كثيراً ما نسمع هذه الايام ان فريق وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون"، وتحديداً معاون وزير الدفاع ولفوفيتز عازم على ضرب العراق. وكثيراً ما نسمع ايضاً ان وزير الخارجية الاميركي، كولن باول، يعارض ضرب العراق، وان أحداث 11 أيلول سبتمبر عززت موقعه في ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش، الذي أصبح اكثر إصغاء من السابق لوزير خارجيته. والأمل هو ألا تتحول الضربات الاميركية على افغانستان باتجاه العراق، لأنه كما قال العاهل الأردني الملك عبدالله، للمسؤولين الفرنسيين "سيؤدي ذلك الى انتصار كبير لأسامة بن لادن الذي سيتمكن عندئذ من توحيد مشاعر الغضب والغبن في الشرق الأوسط". فبدل ان تقع الادارة الاميركية في فخ بن لادن، آخذة بميول المتطرفين فيها من أمثال ولفوفيتز، وبعض أعضاء الكونغرس، ينبغي عليها ان تراجع سياستها الفاشلة في العراق. كان نجاح قوات التحالف سنة 1991 في اخراج العراق من الكويت، تبعه فشل سياسة العقوبات الدولية على العراق، وهي سياسة مستمرة على رغم هذا الفشل. ومع دخول سورية الى مجلس الأمن، فإنها ستنضم الى عضوية لجنة العقوبات الدولية على العراق، المنبثقة من القرار 661، والمكلفة مراقبة العقود المبرمة مع العراق وتحديد ما إذا كان مسموحاً بها أم لا. وسورية، مثلها مثل روسيا والصين، لا تبالي بالعقوبات الدولية، وتستورد يومياً عبر انبوب النفط 150 ألف برميل من النفط العراقي لاستهلاكها المحلي. وهكذا، فإن سورية تمكنت من زيادة مبيعاتها من نفطها الوطني ومن زيادة حجم عائداتها النفطية، وهي مثل روسيا والصين لا تخفي ان لديها علاقات تجارية مع العراق في المجالات كافة. وروسيا والصين حصلتا من جانبهما على عقود لتطوير حقول نفطية عملاقة في العراق. فما معنى وجود لجنة العقوبات الدولية اذاً، وما معنى مراقبتها لالتزام الدول بهذه العقوبات، عندما يكون بين أعضاء اللجنة دول غير ملتزمة؟ والى متى تستمر الادارة الاميركية في هذه السياسة العقابية حيال الشعب العراقي وابنائه، فيما يتعزز النظام العراقي، برئيسه وورثته؟ فالعالم بأسره يقر ان سياسة العقوبات على العراق قد فشلت، حتى ان باول نفسه، أراد لدى تعيينه في منصبه، ادخال ما يسمى بالعقوبات الذكية، لكنه فشل في هذا المسعى. لكن البديل من فشل سياسة العقوبات على العراق، ينبغي ان لا يكون ضرب العراق، لأنه سيعزز مخاطر الغليان السائد في المنطقة تجاه السياسة الاميركية، التي تفرض عقوبات وترفعها متى تشاء وكيفما تشاء. واكبر دليل على ذلك السرعة التي اقدمت بها على رفع العقوبات التي كانت فرضتها على باكستان. حان الوقت لأن تدرك الادارة الاميركية ان معاقبة الشعوب البريئة التي تعاني، اكثر من المجتمع الدولي، من قمع حكامها وبطشهم مثل الشعب العراقي، باتت وقوداً لإشعال كراهية الاجيال الصاعدة للولايات المتحدة. وفي هذا الاطار جاءت ملاحظة أحد الطلبة العراقيين معبرة جداً. فهو عندما سمع برفع العقوبات الاميركية عن باكستان، تساءل عما اذا كانت الولاياتالمتحدة سترفع العقوبات الدولية عن العراق بين ليلة وضحاها، إذا تمكن الرئيس العراقي صدام حسين من تسليم اسامة بن لادن.