أفاقت مدن باكستانية عدة، أبرزها العاصمة اسلام اباد، أمس على اجراءات أمنية استثنائية. وارتفعت متاريس في تقاطع طرق عدة، تحسباً لاضطرابات يقوم بها أنصار الحركات الأصولية، فيما وضعت القيادة العسكرية الباكستانية ثماني قواعد جوية غرب البلاد في تصرف العمليات العسكرية الغربية في افغانستان. وأفادت تقارير واردة من بيشاور أمس، ان اشتباكات دارت على الحدود الباكستانية - الأفغانية بين مجموعة من مقاتلي "طالبان" لا يتجاوز عدد أفرادها الخمسين، كانوا يحاولون العبور الى باكستان، وقوات حرس الحدود الباكستانية. وتردد ان قافلة صحافيين أجانب تضم نحو عشرين سيارة تعرضت لهجوم من جانب لاجئين أفغان غاضبين من الغارات على بلادهم. ولفت نظر المراقبين نبأ عن اندلاع حريق غامض في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة الباكستانية في روالبندي، سارع بيان رسمي الى وصفه بأنه ناجم عن احتكاك في أسلاك كهربائية، في حين لوحظ تزامنه مع حركة التغييرات الأخيرة في القيادة العسكرية. وسرت في الوقت نفسه، اشاعات عن سماع دوي اطلاق نار في محيط المقر القريب من مكان اقامة الرئيس الجنرال برويز مشرف الذي لوحظ أنه لم يدع الى اجتماع لمجلس الأمن القومي، واكتفى برئاسة اجتماع لمجلس الوزراء، جرى خلاله البحث في الأوضاع العامة في البلاد. ويضم مجلس الأمن القومي قادة الفيالق العسكرية الذين كان يفترض أن يتداولوا في امكان اتخاذ اجراءات لتعزيز الأمن، تراوح بين احتمال حظر التجول واعلان حال الطوارئ في بعض المناطق التي قد تشهد اضطرابات متوقعة بعد صلاة الجمعة غداً. ولاحظت "الحياة" في جولة ميدانية في شوارع العاصمة ليل أول من أمس، جنوداً ينقلون أكياساً من الرمل لبناء متاريس وضعت لها قواعد من الحديد، وذلك في مناطق عدة حساسة في اسلام اباد، فيما تحول فندق "ماريوت" حيث مقر اقامة الصحافيين الأجانب، حصناً، اذ وضعت أعمدة من الباطون أمام مداخله وحظر دخول السيارات الى باحته الرئيسية. وشوهدت اجراءات مماثلة في محيط مقرات البعثات الديبلوماسية الأجنبية وفروع الشركات الأجنبية الكبرى. ولوحظ انحسار في وتيرة التظاهرات، اذ اقتصرت على بيشاور أمس، في ما وصفه أحد الناشطين الأصوليين ب"الهدوء الذي يسبق العاصفة". وفي ظاهرة لا سابق لها لوحظ ان القيادة الباكستانية سرّبت الى بعض الصحف تقارير عن "طموحات زائدة" كانت لدى الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الجنرال محمود احمد الذي أُزيح من منصبه لتعاطفه مع الاصوليين وحركة "طالبان". واتهمت تلك التقارير احمد بأنه كان يسعى الى ان يصبح نائب رئيس اركان الجيش اي الرجل الثاني بعد مشرف "لكن مسعاه أُحبط". واوردت التقارير المذكورة ان احمد "حال دون زيارة مشرف لقندهار للاجتماع مع زعيم طالبان ملا محمد عمر للتوسّط في النزاع على قضية التماثيل البوذية قبل اشهر، كما قام بتصرفات غير لائقة مع ضبّاط آخرين في القيادة غداة عودته من الولاياتالمتحدة في الاسبوع الثاني من الشهر الماضي، اضافة الى رفضه عرضاً من الرئيس بتعيينه رئيساً لهيئة الاركان المشتركة وهو منصب فخري في الجيش. وحاول التأثير على مشرف عبر اصدقاء مشتركين للبقاء على رأس الاستخبارات العسكرية". ورأت مصادر في هذه التسريبات محاولة من مشرف لتبرير التغييرات الاخيرة في القيادة العسكرية، مما يدلّ الى وجود حال من التململ في صفوف الضبّاط المحسوبين على التيار الاصولي، والذين بدأوا يشعرون بأنهم يفقدون مواقعهم تدريجاً في ظل قرار الرئيس التعاون بالكامل مع الحملة الاميركية لمكافحة الارهاب.