تعرض الروائي السوري نبيل سليمان فجر اول من أمس لضرب مبرح من شخصين تربصا له أمام منزله في مدينة اللاذقية الساحلية، ما أدى الى ادخاله مستشفى "الصوفي" في المدينة ووضعه تحت المراقبة الطبية الشديدة بعد معالجة جروح في رأسه ورضوض في جسمه. وفيما لمح عدد من المثقفين الى وجود "بعد أمني - سياسي" وراء الاعتداء، مستندين الى افتتاح سليمان منتصف الشهر الجاري منتدى ثقافياً عن المجتمع المدني، وتعرضه في روايته "سمر الليالي" إلى دور أجهزة الأمن، أكد رئيس "اتحاد الكتّاب العرب" علي عقلة عرسان ل"الحياة" ان اتصالاته ومعلوماته "تؤكد أن لا بعد سياسياً - أمنياً وراء الحادث، وهو عبارة عن حادث جرمي فقط". وشهد مكتب الدكتور عرسان ظهر امس نقاشاً حاداً بينه وبين عدد من المثقفين جاؤوا الى الاتحاد ل"التضامن مع سليمان ضد قوى الظلام مهما كانت". وقال رئيس اتحاد الكتّاب إن ممثلين عنه ومسؤولين محليين في حزب "البعث" الحاكم ومحافظ اللاذقية زاروا الروائي السوري صاحب "دار الحوار للنشر" للاطمئنان الى صحته. وزاد ان "التحقيقات مستمرة بجدية والأمور ليست واضحة الى الآن عن هوية المعتدين، لكن كانت هناك قبل فترة خمسة حوادث مشابهة لاعتداءات لأسباب جرمية". لكن الكاتبة نعمة خالد روت للدكتور عرسان مؤشرات لديها عن وجود خلفية أمنية - سياسية بينها: "أولاً، استدعاء سليمان الى جهاز أمني قبل فترة بسبب تعرضه في رواية "سمر الليالي" لدور الامن. ثانياً، استدعاء آخر بعد افتتاحه منتدى اللاذقية للثقافة حيث دشن ندواته المحامي جاد الكريم الجباعي وعبدالرزاق عيد في 15 الجاري بالحديث عن المجتمع المدني والاصلاح السياسي. ثالثاً، تعرض سيارة الروائي سليمان صباح يوم الخميس لهجوم وتحطيم بابها الأمامي". لكن عرسان ردّ في الحوار الذي حضرته "الحياة" ان الاستدعاء الامني في شأن المنتدى جاء بسبب "عدم وجود ترخيص لديه واستعماله ترخيصاً باسم شخص اخر، كما ان هناك عشرات المنتديات في دمشق التي أعلنت مطالب جريئة لم يتعرض احد لها. ولم أعلم باستدعاء سليمان بسبب روايته"، الامر الذي عادت الكاتبة خالد وأكدته مشيرة الى عدم وجود "أي ترخيص" للمنتديات الاخرى. ولفت الدكتور عرسان الى ضرورة عدم التشويش على الاصلاحات التي تحصل في البلاد بقرار من الرئيس بشار الاسد وبتوجيهات منه، مؤكداً حرص الاتحاد على "حرية التعبير المسؤولة". وسئل اذا كان يمكن تفسير الحادثة بسبب تعرض سليمان في "سمر الليالي" الى معتقدات دينية او قضايا تتعلق بالفساد، فقال: "ان الدولة تعلن حرباً ضد الفساد، وتصون حرية التعبير المسؤولة وفق احترام العقائد والمشاعر الدينية وعدم كون اي من الكتاب فوق القانون"، ذلك بعدما قال ان "كل الاحتمالات ممكنة دراستها". وتناول "الحوار الساخن" موضوع اصدار "بيان باسم المثقفين". اذ قال سعيد البرغوثي ان كل احداث العنف في العالم العربي بدأت بحادثة ثم اتسعت، لذلك "من الضروري شجب العمل بصرف النظر عن المسؤول عنه"، فأجاب عرسان: "أدين من؟ لا يمكن تحديد جهة معينة، وطالما هناك استجابة من الجهات المسؤولة فلا يمكن ان ندين. عندما لا تستجيب نفكر في ما يمكن فعله"، متسائلاً: "لماذا ترسمون هذه الصورة وكأن هناك موجة عنف تواجه البلاد؟". وسألته "الحياة": "هل أنت ضد فكرة صدور بيان ضد العمل؟"، فأجاب الدكتور عرسان: "طالما ان هناك استجابة لا يمكن ان نصدر بياناً". وزاد: "ان اول من بدأ منتديات المجتمع المدني والحريات واحترام حقوق الانسان هو رئيس الجمهورية". ولم يتفق الدكتور عرسان مع اصدار بيان او ارسال وفد باسم "الاتحاد" الى اللاذقية. لكن الروائي خيري الذهبي وضع الحادثة في سياق ما تعرض له الروائي نجيب محفوظ قبل سنوات، وتساءل: "ما الذي يجعل قوى الظلام تخاف من الروائيين؟ لماذا هذا الإصرار على البطش بمن يحاولون صنع صورة المستقبل ولو على ورق؟". ورأى ان ما جرى للروائي سليمان "أمر مريع ومخيف". وكان الشاعر شوقي بغدادي صاغ مسودة بيان باسم الكتاب دان العمل وطالب ب"معرفة الذين يقفون وراءه وان يتم التحقيق بهذا الاعتداء الآثم بأسرع وقت لكشف الغطاء عن الجهة الدافعة والمنفذة، ليس احتراماً لسمعة الكاتب سليمان وحسب وانما لأنه لا يجوز لأي سبب ان يبقى هذا الحادث طي الكتمان، فالشفافية التي طالب بها سيادة رئيس البلاد تعنينا جميعاً من دون تمييز كمثقفين وكمواطنين".