سحبت جبهة "بوليساريو" تهديدها باستئناف حرب شاملة في الصحراء الغربية، رداً على مرور سباق "رالي باريس - داكار" عبر الاراضي الصحراوية المتنازع عليها. وقالت الجبهة في بيان سلم للصحافيين في تندوف جنوب غربي الجزائر ان القرار اتخذ في اعقاب مطالبات من رئاسة منظمة الوحدة الافريقية ودول صديقة منها الجزائر والولايات المتحدة. توقعت اوساط مهتمة بتطورات نزاع الصحراء الغربية ان يكون لقرارات جبهة "بوليساريو" سحب تهديداتها ل"رالي باريس - داكار" مضاعفات، اقربها تزايد الخلافات بين تيارات متشددة ومعتدلة داخل الجبهة. وقال منشقون عن "بوليساريو" ل"الحياة" امس ان زعيم الجبهة السيد محمد عبدالعزيز "أراد من خلال ادارة معركة التهديدات الاخيرة تأكيد انه الرجل القوي في التنظيم، وهدف الى حشد تأييد عسكريين كانوا تمردوا عليه في الاشهر الاخيرة، اضافة الى تعزيز التيار المتشدد داخل القيادة الجزائرية الذي يعارض الانفتاح على المغرب. كما توخى رفع معنويات المقاتلين الصحراويين". ويعتبر مراقبون ان عبدالعزيز سعى الى اشراك منظمات اوروبية غير حكومية في الضغط على المغرب، وتحديداً عبر تغيير مسار "رالي باريس - داكار"، وشجعه في ذلك ان مناصرين اسبان حاولوا اعاقة سير السباق جنوباسبانيا، ما يعني انه كان يعول على استخدام عائلات المشاركين في السباق للضغط على حكومات بلدانهم لتحويل اتجاهه او تعليقه بعض الوقت، على اساس اجراء مفاوضات بين منظمي السباق وجبهة "بوليساريو". وتستند المصادر في تأكيد هذا المنحى الى كون بعض اطراف القيادة الجزائرية نصحوا "بوليساريو" اخيراً باللجوء الى المنظمات غير الحكومية، خصوصا في البلدان الاوروبية. وقام محمد عبدالعزيز بتحركات في هذا النطاق شملت البرلمان الاوروبي. كما استضافت ايطاليا نشاطات مماثلة. وافادت المصادر ان غضب "بوليساريو" على الموقف الاوروبي، خصوصاً باريس لجهة تغليب الحل السياسي كان وراء التهديدات الاخيرة. لكن رسالة "بوليساريو" كانت ترمي الى الرد على القرار الاخير لمجلس الامن الذي دعا المغرب الى "منح الصحراويين صلاحيات ادارة الشؤون المحلية". وفهم ان ذلك يتعلق بجميع الصحراويين الموجودين داخل المغرب ومخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر. وكشفت معلومات ان قيادة "بوليساريو" حاولت حض مجلس الامن، عبر وساطات للنص في قراره الاخير على "منح بوليساريو صلاحيات"، فيما شدد الوسيط الدولي جيمس بيكر، في تقريره الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان، على ان الحل السياسي يجب ان يشمل منح الصلاحيات لجميع الصحراويين. واللافت في التطورات السياسية ان "بوليساريو" اوفدت احد اعضائها الى جزر لاس بالماسواسبانيا للقيام بتدريب في التسيير المحلي. وفهم ذلك على انه قبول للحل السياسي المقترح. لكن التيار المتشدد داخل الجبهة برر ان ذلك كان موقفا للاستهلاك الخارجي ،وان "بوليساريو" متمسكة برفض الحل السياسي، وضمنه اقتراح المغرب اجراء مفاوضات مباشرة في نطاق السيادة. وكانت الجزائر بدورها اعلنت رفضها الصيغة المغربية، بما يعني ان تهديدات عبدالعزيز لم تكن بعيدة عن الطرح الجزائري، لكن السلطات الجزائرية لم تكن تريد التورط مباشرة في تلك التهديدات، كونها طاولت رعايا اوروبيين وتظاهرة رياضية، لذلك شددت على انها غير معنية بالتهديدات، كون السباق لا يمر عبر اراض جزائرية. الى ذلك، يتوقع ان تطاول تداعيات التهديدات الاخيرة موقف الاممالمتحدة من ادارة النزاع بحثاً عن حل سلمي. وفيما ساد اعتقاد بأن الاممالمتحدة يمكن ان تقرر الانسحاب من الملف، في ضوء تباين المواقف وصعوبة اقرار حل متفق عليه، بدا انها متمسكة بمواصلة مساعيها. وقد سجل ذلك في تحذيرها الموجه الى "بوليساريو"، لجهة اعتبار ذلك خرقاً لوقف النار.