لا شيء يعلو في تونس 2001 على ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي استعدت لاحتضانها في الفترة ما بين 2 و15 ايلول سبتمبر المقبل. وتونس التي تستقبل سنوياً أكثر من خمسة ملايين سائح، خبرت تحديات التنظيم ووطّنت نفسها على الابتسامة الدائمة في وجوه ضيوفها، تعتقد أن تنظيمها الألعاب المتوسطية للمرة الثانية في تاريخها، بعد عام 1967، تحدٍ مضاعف ورهان حقيقي. فالدورة ال14 لألعاب البحر الأبيض المتوسط تتزامن مع خمسينية هذه الألعاب، وهي الأولى في الألفية الثالثة وقياسية في عدد البلدان المشاركة التي تبلغ 23 بلداً، من بينهم الاردن وإمارة اندورا ضيفا الشرف، كما ينتظر أن يتجاوز عدد الرياضيين سقف ال3800 مشارك متقدماً على دورة باري الايطالية 1997 ب300 رياضي. والحقيقة، ان هذا الاصرار التونسي على تشريف العرب باحتضان دورة الامتياز المتوسطية تقف كقاعدة صلبة له إرادة رئاسية للرئيس زين العابدين بن علي، وتشديده على الوقوف على أدق تفاصيل راحة ضيوف تونس وحسن سير الألعاب، مهما كان حجم التضحيات المالية أو الاقتصادية. وعلى بعد كيلومترات من العاصمة تونس، تقع رادس بوابة الضاحية الجنوبية، وقد جمعت من الجغرافيا الارتفاع والبحر والغابة ومن التاريخ الآبار الرومانية وجامع سيدي بو يحيي وبئر الطراز، العين التي يرتوي منها الناس، وفي وسط المدينة شيد لؤلؤة الألعاب "الملعب الأولمبي 7 نوفمر" الذي يتسع ل60 ألف متفرج ومدرجاته مغطاة بالكامل، وستركز في أرجائه مئة كاميرا، وخصص 200 كرسي للمعوقين ومنصة للصحافيين تضم 300 مقعد. وإضافة الى ملعب كرة القدم شيد ملعب مخصص لألعاب القوى بسعة 5 آلاف متفرج، إضافة الى مسبح أولمبي من الطراز الرفيع. وإذ سيحقق هذا الانجاز نقلة نوعية في مستوى البنية التحتية الرياضية في تونس، فإنه يمثل أحد الأضلع الثلاثة لعرس المتوسط التونسي حيث يفتخر التوانسة بتشييدهم لقرية متوسطية هي الأولى منذ ألعاب الاسكندرية عام 1951، خصصت لإيواء الرياضيين وتتألف من 1000 شقة، حرص في هندستها على إبراز الطابع المتوسطي في البناء والألوان البيض والزرق، وستشغل بعد الألعاب من قبل الموظفين وذوي الدخل المحدود، ما يجسد الأبعاد الرياضية والاقتصادية والاجتماعية. كما يسعى التوانسة الى أن يكون مختبر مراقبة تعاطي المنشطات الأول عربياً، جاهزاً في بداية الألعاب وسيجهز وفق أفضل المواصفات العالمية والشروط الأولمبية، وستشغّله خبرات محلية، وهكذا سيكون الملعب الأولمبي وقرية الرياضيين والمختبر مثلث الامتياز في دورة الألفية الثالثة المتوسطية. وإذ جمع رئيس اللجنة العليا المنظمة للألعاب الحبيب عمار بين حزم التكوين وحنكة الديبلوماسي والخبرة بالأوساط الأولمبية الدولية، وقد خلف الراحل عبدالحميد الشيخ، فان اختياره لسليم شيبوب الذي ارتفع بنادي الترجي الى مصاف الأندية المحترفة العالمية، وكذلك لعزيز ميلاد أحد أبرز رجال الأعمال في تونس ولرجل الاتصال والخبير الاعلامي صلاح الدين الدريدري، يطمئن على حجم الاستعدادات ويدفع الى التفاؤل بهذه الدورة، واذا اضيف الى ذلك مناخ الأمن والاستقرار التي تنعم بها البلاد وحفاوة أهلها بالقادمين، فإن "تونس 2001" ستكون فرحة وبهجة لألعاب المتوسط.