الوطنية وصدقيتها، وحرصها على المصلحة الكويتية العامة وتقديمها على المصلحة الفئوية. وأحداث اليوم تبرز هذه الحقائق، فالإسلاميون يقدرّون وضع الوطن، ويضعون أمنه وسلامته في مقدم الأولويات، ويرون أن الحفاظ على وحدته الوطنية في كل الظروف، وفي هذه الأيام خصوصاً، يستوجب الصبر والتحمل وضبط النفس، وعدم الانجرار وراء من يسعى إلى ايقاع التصادم في المجتمع الكويتي. في تقديري، الحكومة تعي هذا الأمر وتقدّر وتتصرف في هديه، وآمل بأن يعمل الجميع لتجنيب الوطن ويلات التشاحن والانشقاق والتصادم. هناك حملة من الاتجاه الليبرالي على التيار الإسلامي، خصوصاً ما يتصل بالجمعيات الخيرية. في رأيك، هل ستخضع الحكومة لهذه الضغوط، أم أن هناك ضغوطاً خارجية مماثلة؟ - بدأ هذا الهجوم منذ سنوات طويلة، وهو من أولويات التحرك الاستراتيجي للفئة العلمانية المتطرفة، ولم يبدأ بسبب الأحداث الجارية التي يعتبرها العلمانيون الفرصة الذهبية، لكنها قد تكون الأخيرة لهذه الفئة لاستغلالها من أجل تحقيق تطلعاتها تجاه الإسلاميين. إن الجمعيات الخيرية وفروعها تمثل قطاعاً كبيراً من المؤسسات الشعبية في المجتمع، والفئة العلمانية المتطرفة توقع نفسها في تناقض فاضح، إذ تدعي حرصها على مؤسسات ما تسميه المجتمع المدني، وفي الوقت ذاته تسعى إلى تحجيم هذه الجمعيات الشعبية واغلاقها. ومن جهة أخرى، تدعي هذه الفئة الحرص على الحريات العامة وحرية العمل الشعبي وحماية الرأي الآخر، لكنها في حربها على المؤسسات الخيرية تظهر حقيقتها المناهضة للرأي الآخر، وطبيعتها الاستئصالية تجاه كل من لا يتفق معها في الرأي والتوجه. إن هذه الفئة في مسلكها تهدم كل القيم الغربية التي تزعم أنها تروّج لها، بل تمثل صورة مشوّهة لهذه القيم، وحري بالسفارات الغربية والأوساط الغربية التي تدعم هذه الفئة وتساندها أن تعي هذه الحقيقة. عندما نتمعن في التصريحات المعلنة لرموز الحكومة الكويتية، نلاحظ تطوراً ايجابياً في التعامل مع قضية اللجان الخيرية وفروع الجمعيات. وتشكيل اللجنة العليا المنظمة لهذا العمل، والتي تضم ممثلين عن هذه اللجان والجمعيات، يؤكد توجهاً طيباً للتوصل إلى حلول مرضية لكل الأطراف، تحقق المصلحة الوطنية. وهذا يبيّن أن مفعول الضغوط، إن كانت موجودة، أياً يكن مصدرها، فشل أو تأجل. وما تعليقكم على قول وزير النفط السابق الشيخ سعود الناصر الصباح لصحيفة "الشرق الأوسط" أخيراً ان الجماعات الإسلامية الكويتية "خطفت الكويت"؟ وهل الكويت لم تتضامن مع واشنطن كما ينبغي، كما قال؟ وهل تتوقعون - كما يرى الشيخ سعود - أن ينعكس الموقف الكويتي هذا سلباً على مستقبل العلاقات الكويتية - الأميركية؟ - إن اساءة الشيخ سعود إلى الكويت في ما قاله لصحيفة "الشرق الأوسط" لا تقل عن اساءة الشيخ سليمان أبو غيث الناطق باسم تنظيم "القاعدة". فالكويت أكبر من أن تُخطف من أي كان. ومقولة خطفها من إسلاميين قديمة، من مقولات الفئة العلمانية المتطرفة، لكنها ما زالت تجول في فكر الشيخ سعود. والجماعات الإسلامية قادت المقاومة في الداخل ابان العدوان العراقي، وهي الوحيدة التي حمل وفد عسكري أميركي إليها خطاب شكر وتقدير لجهودها في دعم عمليات قوات التحالف لتحرير الكويت. كما أن هذه الجماعات شاركت بفاعلية في جبهة الصمود في الخارج، على رغم أنه لم توضع تحت تصرفها الملايين من الدولارات التي اتيحت لغيرها من أجل ما قيل إنه حملات علاقات عامة في الولاياتالمتحدة في شأن قضية احتلال الوطن. والجماعات الإسلامية الكويتية لم تقدم شهادات مزوّرة أمام الكونغرس، كادت أن تهز القضية الكويتية وصدقيتها. ولله الحمد الذي جنّد للكويت سفيراً فذاً مثل الأمير بندر بن سلطان سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن ابان الاحتلال العراقي. وادعاء الشيخ سعود أن الكويت لم تتضامن مع واشنطن كما ينبغي، يدل على تجاهل للواقع، لأن الإدارة الأميركية أشادت بدور الكويت وتعاونها في مكافحة الإرهاب، والإدارة تعلم قدرات الكويت وامكاناتها وتعلم واجباتها تجاه التهديد والخطر العراقيين. كما أن للمنطقة وضعاً استراتيجياً مهماً، وفي الكويت قواعد أميركية طبقاً لإتفاقات أمنية أوجبها العدوان العراقي. إن تصريحات الشيخ سعود ترديد لاتهامات أثارتها صحيفة ناطقة باسم المحافل الصهيونية، الساعية إلى تأزيم العلاقات الأميركية - العربية. وهذه التصريحات في شأن الدور الكويتي المطلوب لا تخدم مصلحة الكويت، بل محاولة للبحث عن دور سياسي لشخص تقطعت صلاته بالمجتمع الكويتي لما أوجد له من سلسلة طويلة من العداوات والخصومات خلال عمره السياسي القصير. وهذه التصريحات ما هي إلا محاولة منه لتسويق شخصه لدى الدوائر الأميركية. إن ادعاءات الشيخ سعود أقل من أن ترسم مستقبل العلاقات الكويتية - الأميركية، وهذا التحريض الذي يشارك فيه يتعدى تحريض الحكومة على التيار الإسلامي، إلى تحريض واشنطن على الكويت، وطناً ودولة ونظاماً ومجتمعاً. مشروع لتحجيم الإسلاميين؟ هل ترون في الأفق مشروعاً غربياً للضغط على الحكومات، ومنها الحكومة الكويتية، لتحجيم الإسلاميين؟ - إن خصومة الاتجاه العلماني للتيار الإسلامي لا حدود لها، والحكومات الراشدة لا تفوتها الحقائق، ولا تضللها الأكاذيب، وتعلم الحجم الواقعي لهذا الاتجاه ومدى ضعفه الشعبي - وإن توحد - وتعرف أين مصالحها. كما أن مفكرين وسياسيين في الغرب، والولاياتالمتحدة خصوصاً، باتوا يدركون حقيقة أن التيار الإسلامي المعتدل هو الكفيل بالاستقرار والأمن السياسي والاجتماعي في المنطقة، في مواجهة أشكال التطرف بنوعيها العلماني والإسلامي. إن استهداف التيار الإسلامي الوسطي المعتدل بالبطش والطغيان، يزرع المزيد من بذور التطرف والإرهاب، كما أن محاولات سلخ الأمة العربية والإسلامية من حضارتها وقيمها، كما يسعى إلى ذلك العلمانيون المتطرفون، تنتج مزيداً من التطرف وتعرض المصالح الغربية للخطر. هل تعتقدون أن لتنظيم "القاعدة" أنصاراً في الكويت، وهل يمثلون خطراً على الأمن؟ - ما نعلمه أن تنظيم "القاعدة" انتهج السرية البالغة في تشكيله ونشاطاته، خصوصاً بعد المرحلة الجهادية ضد القوات السوفياتية، لذلك لا يمكن أي جهة مدنية التحقق من معلومات دقيقة عن هذا التنظيم. وبناء على طبيعة المجتمع الكويتي المسالمة وأجواء الحرية المتوافرة وانتشار الرخاء، لا يمكن الوسط الإسلامي في الكويت أن يضم منتسبين إلى مثل هذا التنظيم، يمثلون خطراً على الأمن، وأبو غيث يعتبر ظاهرة استثنائية، كما أن فكر تنظيم "القاعدة" غريب على المجتمع الكويتي. الإسلاميون الكويتيون أيدوا حرباً على العراق عام 1991، وما زالوا يؤيدون عمليات التحالف الغربي ضد أهداف عراقية، لكنهم يعارضون الحرب على "طالبان". هل هذا تناقض في موقفهم؟ - لا بد من القول أولاً اننا استنكرنا التفجيرات المروعة في نيويورك وبنسلفانيا وواشنطن أشد استنكار، وأكدنا أنها أعمال اجرامية لا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد، وليست لها صلة بالجهاد، ومن قام بها أبعد ما يكون عن المجاهدين إن كان من المسلمين. ومن قتل معه مكرهاً خدمه في رقبة الفاعل، الذي عليه عقوبة القصاص وتحمل ديات الأبرياء وأمره في الآخرة إلى الله عز وجل. أما بالنسبة إلى الموقف من حرب العراق وحرب أفغانستان، فإن حرب عام 1991 هي حرب ضد دولة معتدية ظالمة يحكمها نظام بعثي يتبنى عقيدة علمانية لا علاقة لها بالإسلام، وحرب التحرير تمت بقرار من الأممالمتحدة، لإخراج قوات غازية لدولة مظلومة مسالمة ولإنهاء احتلالها، والضربات الجوية ضد المواقع العسكرية العراقية تأتي في الإطار ذاته، ورداً على تعرض هذه المواقع لطائرات التحالف الدولي التي ترصد المناطق العازلة الجنوبية والشمالية في العراق. أما الحرب ضد أفغانستان فهي مختلفة تماماً. هي حرب أحادية يستعمل فيها كل الأسلحة المتطورة، المقرة والمحرمة دولياً، ضد بنى تحتية طينية وطرق ترابية ومطارات رملية وقواعد من العشش والخيام، وفي المحصلة من دون أي مقاومة تذكر. فهي للرد على ايواء فرد وقاعدته محل اشتباه، ومن أجل انزال العقاب من دون اثبات، ولمجرد الظن ومن دون محاكمة ولو بصورة شكلية. وموقفنا السياسي مبني على الرأي الشرعي الإسلامي، وهو أن أفغانستان بلد مسلم سواء السلطة أو الشعب، والولاياتالمتحدة شنت حرباً بناء على تهمة وشبهة، وأعلنت أنها تسعى إلى تحقيق العدالة وليس إلى تنفيذ الانتقام، لكن ما نراه اليوم هو تقتيل الآلاف من المدنيين الأبرياء وتشريد مئات الآلاف وهدم البيوت والمدارس ومراكز الرعاية الاجتماعية والعيادات والمستشفيات. هذا عدوان وظلم، ونصرة الشعب الأفغاني واجبة على كل مسلم. هل تؤيدون الاعتقاد السائد لدى حركات إسلامية بأن الحرب ضد حركة "طالبان" مقدمة لحرب شاملة على الإسلام، أم أنها حدث معزول وموقت؟ - ما من دولة أو نظام أو فئة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية إلا وتحاول أن تستفيد وتستنفع من هذه الأحداث. حتى الشرائح والفئات المختلفة في الولاياتالمتحدة تجاهد كي تحقق مكاسب أو مصالح مادية أو معنوية نتيجة لهذه المأساة. واعتقد أن أعداء الأمة العربية والإسلامية لا بد أن ينشطوا لتحقيق مآربهم، خصوصاً أن الولاياتالمتحدة تبذل أقصى الجهود والأموال والوعود، وتغير المواقف المبدئية والديبلوماسية والقانونية كي تجمع تحالفاً دولياً ينجز أهدافها. أعلنت الولاياتالمتحدة والدول الغربية مرات ان الحرب الحالية هي حرب على الإرهاب وليس على الإسلام والمسلمين، لكن هناك قوى عالمية واقليمية تسعى إلى تحويلها حرباً شاملة على الإسلام، وهذا ما يجب أن تتحاشاه الولاياتالمتحدة، وإلا عمت الفوضى العالم أجمع، وأصبح مرتعاً للإرهاب بصورة أشمل. إن المطلوب قيام تحالف دولي له توجهات صادقة وأهداف واضحة من أجل حق الشعوب في تقرير مصيرها وتحقيق المشاركة الشعبية والعدالة الاجتماعية، ومن أجل مواجهة طغيان وفساد بعض الأنظمة الحاكمة التي أوجدت الإرهاب وانتجته في معتقلاتها وسجونها، وفي ظل فسادها وتسلطها. وقبل ذلك كله، آن الأوان كي تتحرر الولاياتالمتحدة من الإرهاب الصهيوني كي تتحرر من الإرهاب العالمي، وتحقق لها الصدقية في حربها على الإرهاب. ومتى أصبحت سياستها الخارجية أميركية المبدأ والمصلحة، زالت حواجز الرفض والكراهية والعنف، ومن ثم يتحقق العدل وتسترجع الحقوق، فيسقط كل مبررات نشأة ما تسميه الولاياتالمتحدة ارهاباً عالمياً.