} مع ازدياد المؤشرات إلى احتمال ضرب العراق في المرحلة الثانية من الحرب التي تشنها أميركا وبريطانيا على الإرهاب، ازداد قلق دوائر صنع القرار في تركيا. وعلم أن أنقرة نصحت واشنطن بالتفكير في انعكاسات أي محاولة لتغيير نظام الرئيس صدام حسين، فيما لوحت وزارة الخارجية التركية بوثيقة "سرية" صدرت قبل شهور قليلة تتضمن قراراً لرئيس الوزراء بولند أجاويد بتدخل عسكري تركي في شمال العراق لاحتلاله، إذا اطيح صدام واستغل الأكراد ذلك لإقامة دولة هناك. أفادت مصادر تركية أن الطائرات الأميركية التي أغارت على أفغانستان الأربعاء الماضي انطلقت من قاعدة انجيرليك الجوية جنوب شرقي تركيا. وأشارت إلى أن سرباً من 9 طائرات "اف 16" وثلاث طائرات من طراز "أواكس" وطائرتين للتزود بالوقود، غادر القاعدة في الساعة السابعة مساء الأربعاء وعاد في الخامسة فجر الخميس، لتتحول "انجيرليك" بذلك إلى قاعدة هجومية أمامية، فضلاً عن كونها جسراً للإمدادات العسكرية. وتوالى وصول الطائرات الحربية الأميركية إلى القاعدة، وبينها ثلاثون طائرة من طراز "اف 16"، فيما اعتبر الأتراك العاملون في القاعدة في إجازة مفتوحة. وجاء هذا التطور ليؤكد دخول تركيا الحرب مباشرة، إلى جانب الولاياتالمتحدة، وعدم اكتفائها بتقديم دعم لوجستي. إذ صادق البرلمان التركي مساء الأربعاء على مرسوم يفوّض إلى الحكومة ارسال قوات إلى الحرب، واستقبال قوات أجنبية على الأراضي التركية، بعدما اقتنعت الحكومة بضرورة المشاركة في الحرب على الإرهاب، إلى جانب الولاياتالمتحدة، من أجل تقاسم "غنائم الانتصار"، ولعب دور في تحديد مستقبل أفغانستان وحكومتها الجديدة. وكان البرلمان شهد نقاشات ساخنة أثناء درس المرسوم، إذ أبدى حزب السعادة وحزب العدالة والتنمية المحافظان رفضهما مشاركة تركيا في حرب ضد دولة إسلامية. لكن كواليس الخارجية التركية شهدت نقاشاً من نوع آخر لا يقل أهمية، حول احتمالات اتساع الحرب، لتشمل العراق بعد أفغانستان. وكان نائب رئيس الوزراء مسعود يلماز حذر من ذلك الاحتمال، معتبراً أن من شأنه أن يحيل المنطقة كلها إلى "كرة من نار". وما يقلق الخارجية التركية الآن ليس احتمال تورط تركيا بالحرب ضد العراق في إطار التحالف الدولي الجديد، إذ ذكر وزير الخارجية العراقي ناجي صبري أن أنقرة أكدت لبغداد أنها لن تشارك في هذه الحرب. لكن تركيا تعلم أن ليس بإمكانها قطع دعمها اللوجستي لقوات التحالف، ولو وجهت ضرباتها إلى العراق، ولم تخض أنقرة الحرب فعلياً. وتخشى أنقرة احتمال أن تطيح ضربة أميركية النظام العراقي، وتثير حالاً من الفوضى والفراغ في العراق، قد يستغلها الأكراد في شماله لإقامة دولة أو فيديرالية، لذلك لوحت وزارة الخارجية مجدداً بالقرار الذي أصدره رئيس الوزراء بولند أجاويد، مهدداً بأن أي نشاط لإقامة دولة كردية في شمال العراق سيستدعي تدخلاً عسكرياً تركياً فوراً، واحتلال هذه المنطقة إذا خرجت عن سيطرة الحكومة المركزية في بغداد. لذلك نصحت الخارجية التركية واشنطن بضرورة التفكير في ما سيحصل للعراق إذا حاولت تغيير نظامه. وقال مسؤول في الوزارة، رفض ذكر اسمه: "على أنقرة أن تستعد لكل الاحتمالات القريبة والبعيدة، في شأن مستقبل جيرانها". إلى ذلك، أفادت مصادر عسكرية تركية أن ثمانمئة جندي من القوات الخاصة في حال تأهب للمشاركة في الحرب، إذا استدعتهم الولاياتالمتحدة. وكان أربعة ضباط اتصال أتراك سافروا إلى الولاياتالمتحدة للانضمام إلى مقر قيادة العمليات العسكرية في فلوريدا، من أجل تأمين الاتصال والتنسيق بين القوات الأميركية والقوات التركية التي ستشارك في الحرب قريباً، مع ازدياد المؤشرات إلى اقتراب موعد العمليات البرية.