تحولت احدى قاعات قصر اليونيسكو في بيروت محترف رسم، على مدخلها عبارة: "هنا يجري العمل على رسم جدارية تشكيلية عربية تحية للانتفاضة". وفي الداخل لوحات على قماشة طولها 70 متراً وقعها حوالى أربعين رساماً لبنانياً وسورياً. وستبلغ مساحتها مئتي متر مربع بعد مشاركة فنانين ععرب آخرين من غير اللبنانيين والسوريين. يلفت بداية رسم لوجه محمد الدرة، نراه حاضراً بموته. ولكن، للانتفاضة مئات الأسماء والعناوين رسمت في لوحات رمزية وتجريدية، وأخرى مباشرة جداً: نساء حول شهيد، وجوه، شباب، رماة الحجارة، تشييع، جنود اسرائيليون يطلقون الرصاص على من يرمي حجراً، أب وطفل تحت فوهة بندقية اسرائيلية، ونجمة داود تقتل الأزهار، وحمامات سلام... وكوفية. لماذا هذه الجدارية الآن وغضب الشارع العربي شبه مستكين ومعه الفنانون العرب أيضاً؟ توضح منسقة المشروع في لبنان الفنانة التشكيلية سهى صباغ ان الفنان لا يتبع "الصرعات" انما يحتاج الى بعض الوقت ليعبر عن موقفه، و"الموضوع الذي نعبر عنه إنساني، لا ينتهي بحادث. هكذا يقع الفنان تحت تأثير الأحداث، فينزوي في مشغله ليرسم ما يشعر به، ونحن لا نعبر عن الحكومات أو سياساتها، انما الجدارية لتأكيد التضامن مع الشعب الفلسطيني، أكثر من كونها عملاً فنياً". ولدت فكرة المشروع خلال نقاشات طويلة في معرض وسامبوزيوم 2000 الذي تزامن وبداية الانتفاضة في "مونت روزا" قرب بحيرة زرزر في سورية، ليشارك في الجدارية فنانون من كل الدول العربية. وتولى نبيل العنجي تنسيق المشروع في سورية، ثم أرسلت الجدارية الى لبنان وتمت دعوة فنانين محترفين الى المشاركة في هذا الحدث منذ 17 كانون الأول ديسمبر الماضي. لم يلزم الفنانون بأفكار أو مدارس فنية محددة، لكنهم استخدموا جميعاً الأكريليك لأنه ينشف بسرعة على القماش. لم يحدد الى الآن أين ستستقر الجدارية، البعض يهمس بأنه يأمل أن يطلبها الفنانون في فلسطين، وآخرون يقولون انها ستعرض في البلاد التي تطلبها. في أي حال يبدو ان رحلتها لا تزال طويلة. فاليوم الأحد 7 كانون الثاني يناير هو يومها الأخير في بيروت يجري الاحتفاء به بحضور الفنانين الذين أنجزوها وبرعاية النائبة بهية الحريري. ثم سترسل الجدارية الى البحرين فالكويت، وستكثر اللوحات عليها هناك بالطبع، وتأتي كتأكيد بأن الحجر ليس مجرد مادة جامدة. فقد أسبغت عليه الانتفاضتان الفلسطينيتان جمالية وأبعاداً متنوعة، يقرأها رسام وشاعر وكاتب كما يقرأها أيضاً كل من يحب فلسطين. الفنانون الذين شاركوا في الجدارية: من لبنان: عارف الريس، وجيه نحلة، محمد شمس الدين، محمد عوالة، سهى صباغ، عادل قديح، سونيا الرضي، فوزي عبدالساتر، عائدة سلوم، مارون الحكيم، عمران القيسي، فاضل زيادة، جميل ملاعب، عيسى حلوم، رياض عويضة، عدنان خوجة، ومحمد عزيزة. ومن سورية: عروبة ديب، حمود شنتوت، أحمد وإلكا ابراهيم، ليلى نصير، أسماء فيومي، صفوان داكول، مصطفى علي، غسان نعنع، إدوار شهدو عبدالله مراد، ورفاه حسام.